ad a b
ad ad ad

أطماع أردوغان في سوريا.. منطقة آمنة بأهداف خبيثة

السبت 27/يوليو/2019 - 11:01 ص
أردوغان
أردوغان
محمد عبد الغفار
طباعة

صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اجتماع مع رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية في الولايات التركية بالعاصمة أنقرة، الجمعة 26 يوليو 2019، أن بلاده مصممة على تدمير الممر الإرهابي شرق الفرات في سوريا، مهما كانت نتيجة المحادثات مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية حول إنشاء منطقة آمنة، وفقًا لما نقلته وكالة الأناضول.


وأضاف رجب طيب أردوغان في كلمته «من يمارسون البلطجة بالاعتماد على قوات أجنبية في المنطقة، إما أن يدفنوا تحت التراب، أو يقبلوا بالذل»، وأضاف الرئيس التركي «لا يمكن للحظر الأوروبي الأمريكي الذي لم يعد مخفيًّا ضد تركيا، وتزويد الإرهابيين بالأسلحة والمعدات ضمن عشرات آلاف الشاحنات أن تثنينا عن إيجاد حل لمشكلة الإرهاب».

أردوغان
أردوغان
وأكد رجب طيب أردوغان أن بلاده مضطرة لتوفير الاستقرار في إدلب، وأن هذا «الهم» ليس موجودًا لدى النظام السوري أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن تركيا تحتاج لهذا الأمر، مضيفًا أن بلاده أحبطت مشروع إنشاء ممر إرهابي على حدودها الجنوبية.

معتبرًا أن بلاده استقبلت لاجئين بما يساوي «خمس» عدد سكانها، إلا أنه أشار إلى أن 330 ألف سوري في تركيا تمت إعادتهم إلى سوريا، وذلك في المناطق التي أمنتها تركيا بها، مضيفًا أن تأمين منبج وشرق الفرات سوف يساهم في عودة المزيد من الأخوة السوريين إلى منازلهم.
- أين الأزمة؟
في بداية الحرب الأمريكية على تنظيم داعش الإرهابي، مولت الحكومة الأمريكية الفصائل المسلحة الكردية وعملت على تدريبهم، وفقًا لما أقره الكونجرس الأمريكي، إلا أن الحكومة التركية حاولت استمالة هذه الفصائل لصالحها، وهو ما تم لها بالفعل.

واستغلت تركيا الفصائل الكردية في التخلص من تنظيم داعش، بعد أن أصبح عبئًا دوليًّا عليها، وخطرًا على حدودها الجنوبية التي ظلت مفتوحة لأعضائه على مدار سنوات، وبعد أن قاتل هؤلاء مع الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم داعش الإرهابي، وذلك ضمن التحالف الدولي الذي شاركت به تركيا، سعت عدة أطراف للتخلص منهم.

والنظام التركي من ضمن هذه الأطراف، وسعى في سبيل تحقيق ذلك إنشاء منطقة آمنة على حدوده الجنوبية مع سوريا؛ بهدف إبعاد المقاتلين الأكراد عن هذه المنطقة، وتذكرت تركيا فجأة أنها تصنف أكراد سوريا كتنظيم إرهابي، لذا سارعت بإعلان رغبتها في إبعاده عن حدودها.
وزير الدفاع التركي
وزير الدفاع التركي خلوصي أكار
- المنطقة الآمنة
تقع المنطقة الآمنة، وفقًا لرؤية الأتراك، في المنطقة ما بين كوباني وعفرين، مرورًا بجرابلس، والتي تقع في ريف حلب، وترغب تركيا في خلق مساحة عمقها 30 كيلومترًا داخل العمق السوري، وبطول 68 ميلًا على الحدود، وهو ما ترفضه أمريكا؛ حيث تريد ألا تزيد المساحة عن 5 كيلومترات فقط.

وبدأ الحديث عن المنطقة الآمنة بعد اتفاق أمريكا وتركيا على الخطوط العريضة لإنشائها على طول الحدود السورية التركية، خلال شهر يوليو الماضي، وتستمر المباحثات ما بين الطرفين حتى الآن، إلا أنه من الواضح أنها تواجه عراقيل كثيرة، خصوصًا في جوانبها الفنية.

وكان آخرها ما ظهر بعد اجتماع ضم وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع مسؤولين عسكريين أمريكيين، الأربعاء 24 يوليو 2019؛ حيث أعلنت أنقرة أن «صبرها نفد على الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص المنطقة الآمنة»، بينما رأى وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو أن مباحثاتهم مع مبعوث واشنطن في سوريا جيمس جيفري في طريقها للفشل.
أطماع أردوغان في
- «قسد» ترد
لعبت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» دورًا مهمًا في القضاء على تنظيم داعش في الشمال السوري، إلا أنها تواجه هجومًا عنيفًا من تركيا خلال الفترة الحالية؛ حيث تريد أنقرة أن تتخلص منها بهدف بسط سيطرتها على شمالي سوريا.

وهو ما دفع مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، إلى التأكيد على ضرورة أن تأخذ الولايات المتحدة الأمريكية موقفًا واضحًا من النظام التركي وتهديداته، معتبرًا أن هدف أنقرة هو تغيير التركيبة السكانية في المنطقة، «من خلال إجراء مذبحة في شمال وشرق سوريا».

بينما اعتبر رياض درار، الرئيس المشترك لمجلس قيادة سوريا الديمقراطية، أن تركيا يمكنها تأمين الحدود من جانبها فقط، أما دخولها إلى المناطق السورية فهو احتلال، ويسمح للمتطرفين المتعاونين مع أنقرة بالوجود في هذه المناطق.
- تجهيز الخطة الميدانية
يبدو أن النظام التركي شعر بأن مباحثاته مع الولايات المتحدة الأمريكية لن تجدي نفعًا، لذا حشد قواته العسكرية خلال الشهرين الماضيين في مدينتي تل أبيض وتل رفعت في تركيا، وهو ما أشار إليه الرئيس التركي «اتخذنا خطوات لتحويل تل أبيض وتل رفعت إلى مناطق آمنة داخل سوريا، يجب أن تصل مساحة المنطقة إلى 30 – 40 كيلومترًا داخل سوريا انطلاقًا من الحدود التركية».

كما أظهرت العديد من التقارير الصحفية أن النظام التركي يلقي القبض على اللاجئين السوريين من الشوارع التركية، ثم يضعهم في حافلات كبيرة، قبل نقلهم إلى المنطقة الحدودية، تمهيدًا لإعادتهم إلى سوريا مرة أخرى، وذلك كجزء من خطة أنقرة لبناء المنطقة الآمنة في الشمال السوري.

ولكن يبدو أن التحالف الدولي فطن إلى هذا التصرف؛ حيث أرسل تعزيزات عسكرية كبرى بلغت 200 شاحنة إلى مناطق شمال سوريا الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، وفقًا لما نقله المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي تحليل سياسي نشرته دورية آل مونيتور، أكد الخبير العسكري متين جوركان، أن هناك تساؤلات كبيرة وخطيرة حول اختلاف الأهداف ما بين واشنطن وموسكو في سوريا؛ حيث نجد قوتين كبيرتين لهما مصالح استراتيجية كبرى متعارضة الهدف في الشمال السوري.

ويقول المحلل السياسي والخبير في الشؤون التركية ماجد كيالي، في تصريح لـ«المرجع»: إن تركيا مصممة على تغيير الوضع في شمال سوريا؛ لأنها ترى فيها أمنًا قوميًّا، وترى في قوات قسد مجموعة إرهابية، ولكنها لن تقوم بأي عملية عسكرية أحادية دون التفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية، وحتى بالقياس على العمليتين السابقتين نجد بأنهما في إطار توافقات مع مختلف الأطراف، والآن أي عملية تركية سوف تأخذ في الاعتبار أمريكا.

ويضيف الخبير في الشؤون التركية، أن الخلافات حول عمق المنطقة المسموح بدخول القوات التركية ضمنها، ومن الصعب التكهن حول مستقبل الأزمة حول المنطقة الآمنة، ولكني أعتقد أن أي خطوة سوف تكون في حدود محددة وصغيرة، خصوصًا أن النظام التركي لديه مشكلات في إدلب مع النظام الروسي.
"