ad a b
ad ad ad

بالقوة الناعمة.. أردوغان يسعى بطرق خفية لخطف البلقان

الثلاثاء 22/ديسمبر/2020 - 11:43 ص
المرجع
شيماء يحيى
طباعة

خلال السنوات الماضية اتسمت السياسة التركية تجاه دول البلقان بالقوة الناعمة ذات طابع استعماري، ورغبة توسعية تتمدد وتظهر تحت أشكال عدة على خلاف ما تُبدي، عن طريق السياسة الاقتصادية والثقافية التي تسمح لها بالتوغل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، خاصةً البوسنة وكوسوفو؛ إذ سمحت الأزمات الاقتصادية المتراكمة التي خلّفها إهمال الدول الأوروبية بفرصة للمستعمر التركي للتسلل إلى الداخل.


نفوذ أردوغاني


شكّل التاريخ عامًلًا مهمًّا؛ إذ يحتل البلقان أهمية خاصة لدى الأتراك، ففي السابق كانت جزءًا كبيرًا من الإمبراطورية العثمانية، ليس فقط من حيث المساحة الجغرافية، ولكنها من حيث كوادرها ذات الأصول البلقانية، فضلًا عن موجات هجرة المسلمين إلى الأناضول في أواخر القرن الـ19، واستمرت حتى العقود الأولى للجمهورية التركية.


وقد استغلت السياسات التركية عامل التاريخ بينها وبين البلقان وأفضت إلى تشابكات لا يمكن التخلص منها، بدت واضحة في رغبة تركيا في إرجاع الإرث العثماني بالمنطقة، بالمؤسسات التركية الاجتماعية والفوائد الاقتصادية، وجعلها ورقة سياسية في أوروبا الشرقية، مما يتيح الفرصة لأردوغان أن يستغل كل هذا كورقة ضغط على الدول الأوروبية تحت شعار ديني أو بما يوصف بـ«العثمانية الجديدة».


ونتج عن تلك السياسات تجاه دول البلقان مناخًا مواتيًّا للدول الصديقة لممارسة دور مشابه في إطار الأجندة الدولية الداعمة لتيارات الإسلام السياسي، وأبرز هذه الدول كانت الإمارة القطرية التي تستغل برامجها الخيرية والاقتصادية للوجود في المنطقة.


للمزيد.. الاسم قطر.. والوظيفة رعاية الإرهابيين حول العالم


توظيف الدين


سعت تركيا طوال فترة بعيدة من الزمان لاستعادة ما تسميه «بالروابط العثمانية بين المسلمين» في البلقان، وقد تبنى الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» منذ عام 2002 سياسات كبيرة في التعامل مع الدول الإسلامية، سعيًّا خلف النزعة الدينية للشعوب المسلمة في خدمة الأهداف الاستعمارية التوسعية، مما دفع القادة لإطلاق تحذيرات من توسع النفوذ التركي.


وقد لعبت أنقرة على استغلال النواحي الاجتماعية والتعليمية والثقافية، وهمت في بناء العديد من المساجد، وترميم ما يعتبر تراثًا منها، وفي مايو 2019 تم إعادة البوسنة افتتاح مسجد «Aladza» بمساهمة مالية تركية ضخمة، وذلك بعد 30 عامًا من تدميره خلال حرب الانفصال عن يوغوسلافيا، وفي عام 2015 افتتح الرئيس التركي بعاصمة ألبانيا تيرانا مسجدًا ضخمًا تكلف تشييده حوالي 30 مليون دولار.


وأثير جدل كبير في كوسوفو بين المواطنين تسبب فيه التمويل التركي الضخم للمساجد، مما دفعهم إلى التهديد بقتل مفتي البلاد إذا استمرت الحكومة في بناء المساجد على الطراز العثماني بمساعدة تركية، معتبرين إياه غزوًا جديدًا، ولكن الحكومة غضت بصرها عن ذلك الغضب، وتابعت جلب المال التركي إلى المؤسسات الدينية باعتبارها دولة داعمة للإسلام السياسي.


للمزيد.. هل تتحالف المعارضة التركية مع أوروبا لإجبار «أردوغان» على وقف استفزازاته؟


فرض النفوذ على التعليم والصحة


ولم يغفل الرئيس التركي عن فرض سيطرته على القطاع التعليمي بالبلقان، خاصةً في البوسنة والهرسك، من خلال توسيع تدريس اللغة التركية بالمدارس والمعاهد؛ حيث توغلت اللغة في البلاد لتكون الأولى بين اللغات الأجنبية التي يقدم الطلاب على تعلمها بالبلاد.


أما في جانب القطاع الصحي، استثمرت تركيا أزمة انتشار فيروس «كوفيد-19» للسعي خلف تقارب أكثر وتوغل أكثر، مستغلة مؤسسة التعاون والتنسيق التركية «TIKA» في تقديم إعانات صحية على شكل مستلزمات طبية عاجلة في دول عدة مثل البوسنة والهرسك وكوسوفو ومقدونيا، فضلًا عن استقبالها مرضى من البلقان لعلاجهم بأنقرة.


وبحسب الوكالة الرسمية في تركيا «الأناضول»، فقد أعلنت وكالة التعاون والتنسيق التركية «TIKA» في 9 يناير 2020، أنها نفذت 900 مشروع في البوسنة منذ انتهاء الحرب.


علاقات سياسية مشتركة


أخدت العلاقات السياسية بين تركيا والبلقان تتضح بشكل أوسع مع تأسيس منظمة «التعاون في جنوب شرق أوروبا» المعروفة بـ«SEECP» في 1996، والتي شملت علاقات تعاون بين أنقرة وألبانيا وكوسوفو والبوسنة ومقدونيا والجبل الأسود وبلغاريا وصربيا وغيرها من دول المنطقة.


وفي عام 2008، استطاعت المنظمة تطوير مجلس تعاون إقليمي يمول بشكل جزئي من الاتحاد الأوروبي لدعم تلك الدول وتحسين اقتصادها، وقد طمحت المؤسسة إلى تحسين الجوار بين تركيا والبلقان، وكذلك الاتحاد الأوروبي؛ حيث إن أنقرة تزعم مساعدتها عبر المؤسسة لانضمام الدول إلى تكتل بروكسل، كما يعول البعض على المؤسسة في انضمام بعض الدول إلى حلف الناتو كمقدونيا الشمالية وألبانيا والجبل الأسود.


للمزيد.. أوروبا تؤدب المستفز.. عقوبات رادعة في انتظار أردوغان

"