هل تآمرت موسكو مع «طالبان» ضد جنود الولايات المتحدة في أفغانستان؟
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء ٣٠ يونيو ٢٠٢٠، عن
اتصال هاتفي جرى بين الوزير مايك بومبيو والملا بارادار أحد قياديي حركة طالبان الأفغانية لتحذيره بشدة من استهداف جنود القوات الأمريكية في أفغانستان، وذلك
بعد معلومات استخبارية قالت وسائل إعلام أمريكية إنها حصلت عليها تفيد بوجود
صفقة بين روسيا والحركة المتشددة لقتل جنود الولايات المتحدة في أفغانستان.
ومن جانبه، أوضح المتحدث الرسمي باسم المكتب السياسي للحركة، سهيل شاهين على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «طالبان» ملتزمة تمامًا بمسار المفاوضات، مشيرًا إلى الإفراج عن المعتقلين كخطوة لإظهار حسن النية تجاه الحرص على الاتفاق.
الصفقة السرية
وكانت صحيفتا «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» الأمريكيتين نشرتا تحقيقات عن برنامج سري لدفع مكافآت مالية من جانب وحدة بالاستخبارات الروسية لعناصر طالبان؛ لقتل جنود الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان، كما أكدتا أن الاستخبارات المركزية الأمريكية أبلغتا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بذلك الأمر، وتم مناقشته في مجلس الأمن، ولكن الرئيس امتنع حينها عن الإفصاح عن الواقعة.
ومن جانبها، اعتبرت موسكو تلك الاتهامات التي صاغتها الصحافة الأمريكية محض هراء وافتراء، إذ قال الناطق الصحفي باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن هذه الاتهامات أمر سخيف.
هل كان يعلم ترامب بقتل جنوده؟
من جهته ينفي «ترامب» اطلاعه على تلك المعلومات بعكس ما تسوقه الصحيفتان، مؤكدًا أن هذه التقارير عارية من الصحة، ومشيرًا إلى أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية وجدت هذه المعلومات غير جدية، ولذلك لم تطلعه أو نائبه مايك بنس عليها.
كما صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكناني، بأن ترامب لم يطلع على تقارير لهذه المعلومات، مستنكرة نشر الصحافة لمعلومات تحتاج لمزيد من التدقيق لإثبات مدى صحتها، مؤكدة أن «ترامب» يهتم بشدة بمصلحة وأمان القوات الأمريكية في أي مكان بالعالم.
وأشارت إلى أن قرار قتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، جاء بعد معلومات عن تشكيله خطرًا ضد القوات الأمريكية، أي لا يمكن أن يستهين ترامب بحماية الجنود.
الجدال السياسي بأمريكا
لم يؤد نفي «ترامب» علمه بالوقائع إلى تهدئة الساسة بالداخل بل أدت إلى تصاعد الخطاب السياسي فيما بينهم، وأفسحت المجال لخصوم الرئيس الأمريكي لاستغلال الوضع المضطرب حاليًّا بالبلاد على خلفية الاحتجاجات الخاصة بمقتل المواطن جورج فلويد، إذ قالت رئيسة مجلس النواب التابعة للحزب الديمقراطي، نانسي بيلوسي: إن ترامب كان على علم بالأحداث، ولكنه اختار المحاباة لروسيا، فيما طالب أعضاء الحزب الجمهوري من الحكومة بتقديم معلومات للبرلمان حول هذه الواقعة، ومدى جديتها، وهل كان ترامب على علم بها كما روجت الصحف أم لا؟ وبالتالي بات أمام إدارة ترامب أن تقدم بيانات مقنعة عن الأمر للكونجرس الأمريكي في مشهد سياسي أمريكي يزداد تعقيدًا.
مسار المفاوضات مع طالبان
يدفع ساسة الولايات المتحدة بأن الأحداث الأخيرة ستسهم في زيادة الاحتجاجات ضد ترامب، وبالأخص أنها تمس الجنود في الخارج، وهم الذين وعد ترامب بحمايتهم وإعادتهم إلى وطنهم في وعده الانتخابي السابق؛ ما يؤثر على شعبيته بالداخل، ولكن الأهم والأبرز في القضية هو مسار المفاوضات وماذا عن مستقبلها.
وفي هذا الصدد، أفادت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، «مورجان أورتاجوس» في بيان رسمي أن «مايك بومبيو» تواصل عبر تقنية الفيديو، في ٢٩ يونيو ٢٠٢٠، بزعيم «طالبان» هبة الله أخوند زاده والملا باردار؛ لبحث آليات تطبيق الاتفاقية الموقعة بين الولايات المتحدة والحركة، مشيرة إلى أن الوزير أكد على الحركة ضرورة الوفاء بالتزاماتها المتفق عليها، مع ضرورة تجنب القوات الأمريكية، وعدم المساس بسلامتها كشرط أساسي لاستكمال الطريق، ما يؤشر على أن المفاوضات الأمريكية مع «طالبان» أمر في غاية الجدية للطرفين.
وبحسب رأي الباحث المختص في شؤون الحركات الإرهابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، علي بكر في حديث سابق لـ«المرجع» فإن واشنطن تريد تقليل خسائرها المادية والبشرية في أفغانستان إلى جانب الحفاظ على الوعد الانتخابي لـ«ترامب»، ولذلك ستنسحب من البلاد عسكريًّا.





