انفراجة وشيكة.. اتفاق سياسي في أفغانستان لإنهاء الصراع بالبلاد
على مشارف حدوث انفراجة في ملف الرئاسة الأفغانية المعقد، أعلن الجانبان المتنافسان أن الرئيس أشرف غني ومنافسه عبدالله عبدالله، على وشك حل الخلاف بينهما حول الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2019، وهو الخلاف الذي هدد عملية السلام التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان.
واشتعلت الخلافات
بين الطرفين حينما نصب كل منهما نفسه رئيسًا لأفغانستان في مراسم منفصلة، إذ شغل عبدالله
منصب «الرئيس التنفيذي» بموجب اتفاق لتقاسم السلطة مع غني، لكنه خسر المنصب بعد الانتخابات
الرئاسية التي نظمت عام 2019، وفاز بها «غني» وسط اتهامات بالتزوير، أعلن على إثرها
عبدالله نفسه رئيسًا للبلاد، رغم أن المجتمع الدولي لا يعترف إلا بغني.
وقال صديق صديقي المتحدث باسم أشرف غني في تغريدة على موقع التواصل «تويتر» الجمعة 1 مايو، إنه تم إحراز تقدم في حل النزاع، والمضي قدمًا في المفاوضات والمناقشات الجارية حول المسائل والقضايا السياسية المهمة لحلها.
وبحسب فريدون خوازون المتحدث باسم عبدالله عبدالله، فإن مسودة اتفاق بين الجانبين تم الانتهاء منها تضمنت مقترحات بأن يقود «عبدالله» مجلسًا أعلى لمحادثات السلام وأن يختار نصف أعضاء الحكومة الأفغانية الجديدة، ومن حيث المبدأ تم التوصل إلى اتفاق لكن هناك بعض الأشياء التي يجب الانتهاء منها؛ نعتقد أنها ليست عقبات كبيرة وسيتم حلها.
يأتي ذلك فيما رفضت حركة طالبان الدعوة التي وجهها الرئيس الأفغاني «أشرف غني» في 23 أبريل 2020، لوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان المبارك؛ لتهيئة الأجواء للمواطنين للاستمتاع بالشهر الكريم، وتمكين الحكومة من محاربة جائحة كورونا «كوفيد-19»، وتقويض انتشاره في البلاد.
وللمزيد..هدنة رمضان تعري مصالح الأقوياء في أفغانستان
وقال «عبدالله عبدالله» الذي شغل منصب «الرئيس التنفيذي» للبلاد في تغريدة على حسابه على «تويتر»: «أحرزنا تقدمًا في المفاوضات، وتوصلنا إلى اتفاق أولي حول مجموعة من المبادئ، والعمل جارٍ على التفاصيل لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاقية، ونأمل في وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق السياسي في أقرب وقت، حتى نتمكن من إيلاء اهتمام تام لمعالجة جائحة «كوفيد-19»، وضمان سلام عادل وكريم ودائم، والتصدي للتحديات الأمنية والاقتصادية بروح الوحدة الوطنية والتضامن».
العقبات والمستقبل
علي الرغم من ترحيب الشارع الأفغاني والأحزاب السياسية بتوقيع اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، لكن الأمر لا يخلو من عقبات كثيرة تعيق الاتفاق، وقال مصطفى كمال الباحث المساعد بوحدة الدراسات الأمنية والعسكرية بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، لـ«المرجع» إن علي رأس هذه العقبات تأتي فجوة الثقة بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، وخشية المجتمع المدني وخاصة مؤسسات حقوق المرأة على مكاسب وإنجازات تحققت في ظل حضور القوات الأمريكية في أفغانستان، إضافةً إلى إصرار الحركة على استخدام مصطلح «إمارة أفغانستان الإسلامية» حتى إن المصطلح يوجد في نص الاتفاقية، لذلك نرى أن الجانب الأمريكي أصرَّ على إضافة عبارة «لا تعترف بها الولايات المتحدة كدولة».
وأردف «كمال»، ثاني هذه العقبات تكمن في تنصل الرئيس الأفغاني «أشرف غني» من التعهد بالإفراج عن 5000 سجين لحركة طالبان، وهذا شرط طالبان لبدء المفاوضات مع الجانب الأفغاني؛ إذ يعد سجناء طالبان ورقة ضغط مهمة في يد الحكومة الأفغانية وتصر على أنها لن تطلق سراح هؤلاء السجناء إلا بعد بدء مفاوضات مباشرة بينها وبين طالبان، والرئيس الأفغاني يدرك جيدًا أن تبادل الأسرى قبيل بدء المفاوضات معناه أن الحكومة تحرم نفسها من ورقة تفاوضية، ولتجاوز هذا التعقيد، حرصت واشنطن على إيفاد وزير الدفاع مارك إسبر، إلى كابول للقاء الرئيس الأفغاني، وأصدر الطرفان بالتزامن مع التوقيع على اتفاق الدوحة «الإعلان المشترك بين جمهورية أفغانستان الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية لإحلال السلام في أفغانستان»، وأكد الإعلان، من حيث المبدأ، بنود الاتفاق مع طالبان نفسها، مع التشديد على «التزام الولايات المتحدة بدعم قوات الأمن الأفغانية والمؤسسات الحكومية الأخرى، بما في ذلك من خلال الجهود المستمرة لتعزيز قدرة قوات الأمن الأفغانية على التصدّي للتهديدات الداخلية والخارجية والاستجابة لها».
وأشار الباحث المساعد بوحدة الدراسات الأمنية إلى أن العقبة الثالثة، تتعلق بالصراع داخل حركة طالبان نفسها؛ حيث إن أطرافًا داخل الحركة ترفض الاتفاق، وغير مستعدّة للتخلي عن تحالفها مع القاعدة، والعقبة الرابعة تتعلق بالداخل الأمريكي؛ إذ ينص الاتفاق، في أحد بنوده، على أن تعمل الولايات المتحدة على رفع العقوبات عن حركة طالبان وأعضائها، ولكن قيادة طالبان الحالية تضم شبكة حقاني، المصنفة أمريكيًّا مجموعةً إرهابية، ويشغل زعيم الشبكة، سراج الدين حقاني، منصب نائب زعيم طالبان.
وأضاف كمال أن العقبة الخامسة، تتمثل في الأزمة السياسية التي تواجهها أفغانستان حاليًّا، من رفض رئيس السلطة التنفيذية، عبدالله عبدالله، نتيجة الانتخابات الرئاسية واعتبار نفسه الرئيس الشرعي، وهذه عقبة رئيسية أمام المفاوضات الأفغانية وسيكون من الصعب على الولايات المتحدة وحركة طالبان تطبيق بنود الاتفاق في ظل شرخ الصف الأفغاني بعد الانتخابات الرئاسية، وشق صف السلك الدبلوماسي في أفغانستان؛ حيث لم يحضر سفراء إيران وروسيا وتركيا ودول من آسيا الوسطى حفل تنصيب الرئيس، أشرف غني.
ولكن كل هذه العقبات قد لا تكون كافية لإفشال الاتفاق؛ ذلك أن للطرفين مصالح معتبرة تجنيها من نجاحه، فالولايات المتحدة باتت تريد الخروج من مأزق أفغانستان بكل السبل، في حين أن من شأن خروج القوات الأجنبية جعل «طالبان» القوة الأولى في البلاد، وربما يمكنها العودة إلى حكمها من جديد.
وللمزيد.. «القاعدة» يهنئ «طالبان».. بوادر فشل اتفاق السلام في أفغانستان





