ad a b
ad ad ad

فتش عن أردوغان.. الوساطة والمحسوبية تفسدان التعليم التركي

السبت 13/يونيو/2020 - 03:42 م
المرجع
محمود البتاكوشي
طباعة
يسعى الطغاة دومًا إلى حرمان شعوبهم من التعليم، فما أسهل حكم الشعب الجاهل، لذا يشهد التعليم التركي في الفترة الأخيرة حالة تشبه الموت السريري، إذ يتراجع بقوة من حيث الترتيب العالمي، حتى باتت جميع الجامعات التركية خارج قائمة أفضل 500 جامعة حول العالم، لدرجة أن إيران باتت تتفوق علميًّا على تركيا، رغم أنها كانت أقل بنحو 12 مرتبة في عام 2012 باتت الآن متقدمة عليها بأربع مراتب، كما تراجعت الميزانية المخصصة للتعليم العالي بنحو 42% مقارنة بميزانية عام 2019.
فتش عن أردوغان..
فشل كبير وتراجع أكبر
كما كشفت دراسة أجرتها وزارة التربية والتعليم التركية، مؤخرًا، تدني مستوى التحصيل الدراسي لدى طلاب المدارس الابتدائية، وأوضحت النتائج فشل 40% من الطلاب في فهم ما يقرؤون بمادة اللغة التركية.

تراجع جودة التعليم الأكاديمي في تركيا له عدة أسباب، أولها هجرة العقول عقب الانقلاب المزعوم صيف 2016، إذ شهدت الجامعات تراجعًا خطيرًا في حرية الرأي والتعبير؛ ما أدى إلى إغلاق 979 قسمًا علميًّا بالجامعات التركية بسبب هروب الأساتذة والطلاب، مشيرًا إلى تعطل العديد من الكليات والبرامج التعليمية نهائيًّا، بالإضافة إلى بسط مجلس التعليم العالي سيطرته على الجامعات بشكل أحادي، وتركيز الجامعات الخاصة على الربح فقط، وإهمال معايير الجودة التعليمية، علاوة على عدم خضوع الأكاديميين للتدريب اللازم، وتحميل الأكاديميين الشباب بأعباء ثقيلة على عاتقهم.

كما أغلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان 15 جامعة تركية يعمل فيها 2760 أكاديميًّا، بذريعة انتمائها لجماعة رجل الدين فتح الله جولن، فضلًا عن اعتقال العديد من الأكاديميين بالتهمة ذاتها أو الاكتفاء بفصلهم من مناصبهم في الجامعات الحكومية والخاصة، فضلًا عن فصل 135 ألفًا و144 من العاملين في المؤسسات التعليمية تعسفيًّا، من خلال 36 قرار خلال حالة الطوارئ بتوقيع من رئيس الجمهورية أردوغان، أما عن توزيع هؤلاء المفصولين، فقد بلغ عدد المفصولين من مؤسسات التعليم العالي نحو 41 ألفًا و705 أشخاص أي نحو 30% من إجمالي المفصولين، وبلغ عدد المفصولين من وزارة التربية والتعليم بقرارات حالة الطوارئ 34 ألفا و393 شخصًا، وبلغ عدد العاملين الإداريين المفصولين من مؤسسات التعليم العالي 7 آلاف و312 شخصًا.

كما كشفت بيانات صادرة عن مركز القياس والاختيار والتنسيب التركي أن هناك 2450 قسمًا بـ78 جامعة حكومية من أصل 122 جامعة بعموم البلاد، تخلو من أعضاء هيئة التدريس إما بشكل كلي أو جزئي.

يعد إصرار حزب العدالة والتنمية على تعيين رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالمحسوبية، وانتهاك القواعد العلمية على حساب النشر العلمي، أحد أهم أسباب انهيار التعليم؛ حيث كشف مقطع فيديو لعميد كلية العلوم في جامعة غازي في العاصمة أنقرة أورهان أجار المقرب من الحزب الحاكم، حال التعليم التركي الذي بات يُرثى له، إذ ترك الكاميرا الخاصة به والميكروفون مفتوحين خلال لقائه مع طلابه عبر نظام الفيديو كونفرانس، وقال لشخص بجانبه: «هكذا يمكننا رؤية صور الفتيات أيضًا»، مما تسبب في موجة كبيرة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ودفعه للاستقالة من منصبه.

فتش عن أردوغان..
تعليم منهار
هذه الواقعة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فالأيام الماضية شهدت أيضًا واقعة مثيرة للبروفيسور شفق أرتان تشوماكلي رئيس جامعة الأناضول، الذي أثار موجة كبيرة من الجدل بسبب بث مباشر له مع طلابه على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مقطع الفيديو يظهر فيه أحد الطلاب يقول: "لا داعي للسياسة، وألغوا الاختبارات، ليرد عليه تشوماكلي، قائلا: ويلكم ذاكروا دروسكم ذاكروا! والله لأخبركم وأشكوكم إلى والدتي وهي تقطعكم جميعا! تكسر رؤوسكم وتفقأ عيونكم" ما أثار عاصفة انتقادات ضده انتهت باستقالته لأسباب صحية.

كما تسبب قرار تعيين رئيس جامعة البحر الأسود التقنية البروفيسور سليمان بايكال في موجة من الجدل كذلك؛ إذ إن بناته الثلاثة وصهريه يعملون أعضاء في هيئة تدريس الجامعة نفسها، نفس الأمر ينطبق على عميد كلية الطب بجامعة نجم الدين أربكان في مدينة قونيا، البروفيسور جلال الدين واطنساف، الذي ما أن تم تعيينه عميدًا للكلية؛ حتى عين شقيقه، وابنه، وزوجته في الجامعة نفسها، وعلى نفس الدرب سار رئيس جامعة سليمان دميرال في مدينة إسبارتا، البروفيسور إيلكار تشاريكتش إذ وفر فرص عمل لزوجته وشقيقه وصديق شقيقه ومدرب التزلج الخاص بابنته وزوجة معلم الموسيقى الخاص بها أيضًا في الجامعة نفسها، وعندما افتضح الأمر، اكتفى بالقول إن قرارات التعيين صدرت بناء على الجدارة، والأمثلة على ذلك أكبر من أن يتم حصرها.

ولعل تصريحات نائب رئيس جامعة صباح الدين زعيم في إسطنبول بولنت آري التي قالها في مارس 2016 تؤكد احتكار النظام التركي للتعليم حيث قال: أشعر بالغضب كلما زادت معدلات التعليم، في هذا البلد، أنا أثق أكثر في بصيرة وآراء قطاع المواطنين غير المتعلمين والجهلة، أي أن من ينهضون بالبلاد، هم من لم يتعلموا، ولم يدرسوا حتى الابتدائية، نعم الشعب الذي لم يدرس المرحلة الجامعية!.
"