اجتماعات أوسلو.. طهران تسعى لسحب الورقة الكردية من واشنطن
الأربعاء 10/يوليو/2019 - 09:29 م

علي رجب
في ظل مخاوف إيرانية من اندلاع حرب مفتوحة مع الولايات المتحدة الأمريكية، يسعى نظام علي خامنئي لتحسين علاقته بالشعوب غير الفارسية التي تشكل تهديدًا مباشرًا
له، إذ كشفت تقارير عن وجود مفاوضات بين حكومة روحاني والأحزاب والفصائل الكردية في كردستان إيران، من خلال اجتماعات تمت في العاصمة النرويجية
أوسلو.

الدكتور عبدالرحمن قاسملو
وذكر معارضون من أكراد إيران أن مندوبين عن النظام الإيراني عقدوا اجتماعات في أوسلو، تمهيدًا لمفاوضات مع 4 أحزاب كردية معارضة هي: "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني" و"حزب «كومله» كردستان إيران" والحزبان الآخران المنشقان عنهما تحت اسمين متشابهين هما: "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"حزب «كومله» الكردستاني للكادحين".
المفاوضات «الايرانية ــــ الكردية» تأتي في الذكرى الثلاثين لاغتيال الزعيم التاريخي الدكتور عبدالرحمن قاسملو الذي قتل فى 13 من يوليو عام 1989 على يد المخابرات الإيرانية في النمسا.
وتواجه الأقليات الإيرانية ومن ضمنها القومية الكردية التى يقدر عددها بــ 6 ملايين نسمة، حملات كبيرة من القمع والتعذيب ضد كل من يطالب بحقوقه، سواء كانت دينية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية خارج عرقية الفرس المسيطرة.
وعلى الرغم من رغبة «أكراد إيران» في الاعتراف بهويتهم داخل المجتمع الإيراني، كما هو شأنهم في عموم المنطقة، لكن نظام الملالي يقف لهم بالمرصاد، خاصةً أن لكرد إيران تجربة تاريخية محدودة في إقامة حكم مستقل، ألا وهي دولة «مهاباد» التي لم تدم إلا فترة وجيزة، ولكنها كانت كافية لتلهم الأكراد الشعور بالرغبة في الاستقلال.

ومع أخذ التوتر بين واشنطن وطهران منحى متصاعدًا منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، بلغ هذا التوتر أشده مؤخرًا بسبب الضغوط الأمريكية المتزايدة على طهران لتغيير سياستها المهددة للاستقرار في الشرق الأوسط، لدرجة لم يُستبعد معها اندلاع حرب بين الطرفين، الأمر الذي إن حدث ستكون له تداعيات خطيرة على المنطقة، وخاصة على الأكراد، حسب مراقبين.
وعلى مدار السنوات الماضية، أبدت الولايات المتحدة تعاطفًا واسعًا مع الأكراد وصل إلى حد الدعم السياسي، بل العسكري في بعض الأحيان، فواشنطن دعمت إنشاء إقليم كردستان العراق خلال حرب الخليج الأولى، والآن توفر دعمًا عسكريًّا كبيرًا لأكراد سوريا، منذ اندلاع الحرب في ذلك البلد عام 2011، وهو ما يخشاه النظام الإيراني من استخدام الورقة الكردية في يد واشنطن ضد طهران.
ولأكراد إيران طموحات، وعلاقات متشابكة في المنطقة، تتراوح هذه الطموحات ما بين الانفصال وتكوين كيان مستقل، وبين أقاليم ذات إدارة ذاتية، كما حدث في إقليم كردستان – العراق.
ولا يستبعد الباحث في معهد واشنطن، دافيد بولوك، تعاون أكراد سوريا مع الولايات المتحدة ضد إيران قائلا: «البديل لهم هو إما تركيا، أو نظام الأسد المدعوم بقوة من إيران، هم سيفضلون الانحياز لصالح الولايات المتحدة».
ورأى مراقبون أن المفاوضات تأتي ضمن محاولات النظام الإيراني لكسب الوقت وإبطال أى أوراق قد تستخدمها واشنطن في حربها، وفي مقدمتها الفصائل الكردية المسلحة، والتي تشكل ازعاجًا كبيرًا للحرس الثوري الإيراني.
وأوضح الخبير في الشؤون الإيرانية، الدكتور محمد بناية في تصريح لـ«المرجع» أن أى مقترحات لصفقة «ايرانية ــــ كردية»، لن تكلل بالنجاح في ظل تصاعد الغضب الشعبي الكردي في «كردستان إيران» من سياسة النظام الإيراني، ولجوء الأخير إلى سياسة الاعتقالات والاغتيالات والخنق الاقتصادي في مواجهة ثورة الأكراد.
وأضاف بناية، أن تاريخ المحادثات والصفقات بين طهران والأكراد، يؤشر لعدم نجاح هذه المحادثات، لأن النظام الإيراني سرعان ما يعود عن وعوده واتفاقاته بممارسات قمعية وعسكرية تهدد وجود الفصائل الكردية، وهو الأمر الذي حدث مع الزعيم التاريخي لكردستان الشرقية، الدكتور عبدالرحمن قاسملو الذي اغتيل 13 من يوليو عام 1989 على يد المخابرات الإيرانية في النمسا، عندما ذهب للتفاوض مع وفد حكومي إيراني قادم من طهران حول حقوق الأكراد، إذ أردوه قتيلًا بوابل من الرصاص وهو على طاولة التفاوض، ما يعني أن في لحظة تقديم طهران يدها للسلام مع الأكراد فإن اليد الأخرى تكون مقبلة على الغدر بهم.
ولفت الخبير في الشؤون الايرانية، إلى أنه في حال اندلاع حرب بين إيران والولايات المتحدة، وفشل طهران في تقديم صفقة مغرية إلى الأكراد، فإنه من المتوقع أن يكون لـ«أكراد إيران» دور في الحرب الأمريكية لتحجيم النظام الإيراني أو إسقاطه، ولكن حتي الآن موقف «أكراد إيران» غامض من هذه الحرب، كما أن اللقاء يشكل جس نبض إيراني لموقف الأكراد، ويشكل بداية لطريق آخر قد تسلكه طهران في حرق الأوراق الأمريكية في الداخل الإيراني.