بعد توقف نشاط بنك الاستثمار.. أردوغان يُغلق باب الانضمام للاتحاد الأوروبي
وكانت البداية في 12 سبتمبر 1963، عندما وقَّعت تركيا اتفاقًا للشراكة ينص على إقامة اتحاد جمركي تدريجي، واعتبرت خطوة انتقالية تمهيدية لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، ونص الاتفاق على مرور تركيا بمراحل ثلاث تضمن لها الدخول إلى الاتحاد، وهي المرحلة التحضيرية والانتقالية والنهائية، قبل أن يتوقف العمل بالاتفاق بعد انقلاب سبتمبر 1980.
ثم أعاد الشعب التركي المحاولة مرة أخرى في يناير 1996، عندما أعاد تطبيق الاتفاقية، ووصل إلى المرحلة الانتقالية بها، وسعى إلى تحقيق المرحلة الثالثة، والتي تعني العضوية الكاملة، وفقًا للمادة 28 من اتفاقية أنقرة، واستطاعت تركيا تحقيق خطوات جدية في إزالة العراقيل التي تحيل دون تحقيق هذا الهدف.
وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في عملية انضمام أنقرة إلى الاتحاد الأوروبي فرصة ذهبية لتحسين صورته، وسعى إلى زيارة عواصم أوروبية عديدة؛ بهدف إقناع نظرائه الأوروبيين بدخول بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، ومدى قدرة نظامه على الوفاء بمتطلبات المفوضية الأوروبية في سبيل تحقيق ذلك.
ولكن الأوضاع اضطربت مجددًا في عام 2015؛ حيث سعى أردوغان إلى استغلال الأزمة السورية في ابتزاز الأوروبيين والضغط عليهم، وجاء نص الاتفاق التركي أن توقف أنقرة تدفق اللاجئين إلى أوروبا في مقابل أن يتم تحرير التأشيرات، ومنح علاوة مالية قدرها 6 مليارات يورو؛ ما دفع البرلمانيين الأوروبيين إلى تجميد المفاوضات نوفمبر 2016، بعد انتشار حملة اعتقالات طالت جزءًا كبيرًا من العسكريين والإعلاميين والمواطنين، بتهم الانضمام إلى مسرحية الانقلاب التي نسجها أردوغان، ووصف البرلمان الأوروبي ما يحدث بأنه «انجراف سلطوي».
واقترحت لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الأوروبي، 20 فبراير 2019، بتعليق محادثات انضمام تركيا رسميًّا إلى الاتحاد الأوروبي، على خلفية عدم تحقيق أنقرة أي تقدم في تحقيق المعايير الأوروبية في مختلف المجالات.
كما أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني، والمفوض الأوروبي المسؤول عن التوسيع يوهانس هان، خلال لقائهما مع وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو، مارس 2019، أنهم يشعرون بقلق بالغ حيال دولة القانون في تركيا، والقيود المفروضة على حرية التعبير، بالإضافة إلى رغبتهم في إجراء تعديلات جوهرية على قوانين مكافحة الإرهاب في تركيا.
وهو ما أكدت عليه المفوضية الأوروبية، 29 مايو 2019؛ حيث اعتبرت أن آمال تركيا في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تتلاشى بصورة متسارعة، وذلك على خلفية تدهور الأوضاع في المحاكم والسجون، وكذلك انهيار الاقتصاد التركي، معتبرة في تقريرها السنوي حول التقدم الذي أحرزته أنقرة أن «تركيا مستمرة في التحرك بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي»، مضيفة «المفاوضات وصلت فعليًّا إلى طريق مسدود».
ولم تتوقف المفوضية الأوروبية عن التأكيد على استحالة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي تحت حكم رجب طيب أردوغان؛ حيث أكدت مرة أخرى، مارس 2019، أن إلغاء الانتخابات البلدية في إسطنبول يتعارض مع جوهر العملية الانتخابية الديمقراطية، ويتعارض مع مبدأ ضمان سيادة إرداة الشعب.
ويتضح أن الرئيس التركي أخذ بلاده في نفق مظلم في مسار دخولها إلى الاتحاد الأوروبي، وإذا كان من سبقوه استطاعوا المضي بأنقرة للأمام، حتى وصلت إلى المرحلة النهائية من مراحل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
ويرى الخبير في الشؤون الأوروبية رجائي بركات، أنه لا توجد فرصة لتركيا كي تحظى بعضوية الاتحاد الأوروبي، سواء على المستوى القريب أو المتوسط، نظرًا لمخالفتها معايير معاهدة كوبنهاجن، والتي تعد شرطًا أساسيًّا في الحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، ومنها احترام دولة القانون والحريات، وعلى رأسها حرية الصحافة، وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن يكون اقتصاد البلاد اقتصادًا حرًّا، وكلها عوامل غير موجودة لدى الدولة التركية.
ويضيف الخبير في الشؤون الأوروبية في تصريحات خاصة لـ«المرجع» أن محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان ساهمت في تعقيد عملية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي؛ خصوصًا مع الإجراءات التي نفذها أردوغان عقب هذه المحاولة، كما أن خلافاته مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ستسهم في تعقيد الوضع أكثر.





