ad a b
ad ad ad

الإليزيه للمرجع: زيارة ماكرون لمولوز هدفها مواجهة التطرف ومحاربة الطائفية

الأربعاء 19/فبراير/2020 - 02:50 م
المرجع
باريس خاص المرجع
طباعة
في اتصال من المرجع «مركز دراسات الشرق الأوسط بباريس» بقصر الإليزيه؛ لمعرفة مغزى وأهداف زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لمدينة مولوز بشمال شرق فرنسا، أوضح مكتب ماكرون، أن هذه الزيارة تتركز حول ملف حساس للغاية، وعد الرئيس بمعالجته في بداية عام 2020، والذي كان موضوع عدد كبير من الاجتماعات المشتركة بين الوزارات في الأسابيع الأخيرة، وقد اختار رئيس الدولة هذه المدينة لمناقشة القضايا المتعلقة بمكافحة الانفصالية الإسلامية، والخاصة بظاهرة الطائفية الدينية، وتمويل أماكن العبادة وتدريب الأئمة، وبالتالي هدف الزيارة هو ضرورة استعادة الدولة حضورها في بعض المناطق، عبر منظومة إعادة قيم الجمهورية، وبالتالي لابد من إيجاد هذه الإجراءات في إطار إستراتيجية رسمية جديدة في مواجهة التطرف الإسلاموي.
الإليزيه للمرجع:
حلقات نقاش ومائدة مستيرة
وأوضح الإليزيه، بأن الرئيس الفرنسي اصطحب معه وزير الداخلية السيد كريستوف كاستنر، والسيد لوران نونيز، وزير الدولة لدى وزير الداخلية، الذي يدير شؤون الأديان والسيدة روكسانا ماراسينانو، وزيرة الرياضة التي تدير شؤون الشباب، وقال الإليزيه: بأنه تم الالتقاء مع نحو ستين شخصًا في حلقات نقاش؛ للاستشارة والاستنارة حول مائدة مستديرة، من مدراء أمن المنطقة والمحافظين وبعض المسؤولين والنواب المنتخبين، ورؤساء المؤسسات والجمعيات والمنظمات الاجتماعية ورجال الأعمال المقيمين، ناقشوا خطوط العمل والحلول؛ لمحاربة الطائفية والتطرف، وأوضح الإليزيه للبوابة، بأن الرئيس ماكرون سيفرض قيودًا على إيفاد دول أجنبية أئمة ومعلمين إلى فرنسا؛ وذلك بهدف القضاء على ما وصفه بخطر الشقاق، فضلًا عن إعادة تنظيم إسلام فرنسا.

بداية الحملة الانتخابية المبكرة 
خصص ماكرون معظم أجندته الأسبوع الماضي لـ«البيئة»، من خلال ترأسه لمجلس دفاع بيئي في الإليزيه، وقام بزيارة إلى سفح الجبل الأبيض Mont-Blanc، لكنه قرر هذا الأسبوع تغيير اللهجة والواجهة بزيارة خصصها لمسألة الطائفية والانفصالية في الجمهورية، وهما المحوران الإستراتيجيان لإيمانويل ماكرون، وفرسا رهان الانتخابات بالنسبة له، فقد كان يتحاشى من قبل الدخول في قضايا متعلقة بالجالية المسلمة في فرنسا، مكتفيًا بالتركيز على الإصلاحات الاقتصادية. لكنه بعد ثلاث سنوات من الحكم، رأى أن يتدخل وتطرق أول مرة لهذه الأرضية الجديدة له، حينما كان ينعي ضحايا هجوم إرهابي في أكتوبر 2019،  قد دعا إلى التصدي لما أسماه لـ«الوحش الإسلاموي»، و«الإرهاب الإسلاموي»، عبر «مجتمع يقظ» و«معركة دون هوادة»، وهو ما أثار وقتها غضب المنافسين والخصوم السياسيين الذين استهجنوا دعوته وسخروا منها، لكنه أطلق العنان لحملته الانتخابية قبل أقل من شهر من الانتخابات البلدية، وعزم على أن تمتد جولته الوطنية إلى ما بعد الانتخابات البلدية التي من المقرر إجراء دورتيها في 15 و في 22 مارس 2020، والتي تعد مقياسًا سياسيًّا للانتخابات الرئاسية في مايو 2022 .
الإليزيه للمرجع:
ماكرون يسحب البساط من تحت أقدام التطرف
إن ماكرون مصمم على طرد حزبي الخضر ومارين لوبان من الساحة؛ محاولًا سحب البساط من تحت أقدام زعيمة أقصى اليمين التي بدأت تستحوذ على أغلب البلديات الفرنسية في أولى محاولاتها؛ للوصول إلى سدة الحكم، عبر تغيير وجه فرنسا السياسي في الانتخابات المحلية، والتي سترسم معالم الحكومة القادمة، وبالتالي بات الطريق ممهدًا أمامها لتصيغ لها قاعدة برلمانية مريحة بأغلبية سياسية، تمكنها من منافسة ماكرون في الانتخابات الرئاسية وتثأر لنفسها عن الانتخابات الماضية؛ حيث نجحت مارين على استحواذ أصوات الفرنسيين الرافضين للأوضاع الأمنية المتردية في البلاد وهم كثرة، وفرضت نفسها كثاني قوة سياسية بالبلاد وتزعمت التيار اليميني المتشدد في أوروبا بإمتياز، وساعدها في ذلك تنامي عدد الخلايا الإرهابية النائمة في فرنسا والتي تتغذى منابعها من التنظيمات المتطرفة كل يوم دون رقابة، حتى غدت فرنسا تتصدر قائمة الدول الأوروبية الأكثر تصديرًا للمقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم داعش الإرهابي، بل وتشكل هدفًا مفضلًا للتنظيم.

دواعش فرنسا
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، بأن ما يقارب من «450» فرنسيًّا انضموا إلى تنظيم داعش الإرهابي خلال السنتين الماضيتين فقط، فيما يعتبر العائدون منهم قنابل موقوتة يخشى الفرنسيون من كوارثهم المحتملة، وبات الهاجس الكبير لفرنسا هو كيفية منعهم من ارتكاب إرهابهم على أراضيها، فيما يحاول ماكرون سحب البساط السياسي أيضًا من تحت أقدام حزب الخضر الذي بدأ يستحوذ على أصوات الناخبين بعد أن غيرت معالم قوته نفوذ دول الاتحاد الأوروبي، ومن أجل هذا بدأ ماكرون ملامح إستراتيجيته بالعمل على إيقاف التمويل الأجنبي للمساجد والمراكز الإسلامية التي وجدت لها مواطن نفوذ في قلب أوروبا، واستحوذت على أغلب الفقراء والمهمشين في الأحياء الفقيرة والذين باتوا فريسة سهلة لتنظيم داعش الإرهابي، وسجلت فرنسا إرسال عدد كبير منهم إلى تركيا؛ بهدف السياحة، ولكن اكتشفت المخابرات الفرنسية فيما بعد أنهم يقاتلون في سوريا والعراق .
الإليزيه للمرجع:
الخطر المحدق بفرنسا
ولهذا قرر ماكرون إنهاء النظام الذي ترسل بموجبه دول الجزائر والمغرب وتركيا أئمة إلى فرنسا للوعظ في مساجدها؛ خشية أن تلوث عقول وقلوب السذج في البلاد في خضم الفراغ الكبير مع غياب علماء الإسلام الحقيقيين، ولاسيما الأزهر الشريف، فرغم أن أغلب أئمة الإرهاب في فرنسا تم ترحيلهم إلى دولهم في شمال أفريقيا وتركيا، لكن الخطر مازال كامنًا كالنار تحت الرماد، ولابد من تحرك حاسم؛ كي لا تفلت الأمور أكثر مما هي، فقد أبرمت فرنسا اتفاقات مع تسع دول، منها الجزائر والمغرب وتونس وتركيا، تتيح لحكومات تلك الدول إيفاد معلمين إلى المدارس الفرنسية؛ لتدريس اللغات للطلاب القادمين من هذه البلدان، فيما اختار الرئيس مدينة مولوز والتحدث في حي بورتزفيلر، الذي يقطنه 15 ألف شخص، ويعتبر واحدًا من 47 حيًّا على مستوى التراب الفرنسي، تسعى الحكومة لاستعادتها من القبضة الإسلاموية المتحكمة فيه، فهو أحد 17 إقليمًا زودت السلطات فيها بتعزيزات أمنية فيها بما يسمى بـ«الخلايا الخاصة»؛ لمواجهة التشدد الإسلامي والنزعة الطائفية، وكذلك إطلاق سراحها من العصابات الإجرامية المتفشية فيها.
"