دلالات إفراج الحكومة الأفغانية عن سجناء «طالبان»
الثلاثاء 14/أبريل/2020 - 11:41 ص
محمد يسري
أعلنت الحكومة الأفغانية، مساء الأربعاء 8 أبريل 2020، الإفراج عن 100 عنصر من سجناء حركة طالبان، وذلك بعد ساعات قليلة من تعليق المفاوضات بين الطرفين، والتي وصفتها الحكومة بأنها عقيمة.
وعلل جاويد فيصل، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأفغاني، عملية الإفراج بأنها جاءت نتيجة اعتبارات صحية للسجناء، الذين لم يكن من بينهم أحد من قادة الحركة.
الأمر أثار الكثير من التساؤلات حول الأسباب غير المعلنة لهذه العملية، والدوافع السياسية التي تقف وراءها لاسيما وجود الطرف الأمريكي شريك عملية السلام في أفغانستان، الذي توصل إلى اتفاق سلام مع «طالبان» في العاصمة القطرية الدوحة، تضمن انسحاب القوات الأمريكية في غضون 14 شهرًا من تاريخ الاتفاق الموقع نهاية فبراير 2020.
اعتراضات طالبان
قبل يوم واحد من إطلاق سراح السجناء، أعلنت حركة طالبان التخلي عن المباحثات مع الحكومة الأفغانية بخصوص تبادل السجناء، ووصفت هذه المفاوضات بـ«غير المثمرة»؛ خاصة أن إطلاق سراح السجناء يتأخر بذريعة أو بأخرى، وكانت هذه النقطة رئيسية في مفاوضات الدوحة.
وكان سهيل شاهين، المتحدث السياسي باسم طالبان، أكد أن الإفراج عن السجناء أحد الشروط الأساسية لاستمرار المفاوضات مع كابول التي بدأت في 10 مارس 2020، وأكد في تصريحات صحفية أن الولايات المتحدة ضامن أساسي في صفقة تبادل السجناء بين الحركة والحكومة الأفغانية، وأنها ملزمة بالإفراج عن 5 آلاف من سجناء طالبان.
وأوضح أن الرئيس الأفغاني أشرف غني، لم يقدم أي تعهدات حيال ذلك، في الوقت الذي أكد فيه «غني» خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الأفغانية كابل بعد اتفاق الدوحة مباشرة أن الإفراج عن المعتقلين ليس من شأن الولايات المتحدة، والحكومة الأفغانية وحدها التي تتمتع بهذه السلطة.
ووضعت حركة طالبان مسألة الإفراج عن سجنائها شرطًا أساسيًّا في استكمال مفاوضات السلام، وقال سهيل شاهين: «الحوار لن يتم إلا بعد الإفراج عنهم».
وبالفعل توقفت المفاوضات الرسمية بين الطرفين في السابع من أبريل 2020، وسط استمرار هجمات الحركة على مواقع للجيش والشرطة الأفغانية، أبرزها الهجوم الذي أودى بحياة 20 شرطيًّا بولاية تختار في 31 مارس 2020، إضافة لعدد كبير من الهجمات على مواقع أمنية حكومية في إقليم «هلمند» بجنوب البلاد وإقليم «بغلان» بشمال البلاد، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من القوات الأمنية الأفغانية.
ضغوط أمريكية
منذ توقيع اتفاق الدوحة تمارس الولايات المتحدة الأمريكية ضغوطًا على الحكومة الأفغانية؛ من أجل تنفيذ شروط حركة طالبان، وعلى رأسها الإفراج عن سجناء الحركة، وفي 25 من مارس 2020 أنهى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، زيارة استمرت يومًا واحدًا لأفغانستان، وأدلى بتصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء قال فيها: إنه أصيب بالإحباط من نتائج الزيارة؛ مضيفًا أن المساعي ستتواصل لإقناع كل أطراف الصراع بتبنى السلام والمصالحة، وقال إنه لا يزال متفائلًا بشأن احتمالات أن يُجري الأفغان محادثات سلام فيما بينهم.
ونقلت وسائل إعلام أفغانية تحذير وزير الخارجية الأمريكي للرئيس الأفغاني أشرف عبدالغني من مغبة الفشل في التوصل إلى اتفاق مع طالبان، معتبرًا أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى سحب جميع القوات الأمريكية من أفغانستان.
فيما أوضحت تقارير محلية أن الإدارة الأمريكية تلعب دورًا كبيرًا، في الضغط على الحكومة الأفغانية؛ من أجل إتمام عملية الإفراج عن سجناء طالبان، التي تضعها الحركة على رأس شروطها؛ لإتمام عملية السلام في أفغانستان، مشيرة إلى أن واشنطن تهدد أيضًا بخفض المساعدات الأمريكية لأفغانسان بواقع مليار دولار، إضافة لخفض التمويل في عام 2021، بجانب عدم التزامها بسحب قواتها من البلاد في المدة المحددة باتفاق الدوحة، الأمر الذي وضع الحكومة الأفغانية في مأزق كبير، مع تدهور الوضع الأمني نتيجة استمرار هجمات الحركة على المواقع الأمنية الأفغانية، بما قد يدفع كابول لمحاولة إرضاء الطرفين بإفراج جزئي عن سجناء الحركة.





