إعلام «التنظيم الدولي» ومخطط هدم الدولة المصرية
في ظل ما تواجهه الدولة المصرية من
تحديات اقتصادية وتنموية وسط منطقة تموج بالصراعات وتتجاذبها الأطماع والجماعات
الإرهابية من كل البقاع، تطل علينا منصات إعلامية خارجية لا تبث من داخل حدود
الوطن ولا تمول من أبنائه بل من كيانات سياسية خارجية لتتصيد الأخطاء والزلات
لتوظفها بما يخدم مصالحها.
فمن الطبيعي أن تمتلك الدول كيانات إعلامية تروج لفكرها وتدفعها نحو الأمام، ولكن ما يحدث أحياناً أن تسخر تلك الدول أذرعها الإعلامية للنيل من دول أخرى بالجوار، ولا تكتفي فقط بتوجيه الانتقادات أو التساؤلات حول أي من الأمور المهمة التي قد تكون أحياناً بفعل ضخامتها حديثاً للجميع وإنما تستخدمها لأغراض تكتيكية لتفكك من خلالها الدول وتحل ركائزها الأساسية.
فمن قطر تُبث قناة الجزيرة ومن تركيا تبث قنوات الشرق ومكملين وغيرها من الأذرع التي منحها الراعي الحالي للتنظيم الدولي «أردوغان» للعناصر الإخوانية المصرية ولا ترتكز السياسات التحريرية لهذه الدول على تفنيد الأوضاع داخل محيطهم الجغرافي وتناول الأحداث العالمية الكبيرة والمؤثرة، إنما ينشغلون بالوضع المصري ومجريات الأمور بداخله ويستهدفون دوماً التغطية الأحادية لأي موضوع من شأنه هدم الدولة.
تغطية مجتزأة
اعتادت تلك القنوات تسليط الضوء على الأحداث السلبية بالبلاد مع اجتزاء المضمون ونزعه من سياقه لتوظيفه بما يخدم مصالحها فعند حدوث الهجمات الإرهابية بالبلاد ؛ تجد الجزيرة منفردة بنشر الوقائع فكيف لها أن تعرف هذه التوقيتات وأن تكون حاضرة بالأجهزة والمعدات وحدها؟! ولماذا لا يمنح ذلك لباقي وسائل الإعلام؟! ففي 29 يناير 2015 وقعت هجمات إرهابية ضد أهداف عسكرية بشمال سيناء ما أدى إلى استشهاد ما يقارب الـ25 جندياً وحينها أعلنت الجزيرة انفرادها بالتفجيرات وبفيديو للعملية كما أعدت التقارير حول تزايد أعداد القتلى ووجود تخبط في الإدارة الداخلية للدولة.
وهو الأمر ذاته الذي تكرر بثبات ومنهجية في حادثة طريق الواحات التي وقعت في 20 أكتوبر 2017 وراح ضحيتها حوالي 16 من رجال الأمن، وفي فجر عيد الفطر المبارك بيونيو 2019 كرست القنوات الإعلامية للتنظيم الدولي أدواتها للأهداف ذاتها وبنفس الطريقة التي تحمل في طياتها دعوات مبطنة لهدم الجيش والدولة.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الهجوم الإرهابي الذي وقع في محيط معهد الأورام في مطلع أغسطس 2019 وراح ضحيته العديد من الأبرياء لم يلق نفس التركيز والرواج بداخل هذه القنوات، فالحادثة مفجعة وأيادي الجماعة ملوثة بها وعليه اختارت القنوات التقليل من التغطية الإعلامية بشأنها.
ولم تكتف تلك القنوات بتغطية الإرهاب بشكل مسيء دون توجيه اللوم للإرهابيين ولكن الخطأ فقط على الدولة والمجتمع، فهي تخصص جميع أوقات برامجها لتجاذب الحديث حول أي خطأ بالداخل حتى ولو كان كروياً مثلما حدث مع هزيمة المنتخب المصري في بطولة أمم أفريقيا 2019 مع إغفال واضح للنجاح التنظيمي للبطولة، وحتى مع قيام أي شخص بتوجيه الاتهامات لقيادات الدولة ومهاجمتها تركز هذه الأذرع عليه دون تفنيد لما يقول وماذا عن صحته أو حتى تناقشه بموضوعية ولكنها توظفه للإهانة والسباب فقط وهو ما حدث مع النواب البرلمانيين ممن عارضوا تحت القبة هذه التعديلات فأعادت القناة نشر ما قالوه عدة مرات دون الإشارة إلى أن الدولة ذاتها لم تسلبهم هذا الحق في التعبير عن رأيهم في البرلمان.
أجندات مشبوهة
من جهته يرى دكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة أن الوسائل الإعلامية لديها أجندة سياسية تنفذ قطعاً ما يهدف إليه المال السياسي الذي ينفق على وجودها على الساحة.
وبناء على ذلك، يعتقد الباحث بأن هذه القنوات لن تقدم أي طرح موضوعي لما تتناوله وحتى اختيار الضيوف لن يتم خلاله استضافة أي شخص معارض لإيدلوجيتها فهم لن يسمحوا بذلك، وعليه يتم اجتزاء الموضوعات من سياقها والتركيز على الجانب الذي يخدم أهدافهم مع استخدام مفردات لفظية محددة مثل تجنب الحديث عن ثورة 30 يونيو وتحميل الشرعية وجهاً آخر وهكذا.
وبالتالي يدفع أستاذ السياسة بضرورة اعتماد القنوات الإعلامية الوطنية على معايير واضحة من الثقافة والموضوعية والاحترافية حتى يمكنها الرد على ادعاءات تلك القنوات دون تحيز مباشر لجهة بعينها حتى تحافظ على نسبة مرتفعة من المتابعين والمشاهدين ولا يضطروا للنفور منها نحو قنوات إعلامية بديلة قد تحمل رؤى هدامة للوطن ودعائمه الأساسية.





