بسبب اللاجئين والمسلمين.. اليمين المتطرف يهدد منظومة القيم الألمانية
تعلو أصوات التحذير مؤخرًا في ألمانيا من خطر انتشار «عنف» اليمين المتطرف في البلاد، ما يُسهم بشكل كبير في تحويل قيم المجتمع، خاصةً وأنها لم تتوقف عند مجرد صعود تيار اليمين في المجتمع، بل تطورت إلى قتل الرموز السياسية وتهديد أولئك المدافعين عن اللاجئين، من أشخاصٍ ينتمون لليمين المتطرف.
على محمل الجد
طالبت رابطة الصحفيين الألمان ،(DJV) بضرورة التعامل مع التهديدات الموجهة من يمينيين مُتطرفين ضد صحفيين وساسة محليين، أعربوا علنًا عن تأييدهم لسياسة استقبال اللاجئين، على محمل الجد، مناشدة وسائل الإعلام وكذلك قوات الأمن عدم التقليل من شأن هذه التهديدات.
وأرجعت رابطة الصحفيين الألمان، هذه المناشدات، إلى توارد تقارير عن خطابات تهديد ضد صحفيين كانوا يعملون على موضوعات تتعلق باليمين المتطرف.
وقال رئيس الرابطة فرانك أوبرال: «بعد مقتل حاكم مقاطعة كاسل (فالتر لوبكه) والتهديدات التي صدرت ضد ساسة، من بينهم عمدة مدينة كولونيا، يتعين على زميلاتنا وزملائنا توخي الحذر وعدم الاستخفاف بالتهديدات».
وناشد أوبرال الشرطة التعامل مع بلاغات الصحفيين على محمل الجد، وقال: «الجناة لن يقصدوا الزملاء (الصحفيين) بصفتهم الشخصية، وإنما يستهدفون صحفيات وصحفيين بصفتهم ممثلين لوسائل إعلام مستقلة».
تحريض مستمر
وتحركت الحكومة مع طلب الرابطة، وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: إنه يقدم الدعم والمساندة للساسة الذين واجهوا تهديدات، بعد مقتل فالتر لوبكه حاكم مقاطعة كاسل. وإن «التهديدات بالقتل ضد ساسة محليين تعد محاولات دنيئة للترهيب».
وأضاف: «باتت عمليات التحريض مثيرة للاشمئزاز، وتوجب علينا دعم جميع من يعملون في مجال السياسة المحلية بشكل أكثر حزمًا». وأضاف السياسي الاشتراكي أن الديمقراطية تحيا من عمل كثير من الساسة والموظفين المحليين الشجعان، وقال: «إنكم تستحقون احترامنا ودعمنا - دائمًا وفي هذه الأيام بصفة خاصة».
وكان فالتر لوبكه، حاكم مقاطعة كاسل بولاية هيسن بغرب ألمانيا، عضوًا في الحزب المسيحي الديمقراطي، حزب المستشارة أنجيلا ميركل، قُتل في مطلع شهر ونيو الجاري بطلق ناري في الرأس.
ويقبع الألماني «شتيفان ي.» البالغ من العمر 45 عامًا منذ الأحد الماضي في الحبس الاحتياطي على خلفية اشتباه قوي ضده بارتكاب جريمة مقتل لوبكه. ويفترض المحققون وجود دافع يميني متطرف وراء مقتل لوبكه، الذي ساهم في تأسيس مراكز إيواء اللاجئين عام 2015.
ووفقًا بيانات وزارة الداخلية الاتحادية الصادرة في ديسمبر الماضي، فإن عدد اللاجئين الذين دخلوا ألمانيا في عام 2018 كان أقل من الحد الأقصى الذي وضعته الحكومة الألمانية لأعداد اللاجئين والذي يتراوح بين 180 إلى 220 ألف شخص سنويًّا، الذي كان قد تم الاتفاق على قبوله في اتفاق الائتلاف الحكومي في مارس الماضي 2018.
وبحسب المؤشرات الحكومية، فإن أعداد طلبات اللجوء في 2018 تراجعت بنحو 18% مقارنة بعام 2017، بسبب تشديد الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي والحدود بين بعض الدول الأوروبية، وخصوصًاً بعد الاتفاقية التي أبرمها الاتحاد الأوروبي مع تركيا في عام 2016.
ويرى اليمين المتطرف في ألمانيا، أن المسلمين لا ينتمون للهوية الألمانية ثقافيًّا، حتى إذا حملوا الجنسية، واندمجوا في المجتمع، كما أنهم يعتبرون انتشار المظاهر الإسلامية كملابس المحجبات واللحية لا تتفق مع المجتمع الألماني -وفق رؤيتهم- وأن وجود المسلمين يزيد من فرص تكون إرهابيين في البلاد، خاصة مع زيادة عدد الهجمات الإرهابية في نفس الوقت.
ويُشارك حوالي 100 نائب من اليمين المتطرف للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية (1945) في مجلس النواب الألماني، وسبق لحزب «البديل من أجل ألمانيا» أن خرق العديد من المحرمات الوطنية خلال حملته خصوصًا تنديده بالتعويضات عن جرائم النازية، بحسب ما ذكرته "فرانس 24" في أكتوبر 2017.
ويعد حزب «البديل من أجل ألمانيا» أكثر الأحزاب اليمينة شعبوية، ويرى أن الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا، وأن السماح بوجود المسلمين في برلين هو أسلمة للمجتمع.
إلا أن حركة «الهوية» الألمانية، بدأت تأخذ مبادرات تطالب بأن يكون الألمان أكثرية في بلادهم في مواجهة المسلمين المهاجرين إليها، داعين إلى فصل المسلمين في أماكن محددة لهم، حتى لا يغيروا الوجه المعروف لألمانيا.
الحركة التي تنشط حاليًّا في ألمانيا، مسؤولة عن أكثر من 100 جريمة ضد المسلمين، بين تخريب ممتلكات وإصابات لأفراد، خلال الـ16 شهرًا الماضية، بحسب ما قالته وزارة الداخلية الألمانية.





