«عمر أومسين».. عودة «جهادي فرنسا الخارق» للقتال في سوريا بأوامر تركية
لاتزال ساحات الصراع المسلح في سوريا تحمل في باطنها أكثر مما يظهر في العلن، بين أفول نجم جماعة إرهابية، وصعود ثانية، واندماج أخرى مع غيرها، وعودة ما كان أهيل عليه التراب منها واعتُبر في عداد الموتى.
ومن أبرز الكيانات الإرهابية التي بدأ اسمها في الظهور مرة أخرى خلال الأيام القليلة الماضية، الفرنسي من أصول سنغالية «عمر ديابي» المعروف باسم «عمر أومسين»، وهو الذي يقود مجموعة من أخطر الإرهابيين الأجانب في سوريا، خاصة القادمين من فرنسا، وكان يلقبه أنصاره قبل اختفائه منذ عامين باسم «جهادي فرنسا الخارق»، وسط أنباء عن وفاته في إحدى العمليات العسكرية.
لم يظهر «أومسين» وحده هذه المرة؛ بل كان نجله «بلال» معه خلال القتال في مدينة إدلب السورية، فما قصة أومسين وما فرقته وإلى أي فصيل ينتمي، ولماذا ظهر الآن؟.
للمزيد: «قراءة الفاتحة» تكشف انتقام بقايا «داعش» من المنشقين عن التنظيم بسوريا
تنظيم القاعدة والدعم التركي
يعترف أومسين (مواليد 1971 بمدينة نيس الفرنسية)، دائمًا بأنه يحمل توجهات تنظيم القاعدة، منذ وصوله من فرنسا إلى سوريا، في عام 2013، وتزعم فرقة كانت تقاتل ضمن صفوف ما تعرف بجبهة النصرة (جبهة تحرير الشام حاليًا) الموالية لتنظيم القاعدة، وكانت فرقته تضم مقاتلين أجانب قادمين من فرنسا وإفريقيا، قبل أن تعلن انفصالها عن الهيئة وتنضم إلى تنظيم «حراس الدين» (إحدى الجماعات المنشقة عن جبهة النصرة)، في اللاذقية وريف إدلب.
وتُعرف فرقة أومسين باسم «الغرباء»، إذ إن معظم المقاتلين المنخرطين بها من الأجانب، وكان أومسين من أكثر الشخصيات إزعاجًا لهيئة تحرير الشام التي اتهمته بأنه تسبب في وقوع خلافات حادة بين "المقاتلين" ومحاولته تحريض الفرنسيين ضمن صفوف الهيئة على الانسحاب منها والانضمام إلى فرقة «الغرباء».
شارك «أومسين» وفرقته مع هيئة تحرير الشام في السيطرة على مدينة إدلب فى الشمال السورى وجسر الشغور وأصيب خلال العمليات عام 2015، وأعلنت «الغرباء» مقتله خلال العملية، بهدف التغطية على عملية إخراجه من سوريا؛ لتلقي العلاج في تركيا، وظل مختفيًا إلى أن عاود الظهور مرة أخرى في تسجيل مصور عام 2016.
كما كانت فرقة الغرباء تقاتل إلى جانب «الحزب الإسلامي التركستاني» وهو أحد الفصائل الإرهابية ذات الأصول الآسيوية وتضم مقاتلين من الإيجور، إضافة إلى قتالها ضمن هيئة تحرير الشام؛ إلى أن بدأت الخلافات بين أومسين، وزعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني، على خلفية اعتقال الأخير عددًا من قيادات القاعدة في الهيئة، الذين انشقوا عنها بعد ذلك؛ نتيجة إعلان الجولاني فك ارتباطه مع القاعدة، ومن بينهم أبوجليبيب طوباس وأبوخديجة الأردني، وسامي العريدي وأبوهمام الشامي وغيرهم، والذين أسسوا بدورهم تنظيم حراس الدين الذي أعلن الاندماج مع لواء التوحيد تحت مسمى تنظيم نصرة الإسلام في 2017.
ظل «أومسين» يحرض الأجانب الموجودين في هيئة تحرير الشام على الانفصال من الهيئة وسط الخلافات السابقة، فما كان من «الجولاني» إلا أن اعتقله هو الآخر؛ بتهمة تحريض الفرنسيين والأفارقة بالهيئة على الانشقاق إلى أن أعلن تنظيم «حراس الدين» الموالي للقاعدة، والمنشق عن هيئة تحرير الشام إطلاق سراحه في 2019؛ ليختفي بعدها عن الأضواء، ويظهر مؤخرًا خلال المعارك المشتعلة حاليًا في سوريا ضمن صفوف الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا، كما ظهر نجله بلال يقود مجموعة من الإرهابيين الفرنسيين التابعين لفرقة والده في إدلب.
هجمات باريس
منذ وصول أومسين إلى سوريا في عام 2013، لم تتوقف تحريضاته للفرنسيين على القتال في سوريا، عن طريق التسجيلات المرئية التي تحض المتطرفين على القتال، وتشير تقارير أمنية إلى أنه استطاع تجنيد 80% من المقاتلين الفرنسيين للالتحاق بهيئة تحرير الشام والفصائل المسلحة الموالية لتنظيم القاعدة في سوريا، كما أظهرت التحقيقات الفرنسية في هجمات باريس التي وقعت في 13 نوفمبر 2015، وجود علاقة بين أومسين ومنفذي الهجمات المتسلسلة التي راح ضحيتها أكثر من 130 قتيلًا، وتعد من كبرى الهجمات الإرهابية التي حدثت في أوروبا.
وفي عام 2016 صنفت الولايات المتحدة "أومسين" على قائمة الإرهاب الدولي، واعتبرت فرنسا أشرطة الفيديو التي بثها عبر شبكة الإنترنت بالتعاون مع مجموعة فرنسية متطرفة، السبب الرئيسي في انضمام عدد كبير من الفرنسيين إلى صفوف المجموعات الإرهابية في كل من سوريا والعراق".
فضائح وابتزاز
ارتبط اسم عمر أومسين أيضًا بواحدة من أشهر قضايا الخطف والابتزاز للجماعات الإرهابية في سوريا، وهي قضية الطفلة البلجيكية المختطفة «ياسمين مهدي جند الله» في عام 2018، والتي أحدثت أزمة كبيرة بين هيئة تحرير الشام وتنظيم حراس الدين، واتهم شرعيو الهيئة أومسين بابتزاز والدتها هاجر الشاوي ومساومتها مقابل الحصول على أموال.
وبدأت قصة الطفلة مع والدتها البلجيكية، التي كانت محتجزة لدى هيئة تحرير الشام منذ نهاية عام 2016 بعد مقتل والدها خلال عملية شاركت فيها «فرقة الغرباء»، بقيادة أومسين قبل انفصاله عن الهيئة في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي وريف إدلب الغربي.
وزعم أوميسن أن والد الطفلة كتب وصية له بأن تظل الطفلة معه قبل مقتله، ومع إصرار والدتها على ضم الطفلة، عقد شرعيو الهيئة وحراس الدين تحقيقات موسعة حول القضية وتبين أن أومسين خدع عددًا من شرعيي هيئة تحرير الشام، وأقنعهم بأن والدة الطفلة تشيعت وصارت كافرة وحصل على فتوى منهم بأنه لا يجوز تسليمها لوالدتها، ومن خلال التحقيقات تبين أن أومسين كان يساوم والدتها للحصول علي مبلغ 4950 دولارًا.
للمزيد: أسرار ظهور أعلام «هيئة تحرير الشام» على الدبابات التركية في «إدلب»





