أطماع «أردوغان» في المتوسط.. محاولات بسط الهيمنة وزعزعة الاستقرار
الأربعاء 26/أغسطس/2020 - 11:04 ص
مصطفى كامل
باتت أطماع تركيا التوسعية في البحر الأبيض المتوسط بحثًا عن الغاز بسفن التنقيب، جلية وظاهرة للعلن، إذ يستخدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أسلوب البلطجة، ضاربًا بالاتفاقيات الدولية عرض الحائط؛ من أجل زعزعة الاستقرار في المتوسط، تحت مسمى «مبدأ الوطن الأزرق»، إذ يحلم منذ أعوام بضم مياه المتوسط وجميع خيراته لصالح بلاده، دون النظر إلى جيرانه وحقوقهم.
أطماع وبلطجة
في
الوقت الذي تسعى فيه دول شرق المتوسط إلى ترسيم الحدود فيما بينها وفقًا
للقوانين الدولية، يتقمص أردوغان شخصية «القرصان» الذي يعادي الجميع، ويحاول
الحصول على أكبر مكاسب ممكنة.
وواصل «أردوغان»
انتهاكاته بحق مياه المتوسط بعد أن أرسل أسطولًا بحريًّا إلى مناطق تعتبرها
اليونان تابعة لها؛ ما تسبب في تصعيد التوتر إلى مستوى أقلق بروكسل.
ويصر أردوغان على سرقة غاز المتوسط؛ حيث أكد في تصريح استفزازي أنه ما من
تهديدات يمكن أن تردع تركيا عن السعي وراء الموارد الطبيعية في شرق البحر
المتوسط، وأن أنقرة تتوقع أن تتخذ الأطراف الفاعلة في المنطقة خطوات لنزع
فتيل التوتر.
الوطن الأزرق
تكمن
جذور خطوات تركيا التوسعية في المتوسط، والتي تشمل عمليات تنقيب عن الغاز، وخطابات متشددة وسفن حربية، في نظرية «الوطن الأزرق» التي تشمل السيطرة على
مساحات مائية تعد محل توتر محتدم بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
وكان الأدميرال المتقاعد، جيم جوردنيز، المعروف بأنه مهندس الطموحات البحرية التركية،
أول من وضع النظرية، واستخدم مصطلح «الوطن الأزرق» عام 2006 عندما كان رئيس
الوحدة المسؤولة عن خطط وسياسات تركيا البحرية، إذ تشمل نظريته أكثر من
460 ألف كلم مربع من حدود تركيا البحرية، بما في ذلك المسطحات المائية
المحيطة ببعض الجزر اليونانية، واكتسبت رؤيته أهمية متزايدة بالتوازي مع
ازدياد النزعة القومية في تركيا.
وقال
الأدميرال التركي: إن «الوطن الأزرق» رمز لبحرنة تركيا، أي زيادة الدور
الذي يلعبه إطلالها على البحر في اقتصادها، مشيرًا إلى أنه يحاول تحديد
مناطق الاختصاص البحري المحيطة بتركيا، مؤكدًا أن أنقرة بحاجة إلى تأمين
هذه المناطق؛ من أجل رفاهيتها ودفاعها وأمنها.
وشهد
عام 2017 أول عملية تنقيب من قبل تركيا بالمياه التابعة لقبرص في البحر
المتوسط، من خلال السفينة «خير الدين بربروس باشا»، ومنذ هذا الوقت وحتى
الآن تكررت انتهاكات نظام أردوغان للقانون الدولي في المياه التابعة
لقبرص؛ حيث فشلت خلال السنوات الماضية منصات وسفن التنقيب التركية، في
إيجاد أية مصادر تجارية للغاز أو النفط في المياه الإقليمية التركية؛ ما
دفع أردوغان للسطو والتنقيب في مياه قبرص، وسواحل ليبيا، و«جرف» اليونان.
ويأتي هذا في الوقت الذي بدأ فيه إلجام الأطماع التركية عقب الاتفاق بين أثينا ونيقوسيا حول المنطقة الاقتصادية الخالصة غرب المتوسط.
وتقترب
مخاوف أنقرة من التحقق مع نهاية أغسطس الجاري وبداية سبتمبر المقبل، إذ
أكد نيكوس كريستودوليديس، وزير خارجية قبرص، أن مسألة تحديد الحدود البحرية
بين كلٍ من اليونان وقبرص مدرجة في جدول أعمال مناقشات الاتحاد الأوروبي
الذي ينتمي إليه البلدان، وعند الضرورة ستصدر الإعلانات ذات الصلة.
ووجدت
أنقرة نفسها مدفوعة لتفعيل وساطات أوروبية عساها تساعدها على الخروج من
المأزق الحالي، إذ قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: إن بلاده
وافقت بشكل مبدئي على عرض سويسري للوساطة في حل النزاع مع أثينا في شرق
البحر المتوسط، تزامنًا مع محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إقناع
المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالتدخل لتقريب وجهات النظر بين أطراف
النزاع.
وكان «أردوغان» تلقى صفعة جديدة من
الاتحاد الأوروبي الذي طالبه بالوقف الفوري لأنشطة التنقيب عن الغاز في حوض
شرق المتوسط، بعد إعلان أنقرة توسيع هذه العمليات قبالة سواحل قبرص؛ حيث
كان التحذير الأوروبي واضحًا، وهو ما يشير إلى أن القارة العجوز نفد صبرها،
وبدأت في تحرك فعلي.





