لا يكاد التيار السلفي يخرج من أثر فتنة فجرها مع المؤسسة الدينية الرسمية
في مصر -ممثلة في «الأزهر الشريف، دار الإفتاء، ووزارة الأوقاف»-حتى يدخل في
فتنة جديدة، وكان آخر هذه الفتن التي يُثيرها التيار السلفي «فتنة العدسات اللاصقة
الملونة» التي فجرها الداعية السلفي «هشام البيلي»، عبر موقعه الرسمي، إذ أكد أن وضع العدسات اللاصقة الملونة على العين لا يجوز.
وقال «البيلي»، في رده على سؤال ورد على موقعه الرسمي حول «حكم بيع العدسات
اللاصقة التي تلبس على العين لتغير لونها»: «إن الأفضل أن يتاجر السائل في غير هذه
العدسات، باعتبار أن هذه العدسات للزينة، وقد اختلف العلماء في حكمها» -حسب قول
«البيلي».
وأشار الداعية
السلفي، إلى جواز استخدام العدسات اللاصقة في حالة استخدامها كعلاج، مستدركًا أن
استخدامها للزينة لا يجوز شرعًا، ولم يوضح «البيلي» إن كان هذا الحكم يخص السيدات وحدهنّ
أم يسري على الرجال أيضًا.
وأشار«البيلي» إلى
اختلاف العلماء بشأن حكم وضع هذه العدسات واستخدامها داخل المنزل، خاصة للسيدات،
مؤكدًا أن حكمها يدور بين «الإباحة والحظر»، معلقًا على هذا الاختلاف قائلًا: «إن
الأولى الاكتفاء بما خُلِق عليه الإنسان»، وفي هذا التعليق إشارة أخرى لترجيح
«البيلي» تحريم ارتداء هذه العدسات.
وتأتي فتوى «البيلي» بالمخالفة لفتوى دار الإفتاء المصرية رقم 3023 التي
صرحت بحل لبس العدسات اللاصقة الملونة.
وأكد الدكتور شوقي
علام، مفتي الديار المصرية، في هذه الفتوى، أن الشرع أباح للمرأة المسلمة الزينة
الظاهرة، استدلالًا بقوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ
مِنْهَا﴾.
وأوضح «علام» سبب
إجازة استعمال العدسات اللاصقة الملونة باعتبارها من زينة الوجه الظاهرة المسموح بها؛
كالكحل وتحمير المرأة وجهها، انطلاقًا من تفسير العلماء لـ«الزينة الظاهرة» بأنها
تتضمن الوجه والكفين.
وأردف «علام»: لا
يُعَدُّ ارتداء العدسات الملونة تغييرًا لخلق الله تعالى؛ لأنه من قبيل صبغ الشعر،
إلا أن الفرق بين العينين والشعر: أن العينين من الوجه وهو جائز الكشف، وأما الشعر
فيمنع كشفه لغير المحارم والزوج.
من جانبه، يرى الدكتور محمد الشحات الجندي، أستاذ
الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن القرآن الكريم فصل في زينة المرأة وحكمها، من
خلال قول الله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾،
وأن السنة جاءت لتوضيح هذه الزينة الظاهرة المباح إظهارها، من خلال حديث النبي لأسماء
بنت أبي بكر، الذي قال فيه: (يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ
لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا هَذَا وَهَذَا، وأشار إلى كفيها ووجهها).
كما شدد «الجندي»، في تصريح خاص لـ«المرجع»، على أنه لا يوجد نص يحرم
ظهور المرأة وهي مبدية زينتها، وإن كان الأفضل اجتناب المبالغة في الزينة، حتى لا تثير
الفتنة، موجهًا خطابه إلى «البيلي»: «عليك إبداء دليلك على هذا التحريم»، مؤكدا أن
«البيلي» لا يملك دليلًا واضحًا وثابتًا وواضح الدلالة على هذا التحريم.
وأكد «الجندي» أن فتوى «البيلي» تقوم على أساس من
التشدد المعهود عن السلفيين، معلقًا على ذلك قائلًا: «متى سمعنا فتوى تحليل من داعية
سلفي؟!، فتاوى جميعهم للتحريم رغم أن الأصل في الدين الإباحة ما لم يأتِ دليل على التحريم».
وأشار «الجندي» إلى ضعف المحصول العلمي والمرجعية
الفقهية والعلم بالنصوص عند دعاة السلفية من أمثال «البيلي»، مقارنةً بدار الإفتاء
المصرية، التي يقوم عليها مختصون وعلماء من أصحاب التخصص الشديد.