ad a b
ad ad ad

قراءة في حوار ماكرون للجزيرة.. فرنسا تحارب التطرف وتحترم الإسلام

الثلاثاء 03/نوفمبر/2020 - 10:19 ص
المرجع
نهلة عبدالمنعم
طباعة

شهدت فرنسا مؤخرًا سلسلة من العمليات الإرهابية المتتالية بعد ما تسمى أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى وقع الاستخدام السياسي للأحداث بباريس إلى جانب تزايد الكراهية ضد البلاد ومواطنيها ودعوات المقاطعة لمنتجاتها الاقتصادية، اضطر الرئيس إيمانويل ماكرون للحديث عن وجهة نظره تجاه الوقائع الأخيرة مخاطبًا العالم الإسلامي في حديث بثته الجزيرة القطرية في 31 أكتوبر 2020.


قراءة في حوار ماكرون

تصعيد دموي


بدأت الحوادث الإرهابية تأخذ منحى التصعيد في البلاد منذ هجوم بسكين نفذه متطرف مصيبًا اثنين من المواطنين في 25 سبتمبر 2020 بالقرب من المقر القديم لمجلة شارلي ايبدو لإعادتها نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد بالتزامن مع محاكمة المسؤولين عن هجوم 2015 الذي نفذته القاعدة ضد العاملين بها تحت مبرر الرد على الرسوم الكاريكاتيرية.


ومن ثم تطورت الأمور في البلاد إذ عرض مدرس تاريخ يدعى صموئيل باتي على طلابه رسومًا مسيئة للرسول، ما أدى إلى حالة من الغضب استغلها أحد المتطرفين ذو الأصول الشيشانية وقطع رأسه في جريمة بشعة في 16 أكتوبر 2020، استنكرها العالم الإسلامي أجمع مؤكدًا أن الذبح ليس من التعاليم الإسلامية المقابلة للرد على الإساءة.


وخلال مراسم تأبين المدرس الفرنسي، وما أعقبه من تجاذبات فكرية حول الخلط بين الإسلام كدين والإرهاب، دافع الرئيس إيمانويل ماكرون عن حرية الرسم الكاريكاتيري وديمقراطية الصحافة الفرنسية، ما فسر كونه تحديًا لمشاعر المسلمين الغاضبة من الإساءة لنبيهم الكريم.


 وتحت وطأة الصراع السياسي المشتعل بين فرنسا وتركيا استغلت الأخيرة هذا الخطاب لتحريك الغضب ضد الجمهورية الفرنسية، وتقديم أردوغان في ثوبه المفضل كمدافع عن الإسلام ليحتدم الصراع، الذي انتقل للمجتمعات الإسلامية ووصل حد المقاطعة التجارية، وبالطبع استغلته أنقرة أيضًا مطالبة شعوب المنطقة باستبدال المنتج الفرنسي بالتركي للضغط على ماكرون المعارض لسياستها بالشرق الأوسط وبالبحر المتوسط.


قراءة في حوار ماكرون

ماكرون في الصورة


إزاء الوضع المتفجر خرج إيمانويل ماكرون لتبرير حديثه السابق قائلًا بإن تصريحاته تعرضت لإساءة فهم أو ربما لتضليل سياسي لصالح بعض القوى المناوئة، مضيفًا بأن بلاده ليس لديها أي مشكلة مع الأديان الأخرى، وأن الإسلام يمارس بداخلها بكل حرية، وأن رسالته الأساسية هو التعايش بسلام مع جميع البشر أيًا كانت ديانتهم.


وعن موقفه من الكاريكاتير وما فهم عنه بكونه دعمًا للرسوم المسيئة للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) قال إن تصريحاته بشأن هذا الأمر جرى تحريفها، فهو لم يقصد دعم إهانة الإسلام، ولكنه يؤكد أن حرية الصحافة ومن ثم الرسوم الكاريكاتيرية هو أمر مهم لفرنسا يرتبط بقوانينها الموضوعة منذ القرن التاسع عشر، والتي تحترم حرية الرأي والتعبير أيًا كانت.


وشدد ماكرون على أن الرسوم ليست توجهًا من الحكومة أو تخرج عنها، ولكنها تصدر عن صحف خاصة ومستقلة لا تدعمها الدولة، ولكنها تحمي القائمين عليها بموجب القانون، لافتًا إلى أن هذا الوضع متجذر بفرنسا ولا يمكنه تغييره بل عليه احترامه وتقديره للحفاظ على مساحة الحرية والمعتقد المتاحة بالبلاد.


مضيفًا بأن المجلات ومنها شارلي ايبدو ترسم صورًا مسيئة للجميع وليس فقط الإسلام، بل ضد المسيحية واليهودية وجميع الساسة بمن فيهم ماكرون نفسه، ولا يمكنني مصادرتها بل الدور المنوط برئيس الجمهورية هو الحفاظ على الحقوق الدستورية التي سنها الشعب لاعتبار فرنسا علمانية تحتضن جميع الأطياف.


وبسؤاله حول ما يروجه البعض عن أن فرنسا تعاقب عن المعاداة للسامية، ولكنها تأخذ موقفًا معاديًا للإسلام؟، نفى ماكرون ذلك مؤكدًا في مرات عدة بالخطاب بأنه استغلال سياسي حرف كلماته، فبرأيه الدستور الفرنسي يعادي العرقية والتعصب ضد أي طائفة، ولكن الصحافة تمارس حقوقها في انتقاد الجميع بمن فيهم الحاخامات.


تسييس الأزمة


يتضح من حديث ماكرون تأكيده على أن تصريحاته تم تحريفها، وأنه لم يقصد إهانة الإسلام الذي يكن له كل الاحترام، كما أنه كان حريصًا للرد على دعوات المقاطعة باعتبارها سيئة للغاية أن تفرض مقاطعة شعب لانه يمارس حريته، مضيفًا أنه إذا سمح للسلطات بالتضييق على المواطنين لأن بعض كتاباتهم تزعج الآخرين ستتقلص مساحة التعبير بالبلاد، ما يتنافى مع المكتسبات التاريخية للبلاد المعترفة بجرائمها الاستعبادية والعدوانية تاريخيًّا، مطالبًا الجميع باحترام التاريخ.


ويبدو أيضًا أن ماكرون يهدف بالحديث حلحلة الحملة المطالبة بمقاطعة المنتجات الفرنسية مشككًا بها في ظل إرادة سياسية من جانبه لتهدئة الأوضاع بالبلاد بعد الهجوم المروع الذي نفذه التونسي إبراهيم العويساوي بالقرب من كنيسة نوتردام في نيس في 29 أكتوبر 2020 قاطعًا رأس اثنين وقتل الثالث في مشهد دموي بغيض.


وتجدر الإشارة إلى أن حديث ماكرون يتوازى مع رغبته في تهدئة الأوضاع في البلاد، لتفويت الفرصة على الحملات السياسية المبطنة، والتي تسعى لعرقلة مساعيه نحو التضييق على الجماعات الإسلاموية بالبلاد، لا سيما جماعة الإخوان صاحبة المؤسسات المنتشرة بالبلاد، والتي أغلقت مؤسسة يعتقد بتبعيتها لها خلال أكتوبر 2020 على خلفية الأحداث الأخيرة، وهي جماعة الشيخ ياسين، وجرى التحقيق مع القائمين عليها، وبالأخص مع تأكيده بأنه يفرق بين الإسلام ومن يستغله كالمجموعات المتطرفة التي تهاجم المسلمين أيضًا.


المزيد.. ذئاب الإرهاب ترتع في أوروبا.. وفرنسا وألمانيا تحذران من الفوضى

"