قضية زاهر خان.. تحديات قانونية جديدة لمواجهة الإرهاب في بريطانيا
في خضم ما تسعى إليه الحكومة البريطانية لتقويض فرص تنامي الإرهاب في البلاد، استطاع الداعشي محمد زاهر خان، مطلع مايو ٢٠٢٠، أن يربح جولته القضائية الأولى ضد القانون الجديد المعمول به في البلاد منذ فبراير ٢٠٢٠ لمكافحة التطرف.
في فبراير الماضي أقرت الحكومة البريطانية بعد مناقشات برلمانية طويلة
قانون جديد لتشديد العقوبات على المتهمين في قضايا إرهاب، وتحديدًا فيما يخص مدة
الإفراج عن المسجونين منهم، والتي كانت تتساوى مع مجمل المدة المقررة للعقوبات
جميعها بما فيها الجنائية، إلى جانب منع الإفراج عنهم مبكرًا، وبعد إتمامهم مدة السجن
التي باتت أطول يعرضون على لجنة لتحديد إذا ما كانوا مؤهلين للإفراج من عدمه، ومن
ثم إخضاعهم لبرنامج إلزامي للمعالجة النفسية، وتصحيح المفاهيم.
وكان من شأن هذه التعديلات أن تعطل الإفراج عن «زاهر خان» من فبراير٢٠٢٠ حتى نوفمبر ٢٠٢٠، وهو ما اعترض عليه محامي الإرهابي ليقدم على مقاضاة الحكومة البريطانية والطعن ضد قانونها الجديد؛ للحد من التطرف، وبالفعل استطاع ربح الجولة الأولى من القضية.
قانون للمسلمين فقط
ادعى محامي الداعشي المسجون أن القانون المصاغ حديثًا يميز ضد المسلمين، ويحمل لهم دون غيرهم من متهمي القضايا العنصرية أحكامًا خاصة، ما ينتهك من وجهة نظره معايير الدولة، وحقوق الإنسان الأساسية التي تمنع سن قوانين أو ممارسات خاصة طبقًا للدين.
وبالتالي اعتبر القاضي في حيثيات قراره أن ادعاء المحامي ذو اعتبار حقيقي، ويجب على الهيئات المعنية مراجعة المواد للتأكد من خلوها من أي انتهاك للحقوق الأساسية للمواطنين بالبلاد، وهو ما شكل صدمة للمجتمع والحكومة التي عولت على القانون الجديد كرادع ضد الأنشطة الإرهابية، التي شكلت خطرًا متصاعدًا على البلاد خلال السنوات القليلة الماضية.
من هو زاهر خان؟
زاهر خان صاحب القضية الجدلية، مواطن بريطاني من برمنجهام يبلغ من العمر ٤٠ عامًا، كان يدير متجرًا في سندرلاند، وحكم عليه في ٢٠٠٨ بتهمة الترويج للإرهاب، والدعوة للانضمام لتنظيم داعش الإرهابي.
وخلال التحقيقات اعترف باستخدامه مواقع التواصل الاجتماعي من أجل الترويج للتنظيم، وحث المواطنين على الانتماء له، وعلى تنفيذ الهجمات المتطرفة طبقًا لعقيدته كاستراتيجية لمضاعفة عدد الذئاب المنفردة.
مبررات واقعية
تجدر الإشارة إلى أن التعديل القانوني الذي جرى لمواد الإفراج المبكر عن الإرهابيين ارتبطت وفقًا لصحيفة «الجارديان» بحالات مماثلة استفادت من الخروج المبكر في العودة لتنفيذ الهجمات مرة أخرى، مثلما حدث مع الإرهابي سوديش عمان الذي نفذ هجمات طعن بالسكين في ستريتهام بعد خروجه من السجن بأيام فقط، وغيره من النماذج، ولذلك اتجهت الدولة لتقييد الإفراج عن الإرهابيين عبر شروط محكمة.
وتدافع الحكومة عن قانون فبراير عبر ممثل وزارة العدل، «جيمس إيدي كيو سيط» الذي قال إن التشريع الجديد يطبق على جميع الإرهابيين وليس به تمييز على أساس الدين أو العرق، كما أن إقراره كان لحماية المجتمع والأبرياء من الهجمات الدامية للمتطرفين، مؤكدًا أن البرلمان من حقه تمييز الإرهابيين باعتبارهم مجرمين خطيرين.
معضلة الإرهابيين والقوانين في بريطانيا
وتعد المملكة المتحدة من أبرز الدول الأوروبية التي واجهت العديد من التحديات على مستوى مكافحة الإرهاب، فالقوانين الخاصة بالملف كانت تتسم بالضعف النسبي، وعدم الغلظة، وهو ما ظهر في إشكالية خلية البيتلز الداعشية التي كان يتزعمها محمد إموازي، والتي استهدفت ذبح الأجانب في سوريا إبان سيطرة تنظيم داعش على المنطقة، فعقب القبض على البريطانيين الكسندا كوتي وشافعي الشيخ أعضاء الخلية في 2018 اضطرت بريطانيا للتوافق مع واشنطن لترحيلهما إليها لإعدامهم؛ لأن قوانين المملكة ستمنحهم سنوات سجن يخرجون بعدها للاختلاط بالمجتمع، وهو ما كانت تخشاه بريطانيا.
ومع كشف التوافق بين لندن وواشنطن إزاء هذا الأمر، باتت المملكة المتحدة أمام تحدٍ كبير لتوفيق قوانينها بما يتناسب مع خطورة الحدث، إذ كشف مؤشر الإرهاب الدولي 2019 الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام بأستراليا أن بريطانيا هي أول الدول الأوروبية في نسب الاستهداف من الإرهابيين، وأنها مصنفة من أول 30 دولة حول العالم من خلال نسب ضحايا الإرهاب سنويًّا، محافظة على نسب ارتفاع سنوية في معدل الهجمات المتطرفة.
وفي تصريح سابق لـ«المرجع» قال العميد خالد عكاشة، مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف فى مصر: إن قضايا الإرهاب وما تشكله من خطورة على المجتمع تجعل للدولة الحق السيادي في تحديد جوهر الخطورة، وطرق التصدي لها، وبالأخص في قضايا الإرهابيين العائدين من سوريا، وانخراطهم في جماعات عاتية التطرف كداعش وجبهة النصرة وغيرها.





