سيناريو الفشل والمراقبة.. الأزمة الليبية بين أوباما وترامب
الخميس 26/نوفمبر/2020 - 12:00 م
مصطفى كامل
مع دخول ليبيا في فوضى عارمة عقب الإطاحة بنظام معمر القذافي، كان التدخل الأمريكي ظاهريًّا محاربة التنظيمات الإرهابية، لإعادة استقرار البلاد؛ حيث اعترف الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بفشل إدارته في إدارة الملف الليبي، عقب الإطاحة بنظام القذافي، وإثارة الفوضى داخل البلاد، فيما عبر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، بأنه لا يرى دورًا لأمريكا في ليبيا؛ حيث وقفت إدارته أمام التدخلات العسكرية في ليبيا موقف المراقب فقط، رغم ما تمثله العاصمة طرابلس من أهمية للشريك الأمريكي الغائب.
فشل أوباما في إدارة الملف
اعترف الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، بأن الملف الليبي كان من أسوأ أخطائه، قائلًا: «أخطأنا في ملف ليبيا.. الفشل كان في التخطيط للأيام التي تأتي بعد سقوط القذافي»، مؤكدًا أن الوضع في ليبيا خرج عن السيطرة وتحول إلى فوضى، الأمر الذي يعد دليلًا على فشل الإدارة الأمريكية، باعتراف من رئيسها، في التعامل مع الملف الليبي.
وكشفت التصريحات السلبية لـ«أوباما» والتدخلات المحدودة التي لم ترق إلى تطلعات الليبيين، ولا التطلعات الإقليمية والعالمية، وكشفت رغبة الرئيس الأمريكي في تنحية «القذافي» من الحكم -آنذاك- أكثر منها تهدئة البلاد وحل أزمتها المزمنة، وألقى أوباما بشماعات الفشل على الأوروبيين؛ حيث قال في إحدى تصريحاته أنه كان يعول عليهم بشكل كبير للقيام باستثمار التدخل والتفكير في مرحلة ما بعد القذافي، وذلك بالنظر إلى القرب الجغرافي من ليبيا، معبرًا عن انتقاده للأوروبيين؛ لأنهم لم يقدموا على أي خطوة لإنهاء الفوضى.
وتعرض «أوباما» لانتقادات داخلية منذ بداية الأزمة الليبية ومشاركته في التدخل العسكري لحلف الناتو في ليبيا؛ حيث تقدم نواب أمريكيون بشكوى أمام محكمة فدرالية في واشنطن على قراره الذي تجاوز موافقة الكونجرس للبدء بعمليات عسكرية في ليبيا، وتدعو الشكوى إلى حماية الشاكين والبلاد في مواجهة سياسة أوباما في ليبيا.
وأكد نواب الكونغرس -آنذاك- أن سلوك الإدارة ينتهك معاهدة حلف شمال الأطلسي التي صادق عليها الكونجرس الأمريكي، وأن استخدام الأموال للعمليات في ليبيا من دون موافقة الكونجرس يناقض الدستور، معتبرين أن أوباما لم يحترم قانون 1973 الذي وضع للحد من سلطات الرئاسة في شأن إعلان الحروب.
فيما كان لوثائق هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، وهي الوثائق التي أفرج عنها مؤخرًا، دور كبير في كشف الكثير من الحقائق، حيث أجابت بوضوح عن التساؤولات، وكشفت للعيان أسرار العلاقات بين أوباما وهيلاري، وكل من الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي وقطر وجماعة الإخوان؛ بهدف نشر الفوضى في الشرق الأوسط، والإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي بليبيا، الذي بدأت شعبيته تزداد وثروته ومخزون بلاده النفطي يزداد خاصة بعد تأميميه للنفط، وكل القطاعات الاقتصادية، مضيقا بذلك الخناق على الشركات العالمية، فكان لابد لهذه الأطراف من الحفاظ على مصالحها وفرض هيمنتها على أفريقيا، فأحدثت الفوضى في ليبيا لكنها لم تحسن التخطيط لكبح جماحها؛ ما أدخل البلاد في سراديب الصراعات والتشتت.
ترامب.. دورنا غير مرئي
في المقابل، عند تولي دونالد ترامب زمام الولايات المتحدة الأمريكية، تطلع الكثيرون بآمال كبيرة لعهدة جديدة ستقطع مع الفوضى، وتحد من تمركز الإخوان، لكنه صدم الجميع بتصريحه الشهير في 20 أبريل 2017، مع رئيس الوزراء الإيطالي السابق باولو جينتيلوني، حين طالبه بدور أكبر في الملف الليبي، فأجاب ترامب بأنه «لا يرى دورًا لأمريكا في ليبيا».
وأضاف أن الولايات المتحدة، تقوم حاليًّا بالعديد من الأدوار بما فيه الكفاية في أماكن مختلفة من العالم، مفيدًا في تصريح لاحق بأن الدور الأمريكي هناك يقتصر على محاربة الإرهاب، والجماعات المسلحة فقط، واضعًا بذلك نقاط استراتيجيته السلبية على حروف الأزمة الليبية التي تعمقت ودخلت في منعرجات خطيرة من الحروب والصراعات.
موقف المراقب
وبالرغم من تنامي التدخلات التركية عسكريًّا واقتصاديًّا، وتغلغل ميليشياتها في المشهد الليبي بطرابلس، وقفت الإدارة الأمريكية في عهد ترامب موقف المراقب، رغم ما تمثله العاصمة طرابلس من أهمية للشريك الأمريكي الغائب، حيث أصدر «بريكينج ديفينس» الموقع الأمريكي المعني بالتحليلات السياسية، والمتخصص في القضايا العسكرية والجيواستراتيجية، تقريرًا يندد بالموقف الأمريكي الضبابي، وأوصي فيه الإدارة الأمريكية بضرورة صياغة موقف مباشر من الأزمة الليبية المحتدمة.
تدخل نشط
في الجهة المقابلة، كانت العقوبات المالية التي فرضتها الخزانة الأمريكية على شبكة تهريب ليبية في مالطا كانت إشارة لتعمق الإدارة الأمريكية في الصراع الليبي، إذ أكدت بشكل مباشر أنها ستواصل اتخاذ إجراءات ملموسة ضد أولئك الذين يقوضون السلام والأمن والاستقرار في ليبيا، حيث قال مستشار الأمن القومي لترامب، روبرت أوبراين، في بيان له: إن الولايات المتحدة تعارض بشدةٍ التدخل العسكري الأجنبي، ومن ذلك استخدام المرتزقة والمتعاقدين العسكريين الخاصين، من جانب أي طرف، مشددًا على أن الولايات المتحدة طرف فاعل، ولكنه محايد في الصراع الليبي، ومن الواضح أنه لا يوجد جانب رابح في الأزمة الليبية.
فيما قال مراقبون، أن تدخل إدارة ترامب كان نشيطًا خاصة في الآونة الأخيرة، حينما عمقت الأزمة مشاكل النفط وأوقفت إنتاجه، ومع تراجع مخزونات النفط الخام الأمريكي، حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، وجدت أمريكا نفسها ملزمة على التدخل في الأزمة الليبية، حيث أعلنت واشنطن في بيان لها معارضة البيت الأبيض بشدة التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا وحقولها النفطية، مشيرة إلى متابعة شخصية من الرئيس دونالد ترامب للملف الليبي بالتواصل مع عدة قادة حول العالم.
وتباحث وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو مع نظيره المصري سامح شكري في محادثات سبل وقف دائم وفوري لإطلاق النار في ليبيا للحفاظ على استقرار المنطقة بأكملها.





