أردوغان يستغل الانقسام الأوروبي حول ليبيا.. والاتحاد في مأزق
يشكل التدخل التركي في ليبيا خطرًا محدقًا على دول الاتحاد الأوروبي، لما للرئيس التركي رجب طيب أردوغان من صراعات مع الدول الكبرى في الاتحاد كألمانيا وغيرها من الدول، ولكن تدفع بعض الأطروحات السياسية بأن التجاذبات الداخلية والصراعات القائمة بين دول الاتحاد هي ما سمحت للجانب التركي بمزيد من التغول على الأراضي الليبية، وبالأخص الصراعات بين فرنسا وإيطاليا.
في رؤية للمواقف الدولية تجاه ليبيا؛ أكد رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق رومان رودي أن تعامل دول الاتحاد الأوروبي مع القضية الليبية سيئ باعتبار ليبيا تمثل الحدود البحرية الجنوبية الممتدة للقارة وترتبط سواحلها بالاتحاد بشكل مباشر، وتمثل بعدًا إقليميًّا في غاية الخطورة، ولم يكن يجب أن تسمح أوروبا بتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية بداخلها إلى هذا الحد الذي فتح المجال أمام تركيا وغيرها من الدول لتقرير مصيرها.
مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يملك قوة حقيقية على الأرض لوقف التدخل الدولي في ليبيا أو تعديل أوضاعها السياسية أو الأمنية، لافتًا إلى أن السبب في هذا التراجع الأوروبي يكمن في التمزق الداخلي لساستها، داعيًا فرنسا وإيطاليا لتبني موقف موحد تجاه القضية الليبية.
الصراع الفرنسي الايطالي تجاه ليبيا
في بداية الأزمة تبنت فرنسا دعم القائد الأعلى للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر أما ايطاليا فتوجهت رؤيتها السياسية لدعم رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وتبادلت كل منهما الاستقطاب الأوروبي، ما أسهم في إضعاف الموقف الموحد للقارة تجاه ما يحدث في المنطقة المجاورة لها وبالتالي اتجهت الدول الكبرى للتلاعب بمقدرات الدولة الممزقة.
ومن جهتها قالت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصصة في الشأن الآسيوي، نورهان الشيخ، في تصريح سابق لـ«المرجع»: إن المبادرات السياسية التي قدمتها روسيا لحل الأزمة، وإن كانت قد انتهت من دون توقيع اتفاقيات محددة أو الوصول إلى حل راسخ للأزمة، هو تمثيل واضح على الانقسام الأوروبي للأزمة، ما سمح للرئيس التركي بانتهاك الأوضاع الداخلية في ليبيا وخصوصًا في ظل الأطماع الاستعمارية العثمانية التي تتملكه تجاه الغاز والنفط والثروات المعدنية والموقع الإقليمي للبلاد.
مشيرة إلى أن روسيا تمثل حليفًا قويًا للجميع ولديها مصالح اقتصادية واستراتيجية مع غالبية الدول، لافتة إلى أن وحدة الصف الأوروبي تجاه الملف الليبي يقطع الطريق علي الحكومة التركية لاستغلال الأوضاع غير المستقرة بالبلاد للسيطرة على غاز البحرالأبيض المتوسط، ما يمثل أزمة للدول المستفيدة في أوروبا مثل اليونان.
تقدم الموقف الأوروبي
تجدر الإشارة إلى وجود تقدم جرى في المواقف الأوروبية حيال الأزمة الليبية، إذ لعبت الدبلوماسية المصرية دورًا كبيرًا في هذا الإطار، ففي يناير 2020 التقى الرئيس عبدالفتاح السيسي مع رئيس الوزراء الإيطالي، كونتي للتباحث حول القضية وما لها من بعد أمني وإقليمي وتاريخي من الطرفين.
وحينها استدل الساسة بهذه الجهود حول تعديل الموقف الأوروبي من أطراف النزاع في ليبيا، وبالأخص إيطاليا، وهو ما جاء على لسان مدير إدارة الشئون المعنوية الأسبق اللواء سمير فرج في تصريحات إعلامية في يناير 2020.
ومن الشواهد على تقدم الموقف الإيطالي، هو ما جرى فى يونيو 2020، بتوقيعها اتفاق مع اليونان لترسيم الحدود البحرية، علي أن تكون الجزر اليونانية المطلة على البحر الأبيض المتوسط مناطق اقتصادية تابعة لإدارة الأخيرة، ما يقطع الطريق ضد أطماع تركيا من استغلال غاز البحر المتوسط والتنقيب حياله، مستغلًا الاتفاق البحري المبرم مع فايز السراج التابع لإدارة الحلم العثماني في منطقة الشرق الأوسط.
المزيد.. خيانة متوقعة وخسة معهودة.. إخوان شمال أفريقيا يدعون أردوغان لاجتياح ليبيا





