ad a b
ad ad ad

إندونيسيا ومكافحة الإرهاب.. استفادة ناجحة من التجربة المصرية

الأحد 04/أغسطس/2019 - 09:24 م
المرجع
آية عز
طباعة

نهاية شهر يوليو الماضي، أعلنت وزارة الداخلية الإندونيسية القبض على أحد العناصر الإرهابية من المنتمين لتنظيم «داعش»، مُعلنةً على إثر ذلك إحباط عمليات إرهابية كثيرة كانت تنوي بعض العناصر المتطرفة ذات الصلة بجماعة «أبو سياف» الإرهابية الموالية لـ«داعش» في جنوب الفلبين، تنفيذها إضافة إلى تفكيك خلية إرهابية في البلاد، وهو ما يفتح الحديث مجددًا حول قدرات الحكومة الإندونيسية على مكافحة الإرهاب.

إندونيسيا ومكافحة
بدأت الحكومة الإندونيسية في اتخاذ خطوات جادة في مكافحة الإرهاب منذ عام 2002، وهو العام الذي حدثت فيه تفجيرات «بالي» الشهيرة، التي أسفرت عن مقتل 202 شخص وجرح 209 آخرين، فمنذ تلك التفجيرات صدر أول قانون يختص بمكافحة الإرهاب، وتشكيل الوحدة 88 لمكافحة الإرهاب في البلاد.

ووفقًا لتقرير أعدته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أعقب تلك العملية عمليات أخرى رغم إصدار القانون، ففي أغسطس عام 2003 لقي 12 شخصًا مصرعهم في تفجير استهدف فندق «ماريوت» في جاكرتا، وفي سبتمبر 2004 وقع انفجار قنبلة خارج مقر السفارة الأسترالية في جاكرتا، وأسفر حينها عن مقتل 9 أشخاص، وفي أكتوبر 2005 قتل 23 شخصًا في سلسلة هجمات استهدفت منتجعات في جزيرة «بالي».

وشهد شهر يوليو 2009، مقتل 7 أشخاص، وسقوط عشرات الجرحى في هجومين انتحاريين استهدفا فندقي «ماريوت» و«ريتز كارلتون» في جاكرتا.

واستمرت الهجمات الدامية في إندونيسيا من قبل الجماعات الجهادية ذات الصلة بجماعة «أبو سياف» في الفلبين لسنوات طويلة، خاصة مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي في 2014، حتى جاءت تفجيرات جاكرتا عام 2016، التي راح ضحيتها مئات الأشخاص، لتبدأ الحكومة في اتخاذ خطوات أخرى فاعلة في مكافحة الإرهاب، وبالتحديد بدأت التنفيذ في عام 2018 عقب تفجيرات «سورابايا» في مايو 2018، إذ تم تعديل وتطبيق قانون مكافحة الإرهاب رقم 15 لعام 2003، وقامت الدولة بزيادة مدة العقوبة الجنائية على مَن يُتهم بأي عمل إرهابي.

وفي ذلك الوقت تم تعريف الإرهاب بشكل رسمي في القانون، وجاء نص تعريفه كالآتي: «هو عمل يلجأ إلى العنف أو التهديد بالعنف يولد أجواء ترهيب أو خوف على نطاق واسع، ويتسبب في سقوط ضحايا بأعداد كبيرة أو يتسبب في خراب ودمار في المباني والأماكن ذات الأهمية والاستراتيجية والبيئة المحيطة والمؤسسات العامة والدولية، ويكون بدوافع أيديولوجية وسياسية».

وكانت أبرز تعديلات العقوبات في قانون الإرهاب، التي تتراوح بين ثلاث سنوات والسجن المؤبد، وقد تصل إلى الإعدام.

ومن الجرائم التي أضافها قانون الإرهاب: التعامل مع المواد الكيميائية والجرثومية والنووية تصديرًا أو استيرادًا بصورة غير شرعية، أو يخزنها، يعتبر جريمة، والتخطيط والتنظيم للقيام بأي عمل إرهابي في البلاد، ومن يجند أشخاصًا ويجمعهم ويرسلهم للمشاركة في تدريب عسكري لأغراض إرهابية، أو من يحرض بخطاب أيا كانت صيغته على القيام بأعمال إرهابية، وأثبت القانون زيادة العقوبة بحق من يستغل القاصرين في أعمال إرهابية، يعتبر جريمة أخرى.
إندونيسيا ومكافحة

مكافحة أمنية وعسكرية

وقامت الشرطة الإندونيسية بتطوير أدائها الأمني لمكافحة الإرهاب، وكان من ضمن الجهود الأمنية التي قامت بها، إقامة تدريبات حية على مكافحة الإرهاب في ميناء «بينوا» في «دينباسار» بجزيرة بالي، بشكل مستمر في أكثر من مدينة، إلى جانب ذلك تعاونت الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب في إندونيسيا مع وزارة الداخلية المصرية في بداية العام الجاري؛ لبحث سبل التطور في مكافحة الإرهاب، مستعينة بالتجربة المصرية في هذا الأمر.


وعلى نفس الصعيد، قام الجيش الإندونيسي بشن العديد من العمليات العسكرية في شمال البلاد وغربها، وعلى المناطق الحدودية لمحاصرة الخلايا النائمة التابعة لتنظيم داعش، وترك مهمة تأمين المدن للشرطة.


كما قامت الحكومة الإندونيسية بإعادة تأهيل بعض المتطرفين المتورطين في أعمال عنف، أو ذويهم، ولعل أبرز ما قامت به في هذا المجال، إنشاء مركز إيواء لإعادة تأهيل أطفال المتطرفين، الذين قُتل آباؤهم أثناء تنفيذ عمليات إرهابية.


ومن ضمن الطرق التي استخدمتها الحكومة الإندونيسية لمكافحة الإرهاب تنظيم اجتماعات بين مسلحين مدانين وبين الناجين من الهجمات الإرهابية، على أمل أن تكافح التطرف، وتعزز المصالحة بينهم، وقدم بالفعل نحو 120 عنصرًا إرهابيًّا اعتذارًا لضحايا، وناجين من هجمات متفرقة، مثل تفجيرات بالي عام 2002، وتفجير السفارة الأسترالية في جاكرتا عام 2004، وذلك بحسب مدير وكالة مكافحة الإرهاب في إندونيسيا.


أيضًا بدأت الحكومة الإندونيسية منتصف عام 2018، وبالتعاون مع الأئمة التوجه إلى السجون لعقد العديد من المقابلات مع المسجونين المتطرفين، وكانت البداية مع الدواعش الذين وقعوا تحت القبضة الأمنية، وبالفعل عقب لقاءات متعددة أعلن عدد كبير منهم توبته.

إندونيسيا ومكافحة

الاستفادة من التجربة المصرية 

من جانبه، قال هشام النجار، الباحث المختص في شؤون الجماعات الإسلامية: إن الحكومة الإندونيسية استفادت من التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب، وإعادة تأهيل المتطرفين، وحاولت خلال الفترة الماضية، تطبيق تجربة الحوار مع المتشددين، ولذلك استقدمت مختصين من مصر لهذه المهمة على مراحل.


وأكد النجار في تصريح لـ«المرجع»، أنه كان واحدًا من هؤلاء الذين استضافتهم الحكومة الإندونيسية لهذا الغرض، مشيرًا إلى أن تلك التجربة نجحت بشكل كبير، وأعطت نتائج مهمة داخل الحركة الدينية المحلية الإندونيسية، التي كانت تنتهج نهج الجماعة الإسلامية المصرية، ومتأثرة بأدبياتها ورموزها مثل عمر عبد الرحمن وغيره.


وأضاف الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن إندونيسيا تواجه تحديات كبيرة على وجه العموم، من جهة استهداف تنظيم داعش للمجتمع والدولة هناك، علاوة على اختراق جماعات الإسلام السياسي المشهد الحزبي والانتخابي، وهو ما ظهر بشكل كبير في الانتخابات الأخيرة؛ ما منح الجماعات نفوذًا كبيرًا، نتيجة تحالفات بعض القوى والرموز السياسية الكبيرة معها.

الكلمات المفتاحية

"