خطيرون وراء القضبان.. سجون أوروبا مفرخة للإرهاب والتطرف
لم تعد السجون للتهذيب والإصلاح كما كان في الماضي، بل أصبحت بعض السجون خاصة الأوروبية، مفرخة للإرهابيين، حيث يقبع بداخلها أعداد كبيرة من المتطرفين، لديهم سوابق جنائية زجوا على إثرها بالسجون، وأصبحوا عُرضة لاعتناق أفكار راديكالية لم تكن معروفة منذ سنوات قليلة.
ترجع أسباب تطرف بعض نزلاء السجون الأوروبية إلىوجود عناصر متطرفة موجودة بالفعل داخل السجن، وتؤثر على باقي السجناء، الأمر الذي لا يحدث بتأثيرات خارجية، فالساحات الداخلية الضيقة التي تعج بالنزلاء في ظل ظروف الاحتجاز التعسفية وضعف العملية الإصلاحية، ساعدت كثيرًا في تشكيل بيئة خصبة لانتشار الفكر المتطرف، وأصبحت أماكن لاستقطاب سياسي أو ديني، وقد عملت السجون الأوروبية مع قضايا التطرف، على عزل مجموعات صغيرة من السجناء المدانين بالإرهاب لتجنب تفشي هذا الفكر المتطرف بين السجناء الآخرين، فإن الحفاظ على النظام والأمن في السجن يمثلان استثمارًا مهمًا لمكافحة الإرهاب.
وقد اعتمد مجلس الاتحاد الأوروبى قرارًا سابقًا، دعا الدول الأعضاء إلى اتخاذ تدابير عدة تتعلق بمنع ومكافحة التطرف داخل السجون الأوروبية، إضافةً للتعامل مع الجناة من المتطرفين الإرهابيين عقب إطلاق سراحهم؛ إذ سلط المجلس الضوء على أهمية اتخاذ تدابير فعّالة في هذا المجال نظرًا لخطره الذى يمثله العدد المتزايد من المجرمين الإرهابيين والمتطرفين أثناء وجودهم بالسجون، وحث المجلس الأوروبى على بذل مزيد من الجهود لتطوير تدخلات متخصصة للتعامل مع الإرهابيين والجناة المتطرفين.
تزايد ملحوظ
«لم يوجد سابقًا هذا العدد من المساجين المدانين على خلفية جرائم مرتبطة بالإرهاب منذ بداية الألفية».. كانت هذه الوقائع نواة بحث أجري في المركز الدولي لدراسة التطرف التابع لجامعة كينغ في لندن، وشمل 10 دول أوروبية، سلط الضوء على زيادة أعداد المساجين على خلفية قضايا إرهابية بسجون هذه الدول.
وبحسب الدراسة، فإن هناك تنوعًا في فئات المساجين منهم الكثير من النساء، ومن المتشددين الإسلاميين، وإن هناك عددًا متزايدًا من نشطاء اليمين المتطرف 82% منهم جهاديون، تأتي فرنسا على رأس هذه الدول بثلثي المساجين (549 من إجمالي 1405)، تليها إسبانيا (329) ثم بريطانيا (238) وبلجيكا (136)، أما بقية الدول (السويد، هولندا، النروج، الدانمارك)، فأعدادها أقل قليلًا أو لا توجد فيها إحصائيات مكتملة (ألمانيا واليونان)؛ إذ أن هناك صعوبة في معرفة ما يحدث بداخل أروقة تلك السجون.
وفي تقرير أصدرته المخابرات المدنية في بلجيكا لعامي 2017- 2018، فإن السجون البلجيكية تضم حاليًّا موقوفين بتهم الإرهاب بأعداد غير مسبوقة؛ ما يعرض البلاد لخطر تفشي عدوى التطرف أكثر من أي وقت مضى.
طرق المعالجة
وقد طرح الباحثون في دراسة المركز الدولي أسئلة عدة حول الوضع وكيفية التعامل معه؛ فهل يجب تجميع الموقوفين؟ أم يجب توزيعهم على الوحدات العامة؟ وهل يجب عزلهم؟
ووفق الباحثين، فإنهم نادوا بتنويع طرق التعامل، مع زيادة الاهتمام بالمساجين الأكثر خطورة، فيتم تجميعهم أو فصلهم حسب الدول، في حين يتم تفريق المساجين الأقل خطورة لتقليل الاحتكاك، لكن كل هذه الخطوات تتطلب الكثير من الوقت مع عدم نجاحه بشكل كبير مع جميع الحالات.
وقد شدد الباحثون على جعل السجون على رأس الأولويات، فعلى الرغم من الوعي بأن إنفاق المال على السجون مسألة لا تحظى بشعبية كبيرة، فإن الحكومات والرأي العام يجب أن تتيقن بأن الحفاظ على النظام والأمن في السجن أمرًا مهمًا لمكافحة الجريمة والإرهاب،ويجب الأخذ في الاعتبار أنه لا يوجد برنامج ناجح أو أداة تقييم تعوض غياب عدد كافٍ من الموظفين، والفضاء والموارد الضرورية.
وقد مثلت السجون سابقًا مركز ثقل لكل الجماعات الإرهابية تقريبًا في الآونة الأخيرة، وذلك قبل وقت طويل من تشكل قيادة تنظيم «داعش» في سجن بوكا بالعراق، فالدور الذي يلعبه السجن كحاضنة للتطرف ليس أمرًا جديدًا، فقبل عقود، اكتشف الإسلاميون المصريون واليمين المتطرف الألماني والاستقلاليون الإيرلنديون أهمية السجن في تدعيم حركاتهم.
وللمزيد.. «رحلات الموت».. ورقة «أردوغان» لابتزاز أوروبا من جديد





