مقتل «حمزة بن لادن».. بين الحقيقة المؤكدة والدعاية الأمريكية
دفعت الصحيفة الأمريكية
«نيويورك تايمز» في تقرير حديث لها بوفاة الزعيم المحتمل لتنظيم القاعدة، وابن
مؤسسها «حمزة بن لادن»، ونسبت هذه المعلومة لمن أسمته «مصدر أمني رفيع
ومسؤولين بأجهزة الاستخبارات رفضوا ذكر أسمائهم».
في البداية قالت الصحيفة: إن حمزة قُتل في عملية عسكرية لعبت فيها الولايات المتحدة دورًا كبيرًا، ولكن المعلومات المتاحة عن موقع استهدافه وتفاصيل الوفاة نادرة وغير متاحة نظرًا لحساسيتها، وهو ما يثير التساؤل حول التوقيت المحتمل الذي استهدف فيه وريث القاعدة «حمزة بن لادن»؛ إذ لفت التقرير إلى أن حمزة قتل خلال العامين الأوليين من إدارة ترامب، أي تم تصفيته قبل إعلان مكتب العدل التابع لوزارة الخارجية الأمريكية في 1 مارس 2019 لمكافأة قدرها مليون دولار لمن يقدم معلومات تفيد بالقبض عليه ولكن لم تؤكد الاستخبارات الأمريكية مقتله حينها.
رمزية المستقبل
لم تعلن الولايات المتحدة أو تقر بصحة هذا الطرح حتى أن الرئيس دونالد ترامب لم يجب عندما سئل عن هذه المعلومة، وذلك على الرغم من الرمزية الكبيرة لمقتل حمزة وما يمثله ذلك لمستقبل التنظيم الذي ترك أسوأ الذكريات في أذهان الشعب الأمريكي، بعد أحداث سبتمبر 2001.
حمزة واستحضار روح الزعيم
وحمزة بن لادن هو أحد أبناء زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن، ويرجح أنه في مطلع الثلاثينيات من عمره، وبعد ظهوره في بعض مقاطع الفيديو التابعة للتنظيم وحديثه عن العمليات الإرهابية وخطط الجماعة، سلطت مراكز الأبحاث المعنية عليه الأضواء وأخذت في التحدث عن قيام الجماعة بتجهيزه لتولي الزعامة بالمستقبل، في حين تحدثت أخرى عن خلافات قيادية بين معسكر الكبار المتمثل في أيمن الظواهري القائد الحالي للتنظيم ورفاقه ممن أسسوا معه التنظيم وبين التيار الآخر الذي يجد في حمزة استرجاعًا لشخصية والده واستحضارًا لروحه التي يعتقد بأنها كانت تمتلك من الجاذبية المتطرفة ما يكفي لإلهام ذوي الهويات المضطربة.
وتناولت دراسة أعدتها «كلية لندن للاقتصاد» حول التداعيات المستقبلية لتنظيم القاعدة أثناء وجود الظواهري على قمة حكم المجموعة؛ إذ إنه لا يتمتع بشخصية ملهمة تشبه بن لادن لذا يرجح أن الاستمالة التي كان يحققها أسامة كانت الأفضل لشحذ العناصر ودفعهم للالتحاق بالتنظيم .
موضوعية الطرح
بالعودة إلى الأطروحة التي قدمها تقرير الصحيفة الأمريكية حول مقتل حمزة بن لادن، فإنها قد استعانت بالمسؤول السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي علي صوفان الذي أكد أن الخبر إذا كان صحيحًا فهو يمثل ضربة قاصمة لمستقبل التنظيم، ويضر بخطط القاعدة حول الاعتماد على الجيل الثاني، متسائلًا عن السبب الذي جعل الولايات المتحدة لا تذكر علنًا عملية القتل كما أن التنظيم لم يقدم بعد أي نعي يذكر لحمزة بن لادن.
بينما أكد صوفان أن حمزة بن لادن بمثابة مشروع مستقبلي لدمج داعش بالقاعدة على أساس أن داعش خرج من عباءة القاعدة، وكان جزءًا منه قبل أن يعلن داعش تأسيس تنظيمه الخاص، ولذلك يمثل مقتل حمزة- إن كان قد حدث بالفعل- ضربة قوية للقاعدة.
وفي تصريحات صحفية أخرى، ذكر محلل شؤون الإرهاب بشبكة سي إن إن، بول كرويكشانك أن حمزة بن لادن إذا كان قتل بالفعل كان القاعدة سوف يصدر بيانًا ناعيًا، ولكن ذلك لم يحدث حتى الآن، وهو ما يدفع بالشك ويضرب مصداقية انباء تصفية ابن الزعيم الراحل للقاعدة.
احتمالات واردة
في تصريح للقاعدة يقول سامح الجارحي الباحث في الشؤون الدولية: إن الطرح الذي قدمته الصحيفة الأمريكية له احتمالان، أولهما مبهم بشكل عام ويشوبه الغموض ولم يقدم معلومات أو أدلة مؤكدة وواضحة حول مكان تنفيذ العملية والمكان الذي اختبأ فيه حمزة والكيفية التي تم بها الهجوم، وبناء على ذلك فهو مرشح لأن يكون مجرد خداع استراتيجي من الجانب الأمريكي الذي يجيد الدعاية وأساليب الترويج السياسي، وخصوصًا أن القاعدة لم يقدم أي شيء بخصوص ذلك فهو لم يؤكد أو ينفي حقيقة المعلومات.
الاحتمال الثاني وفقًا للباحث أن تكون الولايات المتحدة قد قتلته بالفعل ولكن الظرف الحالي مكنها من الإعلان عن ذلك في إشارة إلى العلاقات الجيدة التي أصبحت تربط بين واشنطن وإسلام آباد والتصريحات الأخيرة لعمران خان حول إمداد استخبارات بلاده الجانب الأمريكي بمعلومات أدت لتصفية أسامة بن لادن؛ إذ أن التوجه الجديد لخان تجاه الجماعات الإرهابية أتاح حاليًّا للولايات المتحدة إمكانية التصريح حول هذا الأمر.
كما أشار الجارحي إلى أن حمزة بن لادن كان ينظر إليه فقط كامتداد لوالده أسامة بن لادن، ما يؤدي للاعتقاد بأن مقتله لن يكون له تأثير يذكر على مستقبل القاعدة، إذ أنه مجرد شاب في مقتبل عمره ولا يمتلك الخبرة العسكرية أو الحياتية الكافية لإدارة تنظيم إرهابي متعدد الفروع كالقاعدة، وفعليا من يدير التنظيم وأفرعه هو أيمن الظواهري ومن تبقى من رفاق أسامة بن لادن من مؤسسي التنظيم.





