محاكمة «شارلي إيبدو» تكشف المتورطين في شبكات الإرهاب بفرنسا
أعلنت السلطات الفرنسية، الأحد 20 ديسمبر
2020، إلقاء القبض على أربعة مواطنين من أصل باكستاني؛ لتورطهم في الهجوم على صحيفة «شارلي إيبدو»، وذلك بعد
أيام من إدانة 14 شخصًا من قبل المحكمة الفرنسية، في حادث «شارلي إيبدو» الأول في
2015.
تسببت الوقائع المرتبطة بصحيفة «شارلي إيبدو» في لغط واسع داخل فرنسا والعالم الإسلامي أيضًا، ما حدا بباريس إلى القيام بتحركات متتابعة كُشفت على إثرها الكثير من الشبكات الإرهابية سواء التي تعمل على الأرض تنفيذًا لأجندة التنظيمات الإسلاموية أو ما يستخدم من أجل التمويل في الداخل والخارج أو حتى المتعاطفين بما يحملوه من استراتيجيات للذئاب المنفردة.
شارلي ابيدو.. الوقائع والإدانات
في 9 يناير 2015 نفذ متطرفون يتبعون تنظيم «القاعدة» هجومًا بالأسلحة النارية والكلاشنكوف على مبنى صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة، بسبب رسوم كاريكاتورية مسيئة للدين الإسلامي ونبيه الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) نشرتها الصحيفة، وكان أبرز المتهمين في هذه القضية هما سعيد كواشي وشريف كواشي، وهما أشقاء من أصول جزائرية.
وبمناسبة بدء محاكمة المتورطين في هجوم عام 2015 أعادت الجريدة نشر الرسوم الكاريكتيرية المسيئة، ما استغله المتطرفون مجددًا لمهاجمة المبنى، إذ نفذوا في 25 سبتمبر 2020 هجومًا بالسكين ضد اثنين في محيط المبنى القديم للصحيفة.
واستمرت المحاكمة إلى أن أعلن في 17 ديسمبر 2020 إدانة 14 شخصًا في القضية، من بينهم 11 حضروا المحاكمة، وثلاثة أشخاص غيابيًّا، أبرزهم «حياة بومدين» صديقة إميدي كوليبالي الذي قُتل على خلفية تلك الهجمات التي شهدتها باريس في 2015، إذ وصمتها المحكمة بالشراكة في القضية عن طريق التمويل والانتماء لشبكة متطرفة، ولكنها سافرت قبل تنفيذ الهجوم بأيام إلى سوريا، ولم يستدل بعد على ماهية حياتها أو وفاتها.
ومن بين المحكوم عليهم غيابيًّا ذكرت شبكة «بي بي سي» الإخبارية أن «محمد بلحسين» وشقيقه «مهدي» تمت إدانتهما بتقديم مساعدات لوجستية وفقهية من أجل تنفيذ سلسلة العمليات التي تورط فيها تنظيم «القاعدة» على مدار يومين في 5 و7 يناير 2015، ومن غير المعروف أيضًا حقيقة وفاتهما من عدمه، فيما اعتبرت المحكمة أن «علي رضا بولات» البالغ من العمر 35 عامًا هو المتهم الرئيسي بين المُحاكمين حضوريًا، وقضت بسجنه 30 عامًا، مشيرة إلى أن «علي» كان الذراع الأيمن لكوليبالي، ولعب دورًا محوريًّا في الإعداد للهجمات، وكان يعي بخطة الهجوم، ومن ضمن المحكوم عليهم بتهم الانتماء لمنظمات إرهابية وتنفيذ هجمات خلال تلك المحاكمة كان عمار رمضاني ونزار ميكائيل وسعيد مخلوف وأشخاص أخرون من بلجيكا أسهموا في الجريمة.
شارلي إبيدو وشبكات الإرهاب
يبدو أن المحاكمة وما رافقها من أحداث قد أسهمت في الكشف عن شبكات إرهابية تعيش في فرنسا، وتهدد أمنها القومي، إذ أعلن مكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب في البلاد أن الباكستانيين الأربعة المقبوض عليهم ضمن الحملات الأمنية لتقويض الشبكات الإرهابية، متورطون في الهجوم بالسكين الذي نفذه المتطرفون في محيط المبنى القديم لصحيفة شارلي إبيدو في 25 سبتمبر 2020، والذي أدى إلى إصابة شخصين.
وتتراوح أعمار المشتبه بهم بين 17 و21 عامًا، وكانوا على علاقة بمنفذ الهجوم وبخطته، وحرضوه على التنفيذ، وتنتشر إقامتهم في مناطق متفرقة بينها باريس ومقاطعة جيروند بجنوب غرب البلاد وكاين بالشمال.
وفي 29 سبتمبر 2020 ألقت السلطات الفرنسية القبض على 29 شخصًا لتشكيلهم شبكة لتمويل المجموعات المتطرفة عبر العملات المشفرة، وتعتقد فرنسا بتبعيتهم للقاعدة، وأنهم يرسلون الأموال للمسلحين في سوريا والعراق، ولكن المتهمين نفوا، معللين إرسال الأموال لأطفال المخيمات، وبالتالي فإن حادثي «شارلي إبيدو» والمحاكمة الأخيرة التي جرت على إثرهما أسهمت في كشف شبكات إرهابية على الأراضي الفرنسية، بما يبرهن بأن التطرف لم ينته بعد، وأن عدم تنفيذ الهجمات بكثرة لا يعني اندثارها، ولكنها فقط تتحسب اللحظة المناسبة ما تحاول السلطات منعه.
المزيد. حادث شارلي أبيدو الأخير.. مخالب الذئاب المنفردة تنهش وتجرح وجه باريس





