ألمانيا والمشهد المعقد.. برلين تسعى لتوازن أمني بين رفض اللجوء وتحجيم الإرهاب
تختبر ألمانيا وضعًا معقدًا حول ملف
الجماعات الإسلاموية المنتشرة على أرضها، إذ عاد الصخب الإعلامي والمجتمعي لتناول
تطبيق الإجراءات المناسبة لتقويض التطرف في ظل معضلات دستورية وعمليات هجومية
متوالية يحيط الاضطراب بمنفذيها.
ففي 21 أكتوبر 2020 أعلنت السلطات الألمانية القبض على المتهم بتنفيذ عملية طعن وقعت في 4 أكتوبر 2020 بمدينة درسدن بشرق البلاد وأسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخر، إذ أكدت السلطات أن المشتبه به يبلغ من العمر 20 عامًا وهو لاجئ سوري دون أن تفصح عن باقي التفاصيل الشخصية الخاصة به ولكنها اكتفت بتاريخه في التطرف.
مرفوض اللجوء
إذ أشارت الأجهزة الأمنية إلى أن اللاجئ الشاب وصل إلى البلاد في 2015 ولكن رفضت البلاد إعطاءه اللجوء قانونيًّا، كما أنه سبق وحكم عليه بالسجن عامين ونصف العام لتنفيذه اعتداء يهدد الأمن القومي للبلاد، فضلًا عن اتهامه بالانضمام لتنظيم داعش والحشد من أجله.
الترحيل والتطرف
يؤدي ارتباط تلك الواقعة بمواطن رُفض طلب لجوئه، ولكنه لم يُرحل سريعًا إلى طرح التساؤلات حول الإستراتيجية الألمانية لمكافحة الإرهاب على أرضها، وبالأخص أن هذه ليست الحالة الأولى من نوعها.
فالعملية التي نفذها عراقي الأصل في 19 أغسطس 2020 مصطدمًا بسيارته مع عدد من السيارات الأخرى على الطريق السريع ببرلين، كان لديه ذات الإشكالية، إذ ترفض الحكومة إعطاءه اللجوء قانونيًّا ولكنها أيضًا لم ترحله من البلاد بالسرعة المطلوبة، بل تُرك حتى نفذ هجومًا كان من المحتمل أن يؤدي إلى خسائر بشرية.
وبالتالي فأن تعقد عملية الترحيل؛ وفقًا للسياسات الألمانية، قد أدى خلال الفترة الأخيرة إلى وقوع هجمات متكررة في ذات السياق، وحول هذا الأمر قال رئيس المركز الأوروبي لدراسات الإرهاب والاستخبارات، جاسم محمد إن الاستخبارات الألمانية تدرك أن أغلب الهجمات الإرهابية التي نفذت مؤخرًا كانت عبر الأشخاص الذين رفضت طلبات لجوئهم.
وأفاد جاسم في تصريح إعلامي؛ بأن وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر قد طالب حسم ملف الأشخاص المرفوضة طلبات لجوئهم، لحل تلك الأزمة المتفاقمة، ومن ثم تنفيذ الترحيل القسري لهم، قبل الانخراط في هجمات أكثر قسوة، مشيرًا إلى أن برلين اختبرت عمليات الذئاب المنفردة، وإن كانوا غير مرتبطين بالتنظيم ولكنهم فكريًا يمثلون خطرًا كبيرًا على الأمن الألماني.
لتصاعد الهجمات الإرهابية في ألمانيا
يذكر أن ألمانيا؛ وإن كانت تطالها عمليات إرهابية متفرقة فأنها لم تختبر حدة العنف التي وصلت لها فرنسا خلال 2020، ولكن لاتزال برلين أمام مشهد معقد، فمن جهة؛ يشكل من رُفضت طلبات لجوئهم خطرًا على الأمن القومي للبلاد، ومن جهة أخرى تنتشر المنظمات التابعة للجماعات الإسلاموية الراديكالية، فبالنسبة للإخوان فمؤسساتهم في برلين تمثل بداية الانتشار في القارة العجوز، وعليه فهي تكتسب بعدًا مهمًا لدى التابعين، وأما السلفيون فتحذر جهات الاستخبارات الألمانية من سيطرتهم على بعض المساجد والمراكز الثقافية.
إذ أصدر مكتب حماية الدستور بولاية وستفاليا، شمال الراين، في يونيو 2020، تقريرًا محذرًا من احتمالية استهداف البلاد بهجمات متطرفة، مقدمًا ملاحظاته حول انتشار السلفيين وسيطرتهم على بعض المؤسسات فضلًا عن جماعة الإخوان التي تمثل المرجعية الأكثر خطورة على قيم البلاد الديمقراطية.
إلى جانب ذلك، فلا تزال ألمانيا تعاني من تصاعد في أعداد المنتمين لحزب التحرير الإسلاموي، رغم صدور قرار رسمي بحله، ما يزيد معه احتمالية تصاعد الخطر العنيف بالبلاد مع وجود مهمشين غير محسوم وضعهم القانوني، ما يصعد من احتضانهم من أية جماعة فاعلة على الأرض.
المزيد.. تعاون «السلفية الجهادية» والعائدين من «داعش» يضع ألمانيا في دائرة الخطر





