«سرت».. هل ترعى «واشنطن» إشعال الموقف على الخط الأحمر؟
السبت 22/أغسطس/2020 - 03:00 م
نهلة عبدالمنعم
تتفاقم الصراعات الدولية على أرض ليبيا
الغنية بالنفط لا سيما بعد دخول الولايات المتحدة على خط الأزمة بعد سنوات من
ابتعادها عن المشهد ودعوتها لإعلان سرت –بوابة الهلال النفطي-، منطقة منزوعة السلاح
لتزداد حدة الجدال السياسي بين الأطراف المختلفة.
من جهته أعلن المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطنى الليبي، اللواء أحمد المسماري الأربعاء 19 أغسطس 2020، رفض إعلان سرت منطقة منزوعة السلام قائلًا إنها منطقة هادئة لا تسيطر عليها الميليشيات بعكس طرابلس التي تحتاج أكثر لأن تكون منزوعة السلاح، مشددًا على جاهزية الجيش الوطني لإدارة المعارك ضد الاحتلال التركي للبلاد إذا تفاقم الصراع.
سرت.. من التحرير إلى نزع السلاح
نجحت قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في السيطرة الكاملة على سرت في يناير 2020 على خلفية معارك كبرى خاضتها ضد الميليشيات الإرهابية التابعة لحكومة الوفاق المدعومة من أنقرة والدوحة، وبالتالي فإن الجيش يقدم حاليًا وجهة نظر مباشرة ترفض تمامًا نزع السلاح عن المنطقة بعد سيطرته عليها.
ولمزيد من الفهم للمقترح الأمريكي حول نزع السلاح في «سرت» نحتاج إلى رصد تسلسلي لردود الفعل التركية والدولية بعد سيطرة الجيش على سرت، ففي 20 يونيو 2020 أعلن المتحدث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم كالين اشتراط بلاده انسحاب الجيش الوطنى الليبي من سرت للاستجابة للطلبات الدولية لوقف إطلاق النار، ما يعني أن أنقرة كانت تسعى جاهدة لإخلاء سرت من القوات العسكرية للجيش.
لماذا تدخلت واشنطن في سرت؟
وهذا يطرح بدوره سؤالًا مهمًا حول مآلات التدخل الأمريكي، وهل كان حضور واشنطن في الأزمة لدعم مساعي أنقرة في البلاد مع الأخذ في الاعتبار دعوة وزير داخلية حكومة الوفاق، فتحي باشاغا المدعوم بشدة من الإخوان وتركيا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتأسيس قاعدة عسكرية أمريكية في ليبيا لاستقطاب الحليف الأمريكي للعبة الدولية في طرابلس ليكونا جبهة موحدة تدعم كلًا منهما مصالح الأخرى في الداخل، وتكون لتركيا غطاءً شرعيًّا قويًا يسمح لها باستكمال أجندتها تأسيسًا على المصالح المهمة بالأساس بين الطرفين.
وبالأخص؛ مع ظهور احتفاء واضح من وسائل الإعلام المحسوبة على أنقرة بهذه الدعوة، التي يقال عنها بأنها خرجت للعلن بعد مباحثات تركية- أمريكية جرت مؤخرًا بشأن ليبيا.
ففي تقرير نشرته قناة «الجزيرة» القطرية في 18 أغسطس 2020 أعرب متحدث الرئاسة التركية إبراهيم كالن دعم بلاده للتأييد الألماني للمقترح الأمريكي بشأن إعلان سرت منطقة منزوعة السلاح، فضلًا عن زيارة وزير الخارجية الألماني هاكو ماس لطرابلس للقاء حكومة الوفاق للتباحث بشأن المقترح.
الاصطفاف الدولي والصخيرات 2
يحمل ذلك في طياته أن أنقرة بدأت في تشكيل حلف دولي كبير لدعم أجندتها في ليبيا، وتأسيسًا على استكمال ذلك التوجه أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري دعوته لرئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح للاجتماع مجددًا في المغرب لعقد اتفاق "الصخيرات 2" لتجديد منح التيار المدعوم من أنقرة غطاء شرعيًّا بعد انتفاء منطقية استمرار الآخر.
ويظهر ذلك استقطاب من «الوفاق» لرئيس إحدى السلطات الشرعية المعترف به دوليًّا للانضمام للتحالف ولكن «صالح» شدد على أن قبوله للدعوة يأتي بشرط أن يعترف الطرف الآخر بمبادرة القاهرة التي أطلقها الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي في يونيو 2020 على أن تكون من دعائم خارطة الطريق لحل الأزمة الليبية.
وفي سياق متصل يقول كرم سعيد، الباحث في الشأن التركي، في تصريح لـ«المرجع» إن اللقاء الذي تم بي كلٍ من وزير الدفاع التركي خلوصي آكار ونظيره القطري خالد العطية مع حكومة الوفاق في طرابلس في أغسطس 2020، يهدف لدعم التحالف ضد الجبهات الأخرى، كما يبرهن على مساعي أنقرة لفرض نفوذها على شمال أفريقيا عبر دعم حكومات الإسلام السياسي في المنطقة، لا سيما في تونس والجزائر والمغرب لضمان تحقيق أجندتها.





