في خندق الخونة.. أردوغان دعم الإخوان ومولهم ضد مصر «1-3»
الأربعاء 30/سبتمبر/2020 - 03:15 م

محمود البتاكوشي
وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحالم باستعادة أمجاد الدولة العثمانية التي أذاقت الشعوب العربية ويلات الذل، في الإخوان ضالته المنشودة، إذ بات يمني نفسه بالسيطرة على الأمة العربية عبر بوابة مصر التي تمكن منها أتباعه في غفلة من الزمن، لكنه استيقظ من أوهامه على ثورة الشعب المصري في 30 يونيو 2013 التي أيدها وحماها جيش مصر، الأمر الذي أربك حسابات المحتل التركي.
الرئيس التركي الذي كان آنذاك رئيسًا للوزراء دعم احتجاجات جماعة الإخوان الإرهابية في ساحة رابعة العدوية، إذ أصدر أوامر مباشرة لإحدي شبكات التيلفزيون التركي الموالية له بتشغيل برامج مواتية لمؤيدي المعزول محمد مرسي .

في خندق الخونة
وتدخل أردوغان في اليوم الذي عزل فيه مرسي من منصبه، من خلال أحد الموالين له، عبر محاولة تقليل الاحتجاجات الشعبية المناهضة لجماعة الإخوان الإرهابية في ميدان التحرير مع التركيز على احتجاجات عناصرهم المحدودة.
في 3 يوليو 2013 ، اتصل أردوغان بمحمود فاتح ساراتش، كبير المديرين في مجموعة Ciner Media التركية، للشكوى من تغطية محطة تلفزيون المجموعة هابرتورك للأحداث في مصر، وانتقد تصريحات الضيف الذي تمت دعوته إلى برنامج نقاش كمعلق، وطلب منه رئيس الوزراء استخدام الجزيرة كمصدر، وأن يتم التركيز على تظاهرات عناصر الإرهابية منتقدًا صورة المتظاهرين في ميدان التحرير في القاهرة، حيث كان المصريون يحتفلون بسقوط الإخوان.
كما أثار برنامج نقاش تم بثه على هابرتورك حول الأحداث في مصر غضب رئيس الوزراء التركي، الذي اتصل بمدير الشبكة لطلب التغييرات.
تُظهر مشاركة أردوغان الشخصية في إدارة الخط التحريري لتوجيه تغطية شبكة تلفزيونية؛ خاصة في تركيا ضد مصر لدعم جماعة الإخوان، مما يؤكد أن أردوغان وإسلامييه السياسيين كانوا مدفوعين بالتعصب الأيديولوجي على حساب مصالح الأمن القومي التركي.

كما شجعت حكومة أردوغان جماعة الإخوان على الاستمرار في التجمع في الشوارع على الرغم من خطر الاشتباكات وسفك الدماء.
وقال وزير الخارجية آنذاك أحمد داود أوغلو إن تركيا كانت مع الشعب المصري، في حين دعا حسين جليك، عضو بارز في حزب العدالة والتنمية في عهد أردوغان، أنصار مرسي للدفاع عن أصواتهم.
وقدم أردوغان حتى يومنا هذا ملاذًا لعناصر جماعة الإخوان الإرهابية وحول تركيا إلى مركز إقليمي لتنظيم الإخوان الدولي، بؤرة إرهابية شديدة الاشتعال.

رجل الأعمال السعودي ياسين القاضي
الضغط من إسطنبول
كما وجه أردوغان بتنظيم احتجاجات ضد الحكومة المصرية في إسطنبول، عقب فض اعتصامي الإخوان في رابعة والنهضة، ونظمته مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والإغاثة الإنسانية، وكشفت المكالمات المسربة أن أردوغان حشد التجمعات وتجاهل المخاوف من أن تركيا قد تُترك وحدها في حملتها ضد القيادة المصرية، وتوضح المحادثة أيضًا التعصب الإيديولوجي الذي يحفز الرئيس التركي في محاولته لتعزيز طموحاته السياسية، والمطالبة بقيادة العالم الإسلامي، وتولي منصب المستفيد من الإخوان على حساب المصالح الوطنية التركية.
وأخبر أردوغان، رجل الأعمال السعودي ياسين القاضي، أحد ممولي تنظيم القاعدة من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة، أن كل الأشياء الجيدة في حياته طغت عليها التطورات في مصر، مضيفًا أن مديرية الشؤون الدينية التركية (ديانت) قامت بدور رائد في تنظيم صلاة جنازة لعناصر الإخوان في جميع أنحاء البلاد.
وشدد أردوغان على ضرورة توسيع الاحتجاجات ضد الدولة المصرية بسرعة وفي مقاطعة بولو، قادت مؤسسة المساعدة الإنسانية ونقابة موظفي الخدمة المدنية، كلتا المجموعتين المؤيدتين لأردوغان، مسيرة من مئات الشعارات المرددة التي تدعم مرسي بعد صلاة الجمعة في مسجد يلدرم بايزيد، تم تنظيم المزيد من الاحتجاجات في أجزاء كثيرة من تركيا ، بما في ذلك ديار بكر، ماردين ، أرضروم، بورسا، قيصري، يالوفا، بيتليس، أضنة، سامسون، طرابزون، أماسيا، منطقة تشايكوما في زونغولداك ومنطقة ساندليكلي في مقاطعة أفيونكاراهيسار، وردد المحتجون في أنحاء تركيا شعارات ضد قائد الجيش المصري آنذاك عبدالفتاح السيسي والولايات المتحدة وإسرائيل.
وحاول أردوغان استعداء منظمة التعاون الإسلامي ضد مصر، ولكن أكمل الدين إحسان أوغلو، الأمين العام آنذاك للمنظمة رفض تنفيذ رغبات الرئيس التركي مما دفعه إلى توجيه فريقه لملاحقته ودعاه إلى الاستقالة من منصبه باعتباره مواطنًا تركيا، كما أطلق كتائبه الإلكترونية لتشوية سمعة الرجل.

خيرت الشاطر والمعزول محمد مرسي
انتهاك واضح
تدخل أردوغان في السياسة الداخلية لمصر لتعزيز الدعم للرئيس المعزول محمد مرسي في عام 2013، إذ كان يخطط لإرسال المساعدة لجعل مرسي يبدو جيدًا قبل الانتخابات المحتملة، وسعى أردوغان لرأب الصدع بين خيرت الشاطر والمعزول محمد مرسي؛ مؤكدا أن العداء والجفاء بينهما ليس في صالح مستقبل الجماعة، وطالبهم بأداء بعض الأعمال في القاهرة لإقناع المصريين بالتصويت لهم، وعرض عليهما دعمه في تنظيف المدن بعد فشل الشركة الإسبانية في ذلك تحسبًا لانتخابات رئاسية مبكرة، والتي دعت إليها المعارضة السياسية، في انتهاك واضح للقوانين المصرية التي تمنع التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية.
بعد عزل مرسي توقع أردوغان الحالم باستعادة أمجاد دولته العثمانية البائدة، أن يعود الإخوان بشكل كبير بعد ثلاث إلى خمس سنوات من ثورة 30 يونيو، إذ عقد مقارنة بين الإطاحة بالإسلاميين السياسيين الأتراك في أواخر التسعينيات وما حدث لمرسي، مدعيًا أن جماعة الإخوان في مصر ستعود بقوة مثلما فعل الإسلاميون في عهده بعد بضع سنوات.
وكان يشير إلى استقالة رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان من حكومة ائتلافية عام 1997 تحت ضغط من الجيش. كما تم طرد أردوغان، الذي كان عمدة إسطنبول من حزب الرفاه الإسلامي من منصبه بعد إدانته وقضى عقوبة بالسجن لمدة أربعة أشهر.
قبل أيام، شهدت العاصمة أنقرة، اجتماعًا لسليمان صويلو وزير الداخلية التركي مع قيادات إخوانية وإعلاميين موالين للتنظيم الإرهابي، من بينهم أيمن نور، وحسام الشوربجي، وحمزة زوبع، ومختار العشري، وحسام الغمري.
وركز اجتماع أنقرة على كيفية تحريك المظاهرات في شوارع مصر، والخطط التي تم رسمها لإثارة الأمور بشكل أو بآخر.
سيطرة الدولة المصرية على الأوضاع عقب عزل مرسي وهدم دولة الإخوان أصاب أردوغان بالإحباط وخاصة بعدما فقدت الاحتجاجات قوتها الأمر الذي دفعه لدعم العمليات الإرهابية في محاولة بائسة منه لضرب استقرار مصر والقضاء على شعبية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ولكن خاب فألهم وذهب مخططاته إلى مزبلة التاريخ.