لمواجهة تمويل الإرهاب.. مصر تلاحق عمليات غسيل الأموال
قطعت مصر شوطًا طويلًا في مواجهة عمليات غسيل الأموال التي تستخدم في تمويل الجماعات الإرهابية وتنفيذ الهجمات، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
وتمثل مخاطر غسل الأموال أبرز ما يُهــدد استقرار
النظام المالي والاقتصادي العالمي، إذ كشفت بيانات البنك الدولي أن التدفقات
المالية غير المشروعة تقدر بنحو تريليون دولار سنويًّا، والذي يقابله انخفاض في
معدلات التنمية المستدامة بنحو 100 بليون دولار سنويًّا.
وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي،
خلال «ورشة العمل السنوية المشتركة للتطبيقات وبناء القدرات» لمنطقة الشرق الأوسط
وأفريقيا، التي تقام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، إن أهمية تقييم تلك
المخاطـــر يرجع إلــى الحجــــم الهائــل من الأمــــوال المتحصلة من الجرائــــم
التي يتم غسلهــا.
وأَضاف رئيس الوزراء، أن حجم التمويلات نسبة لا
يُسْتهان بها من إجمالي الناتج المحلى العالمي، بالإضافة إلى أن هناك مخاطر من
درجة الاحتراف العالية التي تتسم بها الجهات التي تقوم بعمليات غسل الأموال، والتي
أصبحت تتمتع بآليات منظمة تستخدم بشكل متزايد مختلف التقنيات الحديثة والنظم
المتطورة للاتصالات.
وتستضيف وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
المصرية – التي شكلت في سبتمبر 2018 - هذه الورشة السنوية، بالتعاون مع البنك
المركزي المصري، وتنظمها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا MENAFATF ، بالشراكة مع كل من مجموعة مكافحة غسل
الأموال لمنطقة شرق وجنوب أفريقياESAAMLG ، ومجموعة غرب أفريقيا لمكافحة غسل الأموال GIABA.
وقال «مدبولي» إنه لا توجد دولة بمنأى عن الإرهاب مهما
بلغت قُوتها، ولهذا فقد أخذ المجتمع الدولي على عاتقه مُحاربة الإرهاب، مشيرًا إلى
أن مصر وضعت الأطــر التشريعية والرقابية الخاصـة بمكافحة غسل الأموال وتمويل
الإرهاب، من تشريعاتٍ وقوانينَ ولوائحَ وضَوابطَ رقابية وقواعد للتعرف على هوية
العملاء بمختلف المؤسسات المالية.
وأشار، إلى أن أولي خطوات الحرب على الإرهاب، هي تجفيف
منابعه من خلال قطع الدعم عن الجماعات والمنظمات الإرهابية بمنع وصول الأموال لها،
مضيفًا: «هنا تتجلي أهمية دراسة مخاطر تمويل الإرهاب على نحو يُمَكِّن الدول من
مُحاربة هذه الظاهرة على أساس مدروس وَمُحدد».
ودعا رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، إلى تبادل
الخبرات على المستويات الاستراتيجية والتشغيلية كافة؛ للوقوف على أوجه القوة
والتحديات التي تواجه كلًا منهما والعمل على إيجاد حلول لتلك التحديات مما يؤدي
بالنهاية لتعزيز قدراتها.
أهمية متزايدة لمواجهة
الإرهاب الممتد
تشكل مسألة مكافحة غسل الأموال أَهميةً مُتَصاعدة مع
اتساع دائرة الإرهاب ومنظماته محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا، إذ أعطى تزايد عمليات
غسل الأموال ومدى ارتباطها بتمويل الإرهاب عُمقًا جديدًا للعمليات التي أخذت أشكالًا
جديدة وَتَنوعَت وتشعبت مُستفيدة من التقنيات الحديثة والمتطورة في وسائل الدفع
والخدمات المصرفية الجديدة وأساليب التواصل الإلكتروني المتطور من خلال القنوات
المصرفية.
وأوضح رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي أن مصر مقبلة
على بداية عملية التقييم المتبادل للنظم المصرية المطبقة في مجال مكافحة غسل
الأموال وتمويل الإرهاب، الذي سيتم بمعرفة فريق خبراء من مجموعة العمل المالي
لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF)،
في إطار الجولة الثانية لعملية التقييم المتبادل لدول المجموعة.
وأشار إلى أن هذا التقييم يتطلب تَضافُر وتكاتف جهود
الجهات المعنية كافة للخروج بأفضل نتيجة تليق باسم وسمعة مصر، وتتلاءم مع الجهود
المبذولة على أرض الواقع، الأمر الذي يتطلب الاستعداد بشكل جيد ويستلزم عملًا وجهدًا
وإصرارًا من الجميع لتحقيق الهدف المنشود، قائلًا: «بالنظر للأهمية الكبيرة لعملية
التقييم المتبادل للنظم المصرية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب،
فالأمر يتطلب تَضَافُر جُهود الجهات كافة لتفادي التعرض لآثار سلبية».
الرقابة المالية وملاحقة أموال الإرهاب
تعد وَحَدات التحريات المالية، في صدارة الجهات المعنية
بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، إذ
تقوم بجمع وتحليل المعلومات من الجهات المُبَلِّغة وغيرها من الجهات المختصة
والتعامل مع الطرق المستحدثة التي يستخدمها المجرمون والإرهابيون لغسل متحصلات
جرائمهم، وكذا جمع الأموال المستخدمة في تنفيذ العمليات الإرهابية، بحسب رئيس
الوزراء، الذي أشار إلى أن الالتزام بالنظم الرقابية الدولية والمحلية يشكل رادعًا
كبيرًا لأية عناصر إجرامية، بما في ذلك غسل الأموال والأشخاص الذين يحضرون أو
يشتركون أو يُروجون، بأي شكل من الأشكال، للأعمال الإرهابية، كما يمكّن التعاون في
مُكافحة هذه الظاهرة في تعزيز وتقوية الاقتصادات العربية والأفريقية من خلال
استثمارات حقيقية وموارد مَشروعة تعكس الواقع الاقتصادي العربي والأفريقي .
جهد دؤوب
وقال المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة
مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إن مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب
ليست أمرًا سهلًا ولكنها تحتاج إلى جهد دؤوب على المستويين الإقليمي والدولي، خاصة
في ظل عولمة الاقتصاد ونمو أسواق المال الدولية.
وأضاف خليل، أن تعقيد مواجهة تلك الظاهرة، جاء نتيجة
درجة الاحتراف العالية التي تتسم بها الجماعات التي تقوم بعمليات غسل الأموال
وتمويل الإرهاب، والتي أصبحت تتمتع بآليات منظمة تستخدم بشكل متزايد مختلف
التقنيات الحديثة والنظم المتطورة للاتصالات.
ويواجه العالم والدول العربية على وجه التحديد، الكثير
من التحديات التي تفرضها التدفقات المالية غير المشروعة على سلامة النظم
الاقتصادية بها، في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة والمخاطر ذات الطابع العالمي،
مثل: الإرهاب والتهرب الضريبي والاتجار بالبشر وغيرها.
وتسعى دول العالم، إلى إيجاد تعاون كبير، تحت رعاية
الأمم المتحدة، لمواجهة التدفقات المالية غير المشروعة التي تنفع الجماعات
الإرهابية وتضر الاقتصادات.
وقال رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل
الإرهاب: إن بعض الدراسات قدرت أن كل دولار من المساعدة التنموية الموجهة للدول
النامية يقابله 10 دولارات تخرج في شكل تدفقات نقدية غير مشروعة.
ويقول اللواء مجدي البسيوني، الخبير الأمني ومساعد
وزير الداخلية الأسبق، في تصريحات لـ«المرجع»، إن مصر كانت من أولى الدول التي
واجهت التمويلات المتدفقة بشكل غير شرعي، ضمن خطة مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى
الجهود الأمنية التي تبذلها الشرطة والجيش.
وأضاف، أن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ظهر
واضحًا في كشف 19 شركة وكيانًا اقتصاديًّا تديره بعض القيادات الإخوانية والعناصر
الإثارية بطرق سرية لضرب الاقتصاد المصري الشهر الماضي.





