بالتفاصيل.. أكاديمية أمريكية تكشف دورة العمل الإعلامي داخل «داعش»
أصدر مركز مكافحة الإرهاب بأكاديمية ويست بوينت الأمريكية العسكرية دراسة عن الجهاز الإعلامي لتنظيم داعش، اعتمادًا على وثائق ومقابلات أجراها فريق تابع للمركز في شرق سوريا خلال عام 2018.
وكشفت الدراسة التي نشرها المركز، خلال الأسبوع الماضي، أن التنظيم يعتمد على «النظام الأمني» في إدارة ما يسمى بديوان الإعلام المركزي، ويستغل الديوان في تأمين تواصل قيادات التنظيم الإرهابي مع المستويات الأقل داخل داعش.
دورة العمل الإعلامي
وأوضحت الدراسة في جزئها الثالث عن دورة العمل الإعلامي ومراحله في داخل التنظيم، مؤكدةً أن فرق إعلامية أوروبية تعمل على ترويج الإصدارات الدعائية لتنظيم داعش.
ما قبل الإنتاج: تشمل مرحلة ما قبل الإنتاج الإعلامي في داعش جميع التجهيزات اللازمة لإنتاج المواد الدعائية للتنظيم، واعتمد تنظيم داعش على نوعين من الفرق الإعلامية أولهما الفرق التابعة للمكاتب الإعلامية وهي فرق احترافية ومدربة على إنتاج المواد الإعلامية المختلفة وتوجه من قبل أمير المكتب الإعلامي، وثانيهما الفرق الإعلامية الموجودة داخل الدواوين الأخرى مثل «الصحة، التعليم..»، وتخضع لسلطة ما يعرف بأمير الديوان، لكن في كل الأحوال تلتزم جميع الفرق بالتوجيهات والقيود المفروضة على العمل الإعلامي من قبل مركز الأمن الإعلامي المكلف بالرقابة على وسائل الإعلام داخل تنظيم داعش.
ويقتصر دور الفرق الإعلامية التابعة للدواوين الأخرى على «الإنتاج الخام»، فتقوم بالتقاط الصور، والفيديو وتجهيز المقالات والتقارير، بخصوص أنشطة الديوان.
وتحدد اللجنة الإعلامية القضائية توجيهات العمل بالنسبة للفرق الإعلامية، كما وضعت كتيبًا للإرشادات بخصوص مرحلة ما قبل الإنتاج، وتشمل:
-التركيز الموضوعي للمواد الإعلامية.
-الإطار الكلي للتغطية الإعلامية.
-طبيعة الحدث «عمليات إعدام - سير الحياة في مدن التنظيم..»
-الصورة التي سيخرج بها المنتج «صور - فيديو - تقارير مكتوبة..»
-التفضيلات الأخرى والقيود، والمحاذير المفروضة.
وبحسب وثائق سابقة، عُثر عليها بعد استعادة مناطق من سيطرة داعش فإن التنظيم كلف المصورين بعدم إظهار صور الضحايا وهو يبتسمون قبل تنفيذ الأحكام الداعشية ضدهم، وعدم التقاط المشاهد التي ينطق فيها الضحايا المسلمون للشهادة قبل إعدامهم.
وكشفت مقابلة مع أحد عناصر داعش المعتقلين لدى قوات «قسد» -أجريت خلال الدراسة- أن المعتقلين لدى تنظيم داعش أجروا «بروفات تصوير» قبل إخراجهم في الفيديو النهائي، تضمنت تدريبهم على كيفية الحركة أثناء التصوير، ولغة الجسد، والعبارات التي يدلون بها قبل الإعدام؛ لإخراج الفيديو الدعائي بأفضل صورة ممكنة.
ولفتت الدراسة إلى أن تطبيق آليات وطرق إعلامية جديدة كان «قابلًا للتفاوض»، وكان ذلك يتم عبر إرسال المكتب الإعلامي التصور المراد تطبيقه إلى اللجنة القضائية الإعلامية؛ لبحثه وتقرير ما إذا كان مناسبًا أم لا وفقًا لمعاييرها الشرعية والتكتيكية، وتولي اللجنة أيضًا تحديد طبيعة الإصدار وموعد نشره.
وكانت الاقتراحات تقدم عبر «المركز الأمني»، الذي يتولى بدوره توصيله إلى اللجنة القضائية؛ لأنه لم تكن هناك وسيلة اتصال مباشرة بين المكاتب الإعلامية واللجنة القضائية.
مرحلة الإنتاج
تبدأ مرحلة الإنتاج بإرسال المكتب الإعلامي تصورًا واضحًا للمادة المراد إنتاجها ويشمل ذلك «إرشادات التصوير، المسؤولين، الجدول الزمني»، ويتم إيصال هذا التصور للجنة القضائية عبر المسؤولين الأمنيين.
في المشروعات الإعلامية الحساسة، مثل تصوير المعارك، أو اللقاءات الهامة، يقوم «أمني الإعلام» بمرافقة الفريق التابع للمكتب الإعلامي خلال عملية التصوير، ويحدد هو المواعيد، وأماكن التصوير، ويكلف أمني الإعلام بمهام منها:
-حماية الفريق الإعلامي.
-مراقبة أداء الفريق الإعلامي.
-التأكد من التزام الفريق بالتوجيهات والإرشادات -الخط التحريري- المرسوم من قبل اللجنة القضائية.
بعد انتهاء التصوير، يعود الفريق الإعلامي للمكتب، وترسل نسخة من المادة الإعلامية بعد توثيقها -كتابة التاريخ والمعلومات- إلى «بنك المعلومات».
التقييم والموافقة
بعد إرسال المادة الإعلامية إلى «بنك المعلومات»، يقوم فريق العمل التابع له بإزالة أي مشاهد، أو تسجيلات، لا تستوفي شروط الإنتاج، أو تخالف تعليمات اللجنة القضائية المكلفة بالإشراف على وسيلة الإعلام.
بعد ذلك، تقوم فرق منفصلة بحفظ المادة وتأمين المادة الجديدة، وترسل إخطارًا بالاستلام إلى اللجنة القضائية.
تعطى كل مادة إعلامية رقمًا مميزًا، وترسل إلى الفريق الإعلامي المكلف بإخراجها بالصورة المطلوبة، داخل المكاتب الإعلامية، ويحدد التاريخ المطلوب تسليم المادة فيه.
إجراء التعديلات
في هذه المرحلة، ترسل جميع اللقطات، أو التسجيلات المقبولة إلى وحدة المونتاج، أو فرق الطباعة ويدون عليها ملاحظات اللجنة القضائية الإعلامية، وملاحظات بنك المعلومات، على المادة.
يكلف أمير المكتب الإعلامي بمتابعة العمل، وبمجرد الانتهاء، يراجع المادة ويعطي موافقته المبدئية.
بعد انتهاء عمل المكتب يقوم «منسق الاتصال» بإرسال المادة إلى اللجنة القضائية والتي تحدد ما إذا كانت المادة جاهزة للنشر، أو بحاجة إلى تعديلات جديدة.
وعند موافقة اللجنة النهائية، سيتم إرسال المادة إلى «ديوان الإعلام المركزي» للموافقة النهائية على نشرها.
ووفقًا للوثائق التي حصلت عليها وزارة الدفاع الأمريكية في 2016 - 2017، وتقرير ميلتون الذي نشرته أكاديمية ويست بوينت فإن هناك «غرف دردشة» للنقاش خلال مرحلة ما قبل النشر، وأخرى لعملية النشر، وثالثة للحوار حول الاستراتيجيات المتعلقة بوسائل الإعلام.
وأكدت دراسة مركز مكافحة الإرهاب بجامعة ويست بوينت أن هذه الغرف لا تزال «نشطة» ويتجاوز دورها مسألة الإعلام إلى نشاطات إرهابية أخرى مثل شراء السلاح، والنقاش حول التكتيكات الحربية، لكن هذه الغرف ليست متاحة إلا لمجموعة من القيادات والأشخاص الفاعلين داخل التنظيم.
النشر
في ما يتعلق بعملية النشر، أكدت الوثائق- التي اعتمدت عليها الدراسة- أن هناك فريقًا رقميًّا تولى إدارة الحسابات التي تنشر الإصدارات الداعشية، إذ لم يكن مسمحًا لأعضاء المكاتب الإعلامية باستخدام الإنترنت لأسباب أمنية.
تسمى هذه المجموعات بـ«فرق الوسائط الخارجية» وهذه الفرق كانت تعمل من مواقع مختلفة، ومرافق خارجية خاضعة لرقابة «أمني الإعلام».
وأشارت واحدة من الوثائق إلى أنه تم ترويج المواد الدعائية لتنظيم داعش عبر «ناشر» وهي وكالة إعلامية داعشية مسؤولة عن ترويج الإصدارات والأخبار.
وتستخدم ناشر قنوات عالية السرية على تطبيق تليجرام للتواصل الاجتماعي، ويدير فريق من «إعلاميي داعش» قنوات ناشر عبر أماكن خارج سوريا والعراق.
وبحسب شهادة أحد الداوعش، فإن هناك أفرادًا في لبنان يديرون عملية النشر، ومجموعات أخرى داخل دول الاتحاد الأوروبي مثل ألمانيا، وبريطانيا والسويد.
وبالرغم من أن «ناشر» ينظر إليها كوكالة مناصر -غير رسمية- لتنظيم داعش، فإن معدي دراسة مركز مكافحة الإرهاب يؤكدون أنها تعمل تحت إشراف أمني وإعلامي من داخل تنظيم داعش.





