هل تستغل جماعة الإخوان تبرعات «كورونا» لتمويل أنشطة التنظيم؟
يومًا تلو الآخر، تطلق جمعيات تابعة لجماعة الإخوان، حملات لجمع التبرعات في عدد من الدول، زاعمين أن الهدف منها مساندة الأسر الفقيرة والدول في ظل انتشار فيروس كورونا، إلا أن تلك الأموال لا يتم إنفاقها على الشعب؛ ما يثير تساؤلات بشأنها، ومصدر إنفاقها، وهل تستغل الجماعة جائحة كورونا؛ من أجل جمع أموال للتنظيم؟.
إخوان الكويت
في 28 مارس 2020، أطلقت جمعيات خيرية في الكويت، ومنظمات يبلغ عددها 41 منظمة وجمعية، حملة تبرعات، تحت شعار «فزعة للكويت»، حصدت بها مبلغ 9 ملايين و169 ألف دينار.
وذكر صالح مرعي الشمري، وهو إمام وخطيب مسجد ابن أبي الدنيا في منطقة جابر الأحمد، أن 90% من الجمعيات الخيرية، تسرق أموال التبرعات، ولا تصل إلى الغاية المقصودة منها، وإنما تذهب إلى الموظفين القائمين عليها، وتنظيم الجماعة.
وتابع في تسجيل فيديو بثه عبر مواقع التواصل الاجتماعي :«إن هذه الأموال لا تصل كاملة»، مطالبًا المواطنين بدفع التبرعات إلى المحتاجين والفقراء مباشرةً.
وفي 1 أبريل 2020، دعت الإعلامية الكويتية فجر السعيد شعبها، إلى عدم التبرع للجمعيات الخيرية ووصفتها، بأنها جمعيات إخوانية تستغل الأموال لصالح التنظيم الدولي، وقالت في سلسلة تغريدات عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي تويتر: «يا شعب الكويت الأبيّ، لا تتبرعوا لحملة تقودها جمعيات خيرية إخوانجية، فلوس الإخوانجيه تروح للتنظيم، ما تنصرف للكويت، حتى وإن وروكم علب وأكل»، مضيفةً «ترى يصرفون دينار، والباقي يحولونه للتنظيم الدولي، اللهم بلغت اللهم فأشهد».
وأكدت «السعيد»، أن التبرع سلوك إنساني متحضر، لكن في الكويت يجب أن تفتح الدولة عيونها جيدًا، أين ستذهب الأموال؟»، داعيةً وزارة الشؤون الاجتماعية إلى أن تضع يدها على التنظيم الدولي للإخوان؛ لأنه يعاني ضائقة مالية، وأضافت: «أرجو ألا يأتيه الفرج من الكويت، الإخوان لا مشاعر لديهم، وشعبنا عاطفي يحب بلده وفعل الخير».
المال التركي
تبرعات الشعب التركي أيضًا، لا تنفق على المواطنين؛ لمواجهة أزمة «كورونا»، ففي 30 مارس، أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حملة تبرعات؛ لمواجهة تداعيات كورونا، بعد حديثه في خطابات سابقة، عن أن الأمور في تركيا تحت السيطرة، وإعلانه إطلاق حزمة اقتصادية؛ لمواجهة الفيروس تحت اسم «درع الاستقرار الاقتصادي»، بقيمة 100 مليار ليرة «قرابة 15.5 مليار دولار».
وتمكنت تركيا منذ إطلاقها حملة التضامن الوطني؛ لمساعدة متضرري كورونا، من جمع ما يقرب من 846 مليون ليرة تركية «130 مليون دولار»، وواجه أردوغان حملة انتقادات من شخصيات سياسية، بعد أن أعلن عن تخصيص حساب بنكي؛ لتلقي التبرعات من المواطنين؛ لمواجهة الوباء، معتبرين أن الحكومة عليها مساعدة مواطنيها، وليس العكس.
وتأتي تلك الحملات في الوقت الذي ينشغل فيه الرئيس التركي بإنفاق موارد الدولة على الحرب في ليبيا ومشروعاته التوسعية؛ ما دعا مؤسسات حقوقية بإصدار بيان؛ لفضح سياسة خداع أردوغان للشعب التركي، واستغلال أمواله؛ لتحقيق أغراضه السياسية.
وبناءً عليه في 3 أبريل 2020، أصدرت 76 مؤسسة حقوقية تركية بيانًا مشتركًا؛ لرفض حملة التبرعات التى دعا إليها الرئيس رجب طيب أردوغان؛ بحجة مساعدة ضحايا انتشار فيروس كورونا، معتبرين إياها وسيلة للتحايل على الشعب، في ظل تمويل مشروعات عملاقة، مثل قناة إسطنبول البحرية.
وذكرت المؤسسات التركية الرافضة لدعوة الرئيس التركي في البيان: «نحن لسنا بحاجة إلى الاستغلال السياسي والحظر والمواقف الاستقطابية، وخلق فرص من الوباء، وإنما إلى التضامن والشفافية والمعلومات الصحيحة والمزيد من الديمقراطية أكثر من أي وقت مضى».
وأوضحت المؤسسات في بيانها: «نحن كمواطنين، نعرف معنى التضامن، ونعرف أيضًا أن تضامننا وضرائبنا لم تُنفق علينا، وعلى النظام الذي أطلق أرقام حسابات بنكية للشعب، أن يجاوب على هذا السؤال، أين الموارد التي توفرها ضرائبنا؟ ولماذا لا تستخدم لتلبية الاحتياجات المجتمعية التي تسبب فيها وباء كورونا للشعب؟».
تبرعات تونس
تبرعات الجمعيات الإخوانية التونسية أيضًا، لم تذهب لمواجهة جائحة «كورونا»، فالعديد من الجمعيات لم تقدم الدعم في مجابهة كورونا، ولا في مساعدة الطبقات الفقيرة، كما كانت تفعل في الحملات الانتخابية، وبرغم جمعها للملايين من تبرعات المواطنين، لم تشترك في المساهمة المجتمعية لدعم جهود الدولة في مواجهة الفيروس.
ففي 22 مارس 2020، أعلن رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، عن إنشاء صندوق بقيمة 700 مليون دينار؛ بهدف المساهمة في هيكلة المؤسسات المتضررة، جراء فيروس كورونا، وذلك ضمن خطة مساعدات حكومية، وتمكنت حملة التبرعات من جمع أكثر من 27 مليون دينار «8,5 ملايين دولار».
وأوضح سفيان الكراي، عضو لجنة جمع التبرعات لصندوق 1818، أنه لم يقع تسجيل أي مساهمة من الجمعيات الإسلامية في دعم جهود الدولة لمجابهة «كورونا».
وتابع في تصريحات صحفية، أن حملة التبرعات شارك فيها العديد من الفنانين ولاعبي كرة القدم، مؤكدًا الغياب الكامل للجمعيات الخيرية، التي كانت ناشطة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خاصةً في الحملات الانتخابية، وجمعت أموال طائلة من التبرعات، ولكنها لم تشارك في المساهمة لمواجهة كورونا.
وأوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أنيس الميموني، أن الجمعيات الإخوانية التونسية، تتلقى أموالًا ضخمة من قبل تركيا وقطر؛ لخدمات الأجندة الإخوانية، موضحًا أن أزمة كورونا، كشفت أن الجميعات الخيرية التونسية، لم يكن الهدف منها إعانة الناس، وإنما استقطاب الشباب وتمويل الإرهاب، مثلما أكدت جهات قضائية، مع مطلع عام 2018.
التمويل البديل
وفي هذا السياق، يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن جماعة الإخوان تعاني من صعوبات وإشكاليات مالية في العديد من دول العالم، وكثير من الدول الأوروبية، مثل فرنسا وألمانيا، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية تراجع المصادر المالية للجماعة؛ ما دعا التنظيم للبحث عن مصادر تمويل بديلة.
وأضاف لـ«المرجع»، أن جماعة الإخوان تتحرك في عدة اتجاهات حاليًّا؛ من أجل جلب مصادر تمويل، ولجأوا في الفترة الأخيرة للتبرعات، سواء في أزمة كورونا أو الأنشطة والمناسبات الدينية المهمة؛ من أجل جمع ملايين الجنيهات، في ظل تضييق النشاط المالي في أوروبا.





