الأمم المتحدة تدين انتهاكات قطر لحقوق العمال الأجانب
الجمعة 17/يوليو/2020 - 03:58 م
جواكيم فلوكاس
أعربت المقررة الخاصة للأمم المتحدة لمناهضة العنصرية، تنداي أشيومي، في تقرير لها عن قلقها البالغ إزاء التمييز العنصري ضد العمال في منشآت قطر، الدولة المُضيفة لكأس العالم لكرة القدم 2022، قائلة: إنهم يحصلون على أجور منخفضة، ويعانون التمييز الشديد والاستغلال.
وأضافت «أشيومي» في تقريرها الذي نُشر خلال الدورة الرابعة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان، التي عقدت في الفترة من 15 يونيو إلى 3 يوليو الماضيين، عقب زيارة لها إلى الدوحة في الفترة من 24 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 2019، بدعوة من الحكومة القطرية، أنه وبعد ما يقرب من 10 أعوام من منح الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» حق استضافة بطولة كأس العالم لقطر، زادت الانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء العمال، بما في ذلك عدم حصولهم على أجورهم، وممارستهم للعمل في ظروف غير آمنة، والتعرض للتنميط العنصري من قبل الشرطة، علاوة على حرمانهم من الوصول إلى بعض الأماكن العامة.
وأضاف التقرير أن خبراء الأمم المتحدة المعنيين بمتابعة الظروف المعيشية للعمال المنحدرين من أصل أفريقي في قطر، لاحظوا أن القوالب النمطية العنصرية تتسبب في وصم الأقليات العرقية واستبعادها؛ ما يؤدي إلى عدم مساواة غير مقبولة في الحصول على التعليم والخدمات الاجتماعية ، ويزيد من احتمالية العنف ضد الأقليات العرقية.
وأشارت التقارير التي تلقتها المقررة الخاصة خلال زيارتها لقطر إلى انتشار التنميط العرقي في صفوف الشرطة، وسلطات المرور، وحتى قوات الأمن الخاصة العاملة في الحدائق العامة، ومراكز التسوق في الدوحة، فيما أفاد سكان جنوب آسيا ومنطقة جنوب الصحراء الكبرى أنهم يُمنعون من دخول هذه الأماكن؛ بسبب مظهرهم.
وفيما يتعلق بالاستغلال في مجال العمل يقول تقرير إنه لا تزال هناك اختلالات هائلة بين أصحاب العمل والعمال المهاجرين، وهذه الاختلالات متأصلة في نظام الكفالة الذي ينظم علاقات العمل والظروف المعيشية للعمال ذوي الدخل المنخفض في قطر، ويعطي القانون سلطات واسعة لأصحاب العمل على حساب الموظفين، ولذلك يخشى العديد من العمال ذوي الدخل المنخفض الشكوى من أية انتهاكات في مجال العمل.
وبموجب نظام الكفالة، يجب على أصحاب العمل تزويد العمال بتصاريح إقامة لتبرير وجودهم القانوني في الدولة، ومنحهم الإذن إذا كانوا يريدون تغيير وظائفهم، وقد أعلنت قطر عن خطط لإلغاء النظام في أكتوبر 2019، لكنه لا يزال قائمًا.
وكثيرًا ما يتعرض العمال المهاجرون، لا سيما العمال ذوو الأجور المنخفضة في مجالات البناء والخدمات والصناعات المحلية، لتأخر أجورهم، وقال أحدهم إنه لم يتلق سوى أجر شهر واحد بعد أربعة أشهر من العمل، وقالت عاملة منزل إنها تعمل منذ 10 أشهر دون أجر، وقال عامل بناء مستقيل إنه انتظر أكثر من عام للحصول على 60 ألف ريال قطري كأجر متأخر بعد صدور حكم لصالحه.
وأعرب بعض العمال عن رغبتهم في إبلاغ السلطات عن الانتهاكات التي يرتكبها أصحاب الأعمال، لكنهم يخشون أن ينتقم منهم هؤلاء من خلال إنهاء عقودهم أو اتهامهم دون حق بترك وظائفهم، وهي جريمة يعاقب عليها القانون رقم 21 لعام 2015 بالسجن.
وأشار تقرير «أشيومي»، إلى أن استخدام مصطلح «الهروب» لمن يترك عمله، حتى لو لم يكن موجودًا في القانون، يشير إلى ظروف العمل القائمة على الإكراه بالنسبة للعمال ذوي الدخل المنخفض في قطر.
ويواجه العديد من خدم المنازل -ومعظمهم من النساء- صعوبات واضحة، وأشكالًا متعددة ومتداخلة من التمييز، بما في ذلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان؛ بسبب جنسهم وجنسيتهم وانخفاض دخلهم.
وتلقت المقررة الخاصة تقارير تفيد بحبس عاملات منازل من قبل أصحاب العمل -قطريين وغير قطريين- ويخضع الكثير منهن لظروف عمل صعبة، فأيام العمل طويلة بشكل مفرط، ولا توجد أيام راحة، ويتم مصادرة جوازات السفر الخاصة بهن، وهواتفهن المحمولة، وفي بعض الحالات تتعرض العاملات للاعتداء الجسدي أو اللفظي أو الجنسي من قبل أصحاب العمل وأطفالهم المراهقين أو البالغين.
واستمعت المقررة الخاصة إلى شهادات عاملات منازل قلن إنهن حُرمن من الطعام لفترات طويلة، وأجبرن على العيش ببقايا الطعام، وقالت عاملة منزل من جنوب الصحراء إنها تعرضت للاغتصاب بشكل منتظم من قبل صاحب عملها لأكثر من عام، قبل أن تتمكن من الهروب من منزله.
انتقادات واسعة
الشهر الماضي، انتقد تقرير نشرته صحيفة بريطانية، تعامل الشركات القطرية مع عمالها القائمين على منشآت وملاعب كأس العالم لكرة القدم 2022، وعكس التقرير انتقادات واسعة، وحالة من الغضب تجاه ممارسات ضد العاملين على تشييد استاد البيت الرياضي في قطر، الذين لم يتلقوا أجورهم لمدة تصل إلى 7 أشهر، وفي بلد غني ينثر الأموال بلا حساب على الآخرين.
وقالت الصحيفة إن العمال يقومون بأعمال شاقة يتم تأديتها ضمن درجات حرارة مرتفعة للغاية، وسط ظروفٍ محفوفة بالمخاطر، فضلًا عن عدم تلقي أي أجور لقاء ذلك.
وتناول التقرير فشل السلطات القطرية الذريع في توفير بيئة إنسانية للعاملين في منشآت كأس العالم، وغيرها من المواقع، كما يتعرض المهاجرون العاملون في قطر للإجهاد الشديد؛ جراء العمل في درجات حرارة عالية خلال الأشهر الأربعة الأكثر حرارة في العام.
ويستند تقرير الأمم المتحدة، الذي تم بتكليف مشترك من السلطات القطرية ومنظمة العمل الدولية بعد ضغوط دولية، إلى بيانات 125 عاملًا في موقعين هما استاد كرة قدم وموقع آخر، ووجد البحث أن ثلث العاملين في الدراسة عانوا ارتفاع الحرارة في وقت ما أثناء مناوبتهم، وتعرضوا لخطر صحي خطير، نظرًا لارتفاع درجة حرارة الجسم الأساسية فوق 38 درجة مئوية.
وأشار التقرير إلى التقسيم الطبقي لنوعية الحياة تبعًا للجنسية والأصل القومي على النطاق الذي شهدته المقررة، وقالت تينداي أتشيوم، إنه على الرغم من الإصلاحات التي قامت بها اللجنة المنظمة لكأس العالم في قطر، فإن على السلطات بذل المزيد من الجهد في ظل التحديات المستمرة والمعقدة التي تقوض امتثالها بالتزاماتها الدولية.
ويعمل حوالي مليوني عامل مهاجر في قطر، معظمهم من ذوي الدخل المنخفض من جنوب آسيا وشرق وغرب إفريقيا، بينما يشارك 18.500 من هؤلاء العمال حاليًّا في بناء ملاعب كأس العالم 2022، ويعمل عشرات الآلاف في مشاريع مرتبطة بالحدث نفسه، بما في ذلك في قطاعي الضيافة والأمن، ووفقًا للتقرير، لا يزال العمال ذوو الدخل المنخفض يواجهون التمييز والاستغلال.





