العنصرية و«كورونا» يهددان بمحو السكان الأصليين لأمريكا
أعلنت السلطات الأمريكية بشمال ولاية أريزونا في 7 أبريل 2020، القبض على متطرف عنصري يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للتحريض على قتل سكان نافاجو (الهنود الحمر) واصفًا إياهم بحاملي فيروس كورونا "كوفيد 19" في دمائهم ما يزيد من فرص تفشي المرض.
ووفقا لادعاءات المتطرف فإن نسبة الإصابة بين السكان تصل إلى 100%، وهو ما صنفته السلطات بالإرهاب وتعاملت معه كجريمة بهذا المنحنى، ومن ثم احتجزت المتهم البالغ من العمر 34 عامًا ويدعى "دانيال فرانزين" بتهمة الإرهاب لحثه الناس على قتل سكان نافاجو، مؤكدة أن أي تحريض من هذا النوع سيعامل مباشرة باعتباره قضية إرهاب.
اضطهاد سكان نافاجو
تعد الجريمة الأخيرة شكلا من أشكال الكراهية الممارسة من وقت لآخر ضد هؤلاء السكان الذين يسكنون جنوب غرب الولايات المتحدة بولاية أريزونا ونيو مكسيكو، ويعتبرون من السكان الأصليين للولايات المتحدة الأمريكية (الهنود الحمر)، والنافاجو هم ثاني قبيلة معترف بها فيدراليًا إذ يشكلون هيئة حكومية مستقلة تدير شؤونهم الخاصة، فيما يقدر عددهم بأكثر من 300 ألف نسمة.
ويذكر مركز (ERIC) أو مركز معلومات مصادر التعلم بالولايات المتحدة الأمريكية أن قبيلة نافاجو تتعرض لإقصاء عرقي نتيجة الاختلافات الثقافية بالبلاد يؤثر على حدوث تمييز ضدها في أماكن العمل والتعلم.
واتهمت لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري بجنيف في يونيو 2010، حكومة الولايات المتحدة باضطهاد السكان الأصليين لأمريكا، وأنها فشلت في تطبيق القوانيين الدولية لمنع التمييز العرقي، وأن المؤسسات الأمريكية تشهد تفرقة قوية ضد النافاجو بما يشمل العدالة الجنائية، داعية الحكومة الأمريكية لوقف هذا الاضطهاد بشكل فوري.
وفي عام 2005 شكت ممثلة نافاجو في مهرجان حضارات وثقافات شعوب الصحاري، "ماكس فيليبس" من تجارب اليورانيوم التي تجريها الحكومة الأمريكية بالقرب من مناطق وجودهم دون رعاية لحقهم في صحة جيدة ومعيشة أفضل، بينما اضطر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لإجراء تسوية كبرى مع النافاجو في 2014، إذ دفع مبلغ يقدر بـ554 مليون دولار لإسقاط دعوى قضائية رفعتها قبيلة الهنود الحمر ضد الحكومة الفيدرالية لإساءتها إدارة موارد القبيلة ما نتج عنه زيادة في تلوث البيئة وارتفاع نسب الإصابات بالسرطان نتيجة عدم وضع إطار صحي لحماية مواطنين المنطقة من آثار استخراج اليورانيوم.
ولاتزال عمليات الاضطهاد للشعب الأصلي للولايات المتحدة مستمرة، إذ كشفتها إحدى زلات الرئيس الأمريكي الحالى دونالد ترامب، ففي نوفمبر 2017 بينما كان ترامب يكرم الهنود الحمر على مساعداتهم خلال الحرب العالمية الثانية، قال خلال كلمته: "إنه يشكر النافاجو لأنهم كانوا موجودين من قبل على هذه الأرض، ولكن يقولون إن إحدى نائبات البرلمان كانت هناك أيضًا ويدعونها بوكاهانتس".
وبوكاهانتس هي امرأة من الهنود الحمر أسرها البريطانيون وتوفيت في العشرين من عمرها، ويعد المناداة باسمها وفقًا للعادات القبلية عنصرية مباشرة ما أثار استياء الحضور حينها، مؤكدين أن ترامب كان غير موفق في ذلك.
كورونا والتحول الحكومي
وطالما أن الحكومات المنوط بها حفظ الأمن وتطبيق القوانين، تنتهج العنصرية بذاتها تجاه أحد القبائل فمن الطبيعي أن يمارس المواطنون ذات التوجه، لكن الموقف الأمريكي الأخير بتصعيد القضية إلى مرتبة الإرهاب يعني تغييرًا ما في السياسة ربما تدخل فيروس كورونا في تعديله، إذ تنشغل الحكومات حاليًا بتقويض خطر الفيروس ومحاولة علاج الاثار الاقتصادية الناتجة عن الركود العالمي الحالي.
وبعيدًا عن هذا الطرح فإن رئيس القبيلة "جوناثان نيز" حذر في أوائل أبريل الجارى من كارثة قد تحدث بين السكان بعد إصابة سبعة منهم بفيروس كورونا في ظل تجاهل الحكومة لهم بشكل تام وعدم توفير أي معونات لهم وعدم تضمينهم في أي قرارات اتخذت لمعالجة أثار تفشي المرض.
بينما أكدت حاكمة ولاية نيو مكسيكو "ميشيل لوجان غريشام" أن فيروس كورونا يمكن أن يمحو قبائل الهنود الحمر المتبقية إذا لم ينتبه لها دونالد ترامب ويدعمها خلال الأزمة.
للمزيد.. عبد الرحيم علي: القوات المسلحة جنّبت مصر سيناريوهات «كورونا» المدمر





