ثرثرة «أردوغان» تفضح الضعف التركي
من جديد عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتهديد والوعيد فيما يخص الملف السوري، قائلًا خلال افتتاحه أحد السدود قرب الحدود «التركية ـــ السورية» إن دولته لن تتراجع عما بدأته في سوريا.
وأضاف «أردوغان» وفقًا لوكالة «الأناضول» التركية إن بلاده ستذهب لتطهير أوكار الإرهاب بسوريا إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لها، مشيرًا إلى أن الوجود التركي مستمر في سوريا حتى يتحقق الاستقرار على الحدود «التركية ــ السورية»، على حد قوله.
وألمح إلى ما اعتبرته بعض الصحف احتمالية لشن عملية عسكرية
جديدة في سوريا، قائلًا: «تركيا لن تقبل بأي خطوة من شأنها التسبب
بمأساة إنسانية جديدة في إدلب السورية»، متابعًا: «سنواصل إزعاج جميع الأطراف
التي تكن العداء لبلادنا وشعبنا».
وزعم أن «جميع الأطراف التي تلتزم الصمت إزاء التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها تضع كل المبادئ الأخلاقية والقانونية والحقوقية جانبًا عندما يتعلق الأمر بتركيا».
لماذا سوريا الآن؟
المتابع للسياسة الخارجية التركية والملفات التي تنشغل بها منذ منتصف العام الجاري، يجد أن بوصلتها تحولت من سوريا إلى ليبيا بشكل كلي، منذ توصلت أنقرة وموسكو لاتفاق في الخامس من مارس الماضي، يقضي بوقف إطلاق النار في «إدلب» على خط التماس الذي أنشئ وفق مناطق خفض التصعيد، ومن ثم تسيير دوريات روسيا تركية لضمان تطبيق الاتفاق.
ونتيجة لهذا الاتفاق ركزت تركيا طاقتها على ملف نقل المسلحين السوريين من شمال سوريا إلى ليبيا للتفرغ لدعم حكومة الوفاق الحاكمة في العاصمة طرابلس وميليشياتها.
وبالفعل تمكنت حكومة الوفاق بدعم تركيا من الاستيلاء على بعض المناطق المهمة التي كان يسيطر عليها الجيش الوطنى الليبي في الوسط، إلى أن تدخلت مصر منتصف يونيو الماضي، ووضعت مناطق سرت والجفرة كخطوط حمراء.
وعلى خلفية ذلك اضطرت تركيا لوقف دفعها للميليشيات للتقدم شرقًا، إلا إنها استمرت في اشعال ملف مياه شرق البحر المتوسط والنزاع على حقول الغاز مع كلٍ من اليونان ومصر.
ورغم كل التهديدات التي رفعها الرئيس التركي، فيما يخص الإصرار على المضي في ملف شرق المتوسط دون الالتفات لأي طرف، فإن سبتمبر الماضي شهد خطابًا للرئيس التركي نفسه وهو يتحدث عن إتاحة فرصة أكبر للدبلوماسية وتنحية الحل العسكري الذي كانت تلوح به بلاده نفسها.
وعقب أيام من هذا الموقف الذي وصفه محللون بالتراجع، اشتعل ملف الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان الذي حلت فيه تركيا كداعمة للأخيرة عبر نقلها لعناصر مسلحة للعمل العسكري مع الجيش الأذربيجاني.
وبمناسبة هذا النقل تعالت أصوات لنشطاء سوريين عن رغبة تركية في الانسحاب من سوريا، وكنوع من حفظ ماء الوجه التركي، رجّح النشطاء أن تكون تركيا لجأت لحيلة نقل المسلحين إلى أذربيجان وليبيا بدعوى خدمة المصالح التركية، ولكنها في الحقيقة تريد الانسحاب من الملف السوري.
تفريغ إدلب
اتفاقًا مع ذلك توقع الناشط السوري عمر رحمون أن تستمر تركيا في نقل المرتزقة السوريين إلى كل جبهات القتال التي تعني تركيا، حتى تفرغ إدلب والشمال السوري من كل هؤلاء الإرهابيين، وتابع: «لا نريد الشر لأحد، لكن نقل هذه البضاعة الإرهابية شيء يدخل السرور إلى قلوبنا».
وطالب «رحمون» بأن يكون شهر أكتوبر الجاري شهرًا لتحرير الشمال السوري، قائلًا إنه شهر الانتصارات في إشارة لحرب السادس من أكتوبر 1973.
واستندت الأصوات المطالبة بتحرير إدلب إلى خلخلة المشهد الداخلي للفصائل المسيطرة على الشمال في ظل سحب «أردوغان» من عناصرها ونقلها إلى ليبيا وأذربيجان، الأمر الذي يجعل عملية تطهير «إدلب» سهلة عن أي وقت سابق.
وطوال السنوات الماضية كان المحللون يرون أن عملية تطهير «إدلب» غاية في الصعوبة كونها تحتوى على فصائل مسلحة كانت تنتشر في الجغرافيا السورية على مدار السنوات العشر الأخيرة، ما يعني أن مواجهة كل هذه الفصائل مجتمعة أمر غير مضمون.
وفي ظل سحب «أردوغان» من هذه الفصائل وهز تكوينها الداخلي، أصبح الحديث عن تحرير «إدلب» واردًا، ولهذا يفهم تهديد الرئيس التركي الجديد فيما يخص الشمال السوري، وتلويحه بأن قواته مستمرة في سوريا ولن تنسحب.
مدى واقعية التهديدات
لا يمكن أخذ تهديد الرئيس التركى على محمل الجد؛ إذ يكفي الإشارة إلى كم التهديدات التي أطلقها في العام الأخير وتراجع عنها بعد ذلك، كما حدث في ملف الغاز بشرق المتوسط.
وبغض النظر عن ذلك، يبقى الوضع على الأرض في الشمال السوري عكس ما يقول «أردوغان»، إذ تعاني الفصائل التي يدعمها، التفكك واختلال بوصلتها منذ سحب عناصرها ونقلهم لدول أخرى بمقابل مادي.
للمزيد.. الراعي الرسمي للإرهاب والفتنة.. أردوغان يدفع بمرتزقة سوريين للحرب بين أرمينيا وأذربيجان





