«الوقاية والاحتواء».. كيف تعاملت كوسوفو مع العائدين من «داعش»؟
نشر مركز مكافحة الإرهاب في أكاديمية ويست بوينت العسكرية الأمريكية، دراسة جديدة عن المقاتلين الأجانب العائدين من سوريا والعراق خلال الفترة الماضية.
وجاءت الدراسة الجديدة بعنوان «المقاتلون الأجانب العائدون من سوريا والعراق: كوسوفو نموذجًا»، وتناولت عرضًا للتجربة الكوسوفية في التعامل مع ملف العائدين من القتال في صفوف التنظيمات الإرهابية داخل سوريا والعراق.
وأعد الدراسة كوايتم بايتاتشي، مدير إدارة التحليل والسياسة الأمنية في مجلس الأمن الكوسوفي، وسام مولينز الأكاديمي المتخصص في مكافحة الإرهاب في عدد من الجامعات الأوروبية والأمريكية.
في الفترة الحالية، تعتقل القوات الكردية نحو 2000 من المقاتلين الأجانب، و14 ألفًا من النساء والأطفال في مخيمات احتجاز مكتظة داخل سوريا، لكن حتى الآن تُحجم الدول الأوروبية عن إعادة هؤلاء المقاتلين إلى بلدانهم؛ خاصةً في ظل حالة الخوف من عودتهم لشنِّ الهجمات الإرهابية في أوطانهم.
وبحسب الدراسة فإن دول أوزبكستان، وروسيا، وطاجيكستان، وكوسوفو، وتركيا، سهلوا عمليات إعادة المقاتلين السابقين في صفوف التنظيمات الإرهابية، وأبدوا نشاطًا أكبر من باقي الدول الأوروبية في هذه المسألة.
وبحسب تقديرات معدي الدراسة فإن هناك 355 كوسوفيًّا -256 رجلًا و52 امرأة، و47 طفلًا- سافروا إلى سوريا في الفترة الممتدة ما بين عامي 2012 - 2015.
وانضم أغلب هؤلاء المقاتلين لفصائل الجيش الحر، وجبهة النصرة، وأحرار الشام، قبل إعلان تنظيم داعش ما أسماه بـ«دولة الخلافة» في عام 2014.
وكان أبرز الإرهابيين المنضمين لداعش لافدريم موهشيري الذي ظهر في عدد من الإصدارات المرئية لتنظيم داعش، وعمل موهاشيري مع القيادي الإرهابي الكوسوفي رضوان حقيفي في تسهيل سفر وانضمام المقاتلين الأجانب لتنظيم داعش في سوريا والعراق، كما لعب دورًا مهمًّا في تعزيز نفوذ داعش في دول البلقان.
بدأت موجات الكوسوفيين في العودة إلى الوطن منذ 2015، وبحلول العام 2018 عاد حوالي 37% -120 رجلًا و6 نساء و6 أطفال- من المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية إلى داخل البلاد.
وفي حين لم توجه السلطات الكوسوفية تهمًا للنساء والأطفال، تعرض الرجال العائدون من ساحات القتال في سوريا والعراق إلى السجن، وواجهوا اتهامات بالانخراط في نشاط إرهابي، والانضمام لجماعات متطرفة.
وتوضح الدراسة أن أغلب العائدين أبدوا تجاوبًا مع برامج إعادة التأهيل التي تتم بتعاون مشترك مع عدة وزارات وهيئات، بينما بقيت قلة منهم على معتقداتهم الإرهابية، رافضين التنازل عن أفكار «داعش».
وعقب انهيار خلافة داعش المكانية في نهاية مارس 2019، أعادت الحكومة الكوسوفية 110 -4 رجال و32 امرأة، و74 طفلا- من مواطنيها إلى البلاد بالتعاون مع الولايات المتحدة، وفرضت الحكومة الإقامة الجبرية على السيدات، بينما وضع الرجال داخل السجون.
وخطط 5% فقط من العائدين لتنفيذ هجمات إرهابية داخل البلاد، وذلك بعدة دعوة زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي مناصري التنظيم لشنِّ هجمات في بلدانهم أو السفر إلى سوريا والعراق.
واعتقلت الشرطة السرية في كوسوفو الإرهابيين قبل تنفيذهم الهجمات، وعثرت بحوزتهم على أسلحة وكاميرات كانوا ينوون استخدامها في تسجيل فيديو لبيعة «البغدادي»، وتبني الهجمات الإرهابية التي خططوا لها.
وحاول 2 من العائدين شن هجمات إرهابية في ملعب كرة القدم الذي شهد مباراة بين ألبانيا وإسرائيل، وتقول الدراسة إن هذا الهجوم تحديدًا جرى التخطيط له من خارج البلاد، وتم التواصل بين مخططي الهجمات وعناصر التنفيذ في كوسوفو عبر تطبيق تيليجرام للتواصل الاجتماعي.
شعبة الوقاية وإعادة الدمج
وتتكون الشعبة من مسؤولين في وزارة الشؤون الداخلية، ووزارة الصحة، ووزارة التعليم، وممثلين من الشرطة، وعلماء نفس، وأخصائيين اجتماعيين، وتعمل الشعبة على إعادة تأهيل الأطفال الـ74 لكي يتم دمجهم في المجتمع من جديد، وإرسالهم للمدارس النظامية من جديد.
كما تقدم منظمات غير حكومية الدعم للنساء الذين عادوا من العراق وسوريا، بينما تراقب أجهزة الشرطة المحلية العائدات من داعش تحديدًا؛ لأنها تعتقد أن عددًا منهن ما زلن على علاقة بالتنظيم.
تقييم التجربة
ويحذر الباحثان من العواقب المحتملة لسجن ومحاكمة العائدين؛ لأنه يخلق حالة من الاستياء لديهم، ويؤدي في قطع صلاتهم مع المجتمع، وقد يدفعهم ذلك للتطرف.
وتشير الدراسة إلى أن الحكومة الكوسوفية تتعامل جيدًا مع أسر المقاتلين السابقين في صفوف التنظيمات الإرهابية، وتقدم دعمًا ماليًّا للأسر التي فقدت أبناءها في القتال، وذلك بمساعدة عدد من المانحين الدوليين.
كما تلفت الدراسة إلى التشريعات الجديدة التي سنتها كوسوفو لمنع مواطنيها من الانضمام للجماعات الإرهابية في خارج البلاد، وتحظر تلك التشريعات المشاركة في القتال خارج حدود البلاد، والمشاركة في دعم وتمويل الأنشطة الإرهابية في أي مكان.





