على أرض المصالح.. تركيا وباكستان تؤسسان تحالفًا للمتاجرة بالإسلام
تتسع العلاقات بين باكستان وتركيا لتشهد تطورات
إستراتيجية كبيرة خلال الفترة القليلة الماضية، إذ ترى أنقرة في إسلام آباد
وجيرانها الإقليميين ملاذًا للترويج لمشروعها السياسي المصبوغ ظاهريًا بالدين.
تأصيل التحالف
من جانبها تعمل باكستان لتأصيل ذلك التحالف مع أنقرة وطهران والدوحة وماليزيا لخلق اصطفاف دولي للكيانات الداعمة لنموذج الإسلام السياسي في مقابل الدول المناهضة له، ففي 6 أغسطس 2020 تبنى وزير خارجية باكستان، شاه محمود قريشي خطابًا عدائيًّا ضد الرياض مهددًا بالانسحاب من منظمة التعاون الإسلامي.
وبينما يعد ذلك تحولًا في السياسة الخارجية الباكستانية تجاه المملكة العربية السعودية إلا أنه مؤشر واضح على استتباب الأمر بين الحلفاء الآخرين لتثبيت دعائم الرابطة التي بدأوا في تأسيسها منذ العام الماضي حين احتضنت ماليزيا مؤتمرًا عن المسلمين يضم حكومتها وحكومة تركيا وقطر وإيران وإندونيسيا فقط.
تداعيات قمة كوالالمبور
وعلى الرغم من أن باكستان كانت مدعوة لحضور قمة كوالالمبور التي عقدت في 19 ديسمبر 2020 فإنها اعتذرت عن عدم الحضور قبل القمة بساعات، ما يعني أن تهديدها الحالي هو تلويح بالانضمام جديًا لحلف تركيا وإيران، كما يعني أيضًا بأن هذه الدول قد تكون عازمة على تكرار الاجتماع.
حضن المعزولين
يعاني أردوغان العزلة السياسية بداخل محيطه الجغرافي والإسلامي، فمشاكله مع دول الخليج متعددة، كما أنه يناوش الجيران الأوروبيين طامعًا في ثرواتهم الاقتصادية، فضلًا عن تبنيه لأجندة أيديولوجية تهدف للتوسع الجغرافي واستعادة إرث قديم، يقاسمه في ذلك إيران فهي الأخرى تعاني انعزالًا سياسيًّا ولديها مشكلات كبرى مع الخليج، وملف العلاقات بينها وبين واشنطن محتدم إلى أقصى درجاته منذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم، كما تتبنى هي الأخرى أيديولوجية توسعية تعتمد على الدعاية الدينية لاستعادة ملك قديم.
وترتبط الاثنتان بحركات الإسلام السياسي كذراع عسكرية مسلحة لتحقيق أطماعها في دول المنطقة وتكوين جيوش موازية للقوات الأمنية ببلادهم لتكون داعمة لتلك النظم فقط وتمهد لها خريطة التوسع.
وبالتالي فأن التحالف الجديد يبدو مفهومًا في إطار المحاولة التركية الإيرانية للخروج من العزلة الدولية المفروضة عليهما بسبب تصرفاتهما العدوانية ضد بعض شعوب العالم، وعليه فهل ستنجح الدولتان في دعم السياسات التوسعية.
مصالح مشتركة وتحالف أيديولوجي
يعتمد هذا التحالف على المصالح المشتركة، وعلى الدين كمتغير للترويج الشعبي، إذ اختارت الدول الإعلان عن تحالفها عبر قمة أطلقوا عليها إسلامية، وتهدف لمناقشة أوضاع المسلمين حول العالم وتطورات القضايا العالقة، كما أن باكستان حين هددت حاليًا بالانسحاب من منظمة المؤتمر الإسلامي فهي أيضًا استخدمت الدين كسبب لذلك، مدعية بأن الدول الإسلامية ينبغي عليها مناصرتها في قضية كشمير التي تعتبرها خلافًا دينيًّا برغم كونها قضية سياسية.
وتعتبر إسلام آباد أن منظمة المؤتمر الإسلامي لم تقدم الدعم الكافي لقضية كشمير بينما تتطلع لأن تلعب أنقرة دور الداعم لهذا الملف، وتأسيسًا على كون أردوغان يدعي بأنه حامي المسلمين حول العالم، فهو أيضًا يتاجر بقضية كشمير ويدعي في مناسبات عدة دعمه لكشمير باكستانية.
والأوضح في ذلك أن علاقات باكستان وتركيا تعتمد في جانب آخر على الدعم والتجارة العسكرية والتسليحية فيما بينهما، فـ«إسلام آباد» بما تمتلكه من قوة نووية وبما تمتلكه أنقرة من مساعدات عسكرية لبناء أسطول بحري قوي لباكستان يمهد لعلاقات أوسع بين البلدين.
علاوة على ذلك، فأن هذا التحالف الناشئ في آسيا سيلعب دورًا فعالًا في دعم التنظيم الدولي للإخوان باعتباره بوقًا لهم في أوروبا وواشنطن ودول شمال أفريقيا ما يحمل في طياته تهديدًا للقوى العالمية على الجانب الآخر من التحالفات.
الإرث العثماني
وتعليقًا على هذا التقارب تشير دراسة لموقع Jastor حول العلاقات بين تركيا ودول آسيا ذات الغالبية المسلمة إلى أن الإرث العثماني الذي يداعب خيال أردوغان بالتوازي مع انتشار الجماعات الإرهابية في دول المنطقة وكثرة المنتمين لها يجعل من الدعاية الدينية أكثر يسرًا في الاستخدام ما يجعل الرئيس التركي والتعاون معه مقبولًا على المستوى الشعبي لتلك الدول إلى جانب العلاقات السياسية والإستراتيجية.
المزيد.. الموقف الخليجي من تسليح إيران.. قراءة في دوافع الرفض





