«الظواهري» يَفْتَتِح عامه السابع من «التخبط» في زعامة «القاعدة»
السبت 16/يونيو/2018 - 06:54 م
أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة
سارة رشاد
سبع سنوات تمرُّ، اليوم، منذ إعلان ما يُسمى بـ«القيادة العامة لجماعة قاعدة الجهاد»، في بيان بثَّه «مركز الفجر الإعلامي» (اللجنة الإعلامية لتنظيم القاعدة) بتاريخ 16 من يونيو عام 2011، اختيار أيمن الظواهري زعيمًا جديدًا للتنظيم خلفًا لـ«أسامة بن لادن»، الذي قُتِل في عملية أمريكية، في الثاني من مايو من العام نفسه.
أيمن الظواهري، مصري قادم من إحدى ضواحي حي المعادي الراقي بمحافظة القاهرة؛ كان أحد مؤسسي تنظيم «الجهاد الإسلامي المصري»، الذي قام عليه تنظيم القاعدة فيما بعد، في العام 1988، ولعب الجهادي المصري دورًا بارزًا في التنظير الشرعي، واستقطاب المتطرفين من أعضاء تنظيمه القديم «الجهاد» لضمهم لـ«القاعدة»، ولم يشفع هذا الدور المهم لـ«الظواهري» فقد بقي طوال فترة زعامة «بن لادن» في منطقة الظل، وظلَّ منذ تأسيس التنظيم مجرد رجل ثانٍ.
وينسب لـ«الظواهري» إقناعه «بن لادن» بمصطلح «تكفير الآخر»، وبناءً على هذا كان مختطفو طائرات 11 سبتمبر ينفذون فكر «رجل القاعدة الثاني».
شهدت السنوات السبع الماضية (فترة إدارة الظواهري لـ«القاعدة») تخبطات عديدة، أبرزها الخلافات التي نشبت بينه وبين ما يُسمى بـ«هيئة تحرير الشام» (فرع التنظيم في سوريا)؛ فبعدما قرر أفراد «القاعدة» في سوريا فك ارتباطهم بالتنظيم، في 2016، لظروف تتعلق بالمشهد السوري الأهم دوليًّا، دخل «القاعدة» وامتداده في سوريا في مشاحنات كلامية حتى منتصف 2017.
واتهم تنظيم «القاعدة» -وقتها- «تحرير الشام» بالتعاون مع تركيا والتخلي عن معتقداته العقدية، لتكشف الهيئة في المقابل -على لسان أحد شرعييها ويُدعى عبدالرحيم عطون، الملقب بـ«أبوعبد الله الشامي»- عن أن «القاعدة» يُدار من إيران من خلال مجلس ثلاثي أَمَرَ «الظواهري» بتشكيله من قادة قاعديين لم يُسمِّ منهم إلا «أبوالخير المصري»، الذي خرج من إيران إلى سوريا في 2015.
و«الظواهري»، ذلك الطبيب المصري، أجاد وببراعة، منذ تأسيس تنظيم القاعدة عام 1988، القيام بدور الرجل الثاني والذراع اليُمنى لـ«بن لادن»، وهو الدور الذي يبدو أنه لم يفارقه حتى بعد تنصيبه زعيمًا للتنظيم الإرهابي؛ إذ لا يفوت الزعيم القاعدي الجديد (ولو لمرة واحدة حين يقرر الخروج فيها على أتباعه) أن يتذكر سيده الراحل إما بعبارة وإما بتسجيل تحريضي.
ويُفسر نبيل نعيم، الجهادي السابق، ذلك بـأن طبيعة عناصر الجماعات الجهادية تجعلهم يقدسون المؤسس حتى بعد وفاته، مشيرًا إلى أن «بن لادن» يتمتع بـ«كاريزما» جعلته صاحب مكانة عالية في نفوس عناصر القاعدة بعكس «الظواهري»، ولم يشفع لزعيم التنظيم الجديد الدور التنظيري والفكري الذي كان يقوم به، إذ يظل لـ«كاريزما» بن لادن التأثير الأقوى.
التراجع وفرص الصعود
تُعدُّ الفترة التي تولى فيها «الظواهري» زعامة تنظيم القاعدة إحدى أهم الفترات التي مرَّ بها هذا الكيان الإرهابي؛ فـ«القاعدة» الذي غاب نسبيًّا عن المشهد الدولي منذ عمليته الأبرز في 11 من سبتمبر عام 2001، واجه أكبر التحديات مع إعلان منافسه تنظيم «داعش» عن دولته المزعومة.
تلك الدولة المزعومة؛ مثّلت ضربة فكرية لـ«القاعدة» الذي طالما رأى أن الظروف مازالت غير مناسبة لإقامة «دولة الخلافة»، وبما أن «داعش» استطاع تحقيق حلم «الدولة المزعومة»؛ فقد بات في نظر أصحاب الفكر الجهادي الأجدر بالمبايعة.
هذا الواقع الذي أقره تنظيم «داعش»، بالتزامن مع حالة السيولة التي عاشتها العديد من المجتمعات العربية جراء ما عُرف بـ«الربيع العربي»، فرض على «الظواهري» ضرورة الحفاظ على نفوذ تنظيمه على الأقل، إذا لم يقم بمحاولات مضاعفة هذا النفوذ، مستغلًا ظروف الاحتجاجات التي أضعفت سيطرة الحكومات.
مضاعفة النفوذ
وحول نجاح زعيم «القاعدة» الجديد في مضاعفة نفوذ تنظيمه أو فشله في ذلك، تقول الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن «الظواهري» فشل في الحفاظ على أي وجود لتنظيمه خلال فترة صعود «داعش»، مشيرة إلى أن «القاعدة» خسر كل حضوره تقريبًا لصالح «داعش» الذي نجح في استقطاب عناصر وقيادات تنظيم الظواهري.
وترى «الشيخ»، في تصريحات لـ«المرجع»، أن تنظيم القاعدة استعاد جزءًا من حضوره خلال العامين الأخيرين، ليس لجهود مبذولة من قياداته، ولكن لتراجع «داعش»، مؤكدة أن ما يمر به «القاعدة» في الفترة الراهنة يُسمى بـ«إعادة إحياء» وليس «تمددًا»، مشيرة إلى أن هناك اتفاقًا دوليًّا سمح لـ«القاعدة» بالعودة لشغل الفراغ الذي خلفه «داعش».
وفي السياق ذاته، يرى طارق أبوالسعد، الإخواني المنشق، في تصريحات لـ«المرجع»، أن عودة «القاعدة» للمشهد ليس سببه وجود اتفاق دولي يقضي بذلك، ولكن السبب الحقيقي هو عدم وجود اتفاق دولي يُقضى بموجبه على هذا الكيان الإرهابي، مقارنًا الوضع بين «القاعدة» و«داعش» الذي فقد كل المساحات التي كان يُسيطر عليها منذ أن اتفقت الدول الإقليمية والدولية على محاربته والقضاء عليه.
ملامح العودة
ويستند الداعمون لسيناريوهات نجاح تنظيم القاعدة في العودة؛ إلى حالة التأهب التي بدأها التنظيم، والتي من بوادرها الإصدارات الصوتية التي يظهر فيها «الظواهري»، والتي يقصد القائمون عليها تغطية كل أماكن حضور التنظيم، أو تلك التي يسعى إلى الوجود فيها؛ فتارة يتحدث عن الأوضاع في اليمن، وأخرى عن المغرب العربي، وثالثة عن سوريا أو قلب أفريقيا.
كما اعتمد التنظيم أسلوب الإدارة اللامركزي، إضافة إلى تسخير بعض منابره الإعلامية لانتقاد «داعش» وتفنيد فكره، حتى يُخيل أن جزءًا أساسيًّا من خطاب «القاعدة» اليوم هو الهجوم على الدواعش وسبهم علنًا، وهو ما فُسِّر بأنه ضعف من «ورثة بن لادن»، إذ لم يعد لديهم ما يتحدثون عنه إلا مناطحة المنافس.
ومن ملامح التأهب لعودة «القاعدة» من جديد؛ دفع التنظيم بـ«حمزة بن لادن»، نجل زعيمها الراحل، إلى المشهد، وتوضح الدكتورة نورهان الشيخ، قائلةً: إن التنظيم يبحث عن وجه جديد يتلاءم مع المرحلة المقبلة، مشيرةً إلى أن زعامة «الظواهري» ليست سوى مرحلة انتقالية بين «بن لادن» ونجله.
وتؤكد «الشيخ»؛ أنه على الرغم من الدور التنظيري القوي لـ«الظواهري» وكونه أحد الأعمدة التي قام عليها التنظيم؛ فإن ذلك لا يمنع من وجود دفعة من بعض الدول الإقليمية لتنصيب «حمزة» على رأس التنظيم، ولفتت إلى أنه في الوقت الذي يتمتع فيه «حمزة» بقبول إقليمي فهناك رفض لبقاء الظواهري في موقعه.
واعتبرت أستاذة العلوم السياسية، أن مسألة تنصيب نجل بن لادن ستحدث، ولكنها تحتاج إلى مزيد من الوقت.





