وقف إطلاق النار.. هل يؤذن فعليا بنهاية الوجود التركي في ليبيا؟
يفتح إعلان رئيس حكومة الوفاق المنتهية ولايتها «فايز السراج»، ورئيس البرلمان «عقيلة صالح» في بيانات منفصلة لهما، الجمعة 21 أغسطس 2020، وقف إطلاق النار بشكل فوري، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس 2021، فضلًا عن إنهاء التدخلات الأجنبية، وإخراج المرتزقة من الأراضى الليبية، وفتح عملية إنتاج وتصدير النفط، الباب للتساؤلات حول مدى استجابة أنقرة لهذا القرار بإنهاء تدخلها العسكري في الأراضي الليبية.
وفي ظل تاريخ من القرارات والاتفاقات المماثلة التي تراجع عنها «السراج» المدعوم من تركيا، لمجرد معارضتها لمخطط «رجب طيب أردوغان»، فضلًا عن مدى تأثير قرار وقف إطلاق النار (إذا نُفذ) على وجود أنقرة في ليبيبا، يبقى التساؤل: هل استشار «السراج» حليفه التركي لاتخاذ هذا القرار أم أن أنقرة هي التي اتخذته؟.
وقبل الإجابة على هذه التساؤلات، تجدر الإشارة إلى أنه عندما طرحت مصر في 6 يونيو 2020، مبادرة تضمن العودة للحلول السلمية في ليبيا ووقف إطلاق النار، أيدتها العديد من الدول على المستوى العربي والدولي، إلا أن تركيا أعلنت في 13 يوليو 2020 على لسان وزير خارجيتها «مولود تشاووش أوغلو»، رفضها للمبادرة المصرية، قائلا إن هذا الإعلان لن يكون في مصلحة حكومة الوفاق.
للمزيد: مقامرة على مستنقع.. أردوغان الطامع في ليبيا يقود تركيا نحو الهاوية
مساعٍ قطرية وتركية
ويرجح محللون أن تكون هناك مساعٍ قطرية وتركية لإفشال قرار وقف إطلاق النار، وذلك من أجل دعم التدخل التركي في ليبيا، القائم على استنزاف الموارد في البر والبحر.
ورغم أن أنقرة وقعت مطلع عام 2020 اتفاقًا دوليًّا في برلين يقضي بعدم التدخل في الشؤون الليبية، إلا أنها كعادتها لم تف بتعهداتها، واستمرت في دعمها العسكري لميليشيات الوفاق، حتى الجمعة 21 أغسطس 2020، إذ أرسلت تركيا طائرة عسكرية من طراز «سي-130» محملة بالمرتزقة والعتاد هبطت في قاعدة الوطية الليبية، لدعم «السراج»، وفقًا لما أوردته قناة «العربية».
تطور نوعي
للإجابة على التساؤلات السابقة، يوضح هشام النجار، الباحث المختص في شؤون الحركات الإسلامية، أن قرار وقف إطلاق النار يمثل تطورًا نوعيًّا، ومن المحتمل أن يكون بداية لتراجع تكتيكي للحلف «القطري ـــ التركي ـــ الإخواني» في ليبيا أمام الموقف المصري القوي الذي لا يسمح بتقدم قوات تركية أو ميليشيات تابعة لها، فضلًا أنه قد يكون مناورة تركية لالتقاط الأنفاس، وترتيب الأوراق، وحشد المزيد من القوة المادية على الأرض لإعادة محاولة بسط هيمنتها على ليبيا، ولذلك يجب التعاطي بحذر مع هذه التطورات.
للمزيد: التدخل العسكري التركي.. صوره وتداعياته على المشهد الليبي
ولفت «النجار» في تصريح لـ«المرجع»، أن «السراج» لا يستطيع اتخاذ قرار أحادي بهذا الحجم من الخطورة دون الرجوع لـ«أردوغان»، لذلك فإنه من المتوقع أن يكون الرئيس التركي وجهاز مخابراته هو من دفع لهذا التوجه؛ لأنه الآن في مأزق ولا يستطيع تغيير الجمود والواقع عسكريًّا؛ بسبب عوامل كثيرة، منها الموقف المصري، ورفض واشنطن للتصعيد العسكري الذي قد يُفضي إلى صراع إقليمي موسع، فلجأ إلى المناورة السياسية، وهذا تكتيك استخدمه في الساحة السورية دون أن يتخلى تمامًا عن الخيار العسكري.
مشكلة
المرتزقة
من جانبه، يشير «محمد صادق إسماعيل» مدير المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية ، إلى أن وقف إطلاق النار سيؤثر على تركيا ومرتزقتها في ليبيا، وبالتالي إذا نفذ «السراج» هذا القرار فإن المرتزقة يجب أن يعودوا إلى أوطانهم مرة أخرى، وهذه مشكلة أخرى لأن هؤلاء المرتزقة من الممكن أن يتوغلوا داخل أفريقيا إذا لم يعدهم «أردوغان» إلى أماكنهم، ولذلك يجب أخذ «ضمانات دولية» عليه لإعادة هؤلاء كما أتى بهم.
وأوضح
«إسماعيل» في تصريح لـ«المرجع»، أن هذا القرار تركي بالأساس وأنقرة هي التي أملته على «السراج»، وما يدل على ذلك ترحيبها به، وذلك بعد ما مُني
«السراج» بالكثير من الهزائم العسكرية خلال الفترة الماضية.





