ad a b
ad ad ad

الفصائل المتناحرة.. أسباب امتناع «تحرير الشام» من تفكيك «حراس الدين»

الأربعاء 29/أبريل/2020 - 03:51 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

منذ انطلاق تنظيم ما يعرف بـ«حراس الدين»، الذي يقدم نفسه كـ«جناح لتنظيم القاعدة في سوريا»، في فبراير 2018، لا يأتي ذكره إلا وصاحبه حديث عن ما تعرف بـ«هيئة تحرير الشام»، باعتبارها العدو الأول للتنظيم الذي يتحضر لتدميره.


الفصائل المتناحرة..

العلاقة المتوتر بين الفصيلين، لم يتمكن العامان اللذان مرا على حضور «حراس الدين» إلى المشهد السوري، من تهدئتها أو حسمها لصالح فصيل منهما؛ إذ ظلت العلاقة متراوحة بين مزايدات من «حراس الدين» على الهيئة، واتهامها بالتفريط، ووعود من الهيئة بالتفكيك.


ورغم كثرة التهديدات وسهولة تنفيذها، استنادًا إلى التفوق العددي والعسكري للهيئة على «حراس الدين»، الذي يصنف كأحد الفصائل الصغيرة بمدينة إدلب، إلا أن «تحرير الشام»، لم تقدم بعد على هذه الخطوة، الأمر الذي يطرح تساؤلًا حول السبب الذي يدفع «تحرير الشام» للإبقاء على «حراس الدين»، رغم المناوشات والإزعاج الذي يسببه التنظيم.


وتعد واقعة مدينة «أرمناز» في ريف إدلب الشمالي الغربي، التي شهدت توترًا أمنيًّا بين هيئة «تحرير الشام» وتنظيم «حراس الدين»، على خلفية محاولات لـ«الهيئة»؛ لإغلاق مقار «الحراس» في عدد من المدن والبلدات في ريف إدلب الغربي والشمالي الغربي، أحدث مشاهد الصدام بين الفصيلين؛ إذ تسببت الواقعة في انتشار واسع لعناصر الطرفين في محيط المدينة، وحول المواقع والمقار العسكرية.


ويقول «حراس الدين»: إن الهيئة تخصه بتضييق استثنائي، يزيد عن كافة المضايقات التي تمارسها الهيئة مع باقي الفصائل المتواجدة في مناطق انتشارها، فيما قال القائد العسكري في «حراس الدين» أبو محمد السوداني، عبر قناته على موقع «تيليجرام»: «منهج وشعار حراس الدين منذ تأسيسه، يتمثل في اللجوء في حل الخصومات إلى شرع الله عز وجل، وللأسف نرى في هذه الأيام، كثرة التحريض والتأليب على هذه الفئة من بعض المغرضين وغير المبالين بمصير الساحة».

وتابع السوداني: «ندعو عقلاء الفصائل المجاهدة التدخل؛ لإيقاف هذا التهور، كما ندعو العقلاء إلى الاجتماع؛ لترتيب الصف الداخلي، والتفرغ لقتال النظام».
الفصائل المتناحرة..

وإن جاء رد السوداني قليل الحدة، إلا أن «حراس الدين» يلمح إلى احتمالية لجوئه للتصعيد العسكري، إن واصلت «تحرير الشام» في خطة مضايقتها له؛ إذ قال قيادي بالحراس يدعى «شبل أسامة»: «إذا تعقدت الأمور، فيكون دفع الشر بقدره دفاعًا عن النفس، وأنا أتساءل، لماذا القوم يصرون على استمرار الاستنفارات؟.


كنا ولا زلنا نحذر من خطورة اندلاع الاقتتال الداخلي في ساحة الشام، التي لم تورث إلا الفرقة وإشعال نار الفتن، وخدمة مصالح الروس والنصيرية والأتراك، الذين يتمنون لو يحدث اقتتال داخلي».


في نفس السياق، جاءت تحريضات من قبل «أبو عبد الكريم الغربي»، قيادي يرجح أنه من المقربين لـ«الحراس»، وليس منتميًا له، طرح فيها فكرة قتل «أبو محمد الجولاني»، زعيم الهيئة؛ لتهدئة الصراع بين الهيئة والحراس.


وخلال بيان نشره عبر قناته على «تيليجرام»، توجه فيه بالحديث لكل من الفصيلين؛ مطالبهم بعدم إثارة الفتنة.


وخصص جزءًا من حديثه؛ لمخاطبة «حراس الدين»؛ مطالبهم بالتمهل وعدم الحكم على عناصر تحرير الشام من خلال أخطاء قادتهم، في نفس السياق، طالب عناصر «الهيئة»، بالتخلص من «الجولاني».


ورغم أن تلك الدعوات، هي الأولى من نوعها، التي ترفع سقف العداء بين «حراس الدين» و«تحرير الشام» إلى حد المطالبة بتصفية «أبو محمد الجولاني» شخصيًّا، إلا أن تحرير الشام لم تتخذ أي رد فعل تجاه هذه الدعوات، فيما تبقي حدود تعاملاتها مع «حراس الدين»، على المضايقات من وقت لآخر.


وتقول نهاد الجريري، الباحثة المختصة في شأن الجماعات الإرهابية، في مقال بعنوان «حسمًا للمواجهة مع حرّاس الدين.. شرعي يدعو لتصفية الجولاني»: إن «تحرير الشام» غير راغبة على تسديد ضربة قاضية لحراس الدين، رغم كل الإمكانيات العسكرية، والعدد الذي يميزها عن التنظيم القاعدي.


ولفتت إلى أن «تحرير الشام»، ترى بقاء «حراس الدين» في إدلب وداخل مناطق الهيئة مهمًا؛ للضغط على المجتمع الدولي.


متابعةً، أن الجولاني الذي يقود أكبر مجموعة مقاتلة في إدلب ومحيطها، ويتحكم بملايين الدولارات من النفط والضرائب، يحتاج إلى وجود هذه الجماعة الموالية للجهاد الأفغاني الأول «القاعدة»؛ ليكونوا ورقة ضاغطة على المجتمع الدولي، «فإمّا يحتويهم، أو يتركهم يعيثون في الأرض».


وبدوره، رأى المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير حديث له، أن القضاء على «حراس الدين» من قبل الهيئة أمر ليس سهلًا على الأخيرة؛ لخشيتها من إحداث ذلك انشقاقات داخلية في صفوفها، أو تكتل التنظيمات الجهادية ضد الهيئة؛ انتقامًا لحراس الدين.


ولفت المرصد إلى أن الهيئة تفضل العمل وفق سياسة الإضعاف والتضييق؛ لتصفيته تدريجيًّا، معتبرةً أن هذه السياسة ستؤتي ثمارها، وعملية؛ لقدرتها على تجريد التنظيم من قدرته وعناصره، على المدى البعيد.


ومن وقت لآخر، تتعرض هيئة تحرير الشام لحراس الدين، إما بسرقة سلاح أو قتل قيادي أو احتجاز بعض عناصره، وتواجه حراس الدين ذلك بانتقادات وتشكيك في تدين هيئة تحرير الشام.

"