ad a b
ad ad ad

بعد كلمته الأخيرة.. لماذا يعود «البغدادي» للظهور الإعلامي؟

الأربعاء 18/سبتمبر/2019 - 11:04 م
المرجع
أحمد سلطان
طباعة

عاد زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبوبكر البغدادي للظهور من جديد بعد نحو 5 أشهر من الاختفاء في أواخر أبريل عام 2019.


وبثت مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي التابعة للتنظيم الإرهابي، في الـ16 من شهر سبتمبر الحالي، كلمة صوتية للبغدادي بعنوان «وقل اعملوا»، بلغت مدتها 31 دقيقة و15 ثانية، توعد فيه بمواصلة العمليات الإرهابية خلال الفترة المقبلة.


وأشاد البغدادي بما وصفه «الغزوات المنسقة» التي أطلقها عناصر التنظيم في عدد من الدول منها العراق وسوريا وأفغانستان ونيجيريا وتشاد وغيرها ضمن ما يسمى بحرب الاستنزاف، معتبرًا أنها المرة الأولى في تاريخ الجماعات الإرهابية التي يتم فيها تنفيذ عمليات إرهابية منسقة في عدد من الدول في وقت واحد.


بعد كلمته الأخيرة..

رحلة هروب البغدادي

يعتبر «أبوبكر البغدادي»، الزعيم الأطول بقاءً في قيادة تنظيم داعش الإرهابي؛ إذ تولى إمارة التنظيم في عام 2010 عقب مقتل سلفه «أبوعمر البغدادي»، ووزير حرب تنظيم دولة العراق «أبوحمزة المهاجر المصري».


ولم يظهر البغدادي طوال 4 سنوات كاملة، إذ كان الظهور الأول له في صيف العام 2014 من داخل مدينة الموصل بعد إعلان التنظيم الإرهابي إزالة السواتر الترابية والحواجز الأمنية بين العراق وسوريا، وإعلان ما عُرف بـ«الخلافة المكانية».


وفى يوليو 2014، ألقى أبوبكر البغدادي خطبة الجمعة من داخل المسجد النوري بمدينة الموصل العراقية، معلنًا قبوله «البيعة» التي عقدها مجلس شورى التنظيم له، وسمى نفسه بأمير المؤمنين.


وارتدى البغدادي في ظهوره الأول، ثوبًا أسودًا في محاولة منه لاستدعاء رمزية الخليفة هارون الرشيد، أحد خلفاء الدولة العباسية الأقوياء، كما استدعى الألفاظ التي قالها أبوبكر الصديق الخليفة الأول للنبي محمد قائلًا: «فإن أحسنت فأعينوني، وإن أخطأت فانصحوني».


ومنذ ذلك الحين اختفى البغدادي في مكان غير معلوم، حتى ظهر مجددًا في أبريل عام 2019.


ووفقًا للاعترافات التي أدلى بها أبوحمزة الكردي وزير الحرب السابق في تنظيم داعش، والمعتقل حاليًّا في السجون العراقية، فإن البغدادي مكث في مدينة الموصل لفترة داخل مخبأ خاص أعده التنظيم لإخفائه عن الأنظار.


وأكد أبوزيد العراقي -عضو لجنة كتابة مناهج داعش، وأحد المقربين من البغدادي، أن زعيم التنظيم الإرهابي بقي في داخل مدينة الموصل منذ إعلان الخلافة في يوليو 2014، إلى قبيل انطلاق معركة الموصل.


وبحسب اعترافات «العراقي»، فإن أبوبكر البغدادي خرج من مدينة الموصل قبل 6 أشهر- أي في شهر أبريل 2016- من بدء عملية «قادمون يا نينوى»، التي بدأت في أكتوبر عام 2016، وانتهت 10 يوليو 2017.


ومكث «البغدادي» داخل مدينة الرقة السورية لفترة، قبل أن ينتقل منها لمحافظة دير الزور السورية؛ حيث أقام داخل مدينة الميادين السورية لفترة غير معلومة.


وكان زعيم داعش في الميادين خلال شهري أغسطس وسبتمبر 2017، وفي تلك الفترة حدثت أزمة تعميم «ليهلك من هلك عن بينة» الذي أصدرته اللجنة المفوضة بزعامة حجي عبد الناصر العراقي، وتوسع البيان في التكفير، لدرجة تسمح بتكفير كل قيادات داعش وتنظيم دولة العراق السابقين.


وخلال تلك الفترة، التقى أبوبكر البغدادي داخل مخبئه بأبي بكر القحطاني -أحد كبار شرعيي التنظيم- وأحد قيادات تيار «المناهجة» الرافض للتعميم.


وقبل سقوط مدينة الميادين في قبضة قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، خرج البغدادي منها، وظل ينتقل بين مناطق سيطرة التنظيم.


وفى أكتوبر 2018، قالت صحيفة الصن البريطانية: إن البغدادي كان يوجد بمنطقة هجين التابعة لمحافظة دير الزور، بينما أشارت مصادر تحدثت للصحيفة إلى أن البغدادي كان يمكث في منطقة قرب قضاء البعاج العراقية.


واختفى البغدادي نهائيًا في أواخر عام 2018، حتى ظهر في الفيديو الثاني الذي بثته مؤسسة الفرقان الداعشية بعنوان في ضيافة أمير المؤمنين.


وأظهر الفيديو تغير ملامح البغدادي، الذي كان مخضبًا لحيته بالحناء، وقد زاد وزنه عن المرة الأخيرة التي خرج فيها في إصدار مرئي وذلك في يوليو 2014.


وخلال هذا التوقيت، قال هشام الهاشمي الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والمستشار الأمني للحكومة العراقية: إن خلية تعقب «البغدادي» التي شكلتها القوات الخاصة العراقية بالتعاون مع نظيرتها الأمريكية، أسقطت 13 مكانًا محتملًا لوجود البغدادي، من أصل 17، مرجحةً وجوده إما داخل صحراء الأنبار، أو في وادي حوران داخل العراق، أو في بادية حمص السورية.

البنعلي
البنعلي

لماذا يظهر البغدادي الآن؟

خلال الفترة الماضية، شهد التنظيم استمرارًا لحالة الانقسام والانشقاق التي بدأت مع تعميم «ليهلك من هلك عن بينة».


وانشق عدد من قادة وشرعيي داعش، وأطلقوا ما يعرف بمؤسسة التراث العلمي، والمتخصصة في نقد تنظيم داعش، وقادته.


ويشرف على المؤسسة حاليًّا، أبو عيسى المصري، الذي يعرف نفسه في كتابته التي ينشرها عبر المؤسسة، أنه أحد قيادات تيار المناهجة المعروف إعلاميًّا بتيار «البنعلي»، وأنه أحد شرعيي داعش الذين انشقوا على التنظيم.


ونشرت المؤسسة، قبل نحو شهرين، كتابًا لأبي محمد الهاشمي عضو مكتب البحوث الشرعية الداعشي سابقًا، وأحد أقرباء «أبوبكر البغدادي».


ودعا «الهاشمي» في كتابه إلى «نقض بيعة البغدادي» والخروج عليه وعلى أنصاره داخل التنظيم، ولو استلزم الأمر قتلهم جميعًا، معتبرًا أنهم خوارج متشددين.


ومثلت دعوة الهاشمي، قمة جبل الجليد الذي تكون داخل داعش خلال السنوات الماضية؛ بسبب الخلاف المنهجي بين قيادات التنظيم الإرهابي، كما شكل ضربة قوية لمعسكر «البغدادي»، الذي يحاول تقديم نفسه باعتباره الخليفة الشرعي وأمير المؤمنين.


وحاول زعيم داعش في كلمته الأخيرة -وقل اعملوا- التنصل من الاتهامات التي يتهمه بها تيار «البنعلي»، وأبرزها التشدد والتوسع في التكفير، والظلم، والتخلي عن أفراد التنظيم المعتقلين، والتخلي عن القيادة لصالح «الحجاج» وهم كبار القيادات العراقية داخل التنظيم، والغدر بالضباط والأسرى الذين استسلموا للتنظيم.


ودعا «البغدادي» إلى العذر بالجهل وعدم التسرع في الحكم على الأهالي في المدن التي ينشط فيها التنظيم، باعتبارهم أسرى للجهل الذي خيم على الأمة الإسلامية خلال العقود الماضية.


كما تبرأ «البغدادي» مما وصفه بالظلم الذي يقع ولا يرفع، ودعا لقبول توبات التائبين، وذلك بعد فترة قليلة من نشر أبي عيسى المصري لكتاب بعنوان مجزرة المستتابين يكشف عن غدر داعش بضباط الجيش والشرطة العراقية، الذين سلموا أنفسهم للتنظيم ضمن ما عُرف بلجان التوبة.


مدير أمريكي لمكافحة الإرهاب: «البغدادي يحاول الحفاظ على بقايا داعش»


ومن جانبه، اعتبر جوشو جيلتزر المدير الأول لمكافحة الإرهاب في مجلس الأمن القومي الأمريكي سابقًا، أن زعيم تنظيم داعش ظهر خلال الفترة الماضية بعد شهور من الغياب؛ ليؤكد أنه مازال ممسكًا بزمام التنظيم، وأنه لا زال الخليفة الشرعي بالرغم من سقوط الخلافة المكانية بعد هزيمة التنظيم في معركة الباغوز فوقاني في مارس 2019.


وأضاف «جيلتزر»، في مقال سابق له بمجلة الأتلانتيك الأمريكية، أن داعش يواجه خطر الاضمحلال نهائيًّا، وهو الأمر الذي دفع البغدادي للظهور وبث كلمات صوتية؛ لإيصال رسالة لأتباعه بأن خلافته المزعومة ما زالت موجودة وتقاتل وتنتصر وتهزم أيضًا.


وأكد «جيلتزر»، أن هدف زعيم داعش من ظهوره الأخير، هو التأكيد على شعار التنظيم الدائم وهو «باقية»؛ ليعلن لأتباعه أن الكيان المشترك الذي يجمعهم مازال موجودًا وأنهم يجب أن يقاتلوا في سبيله حتى النهاية.

"