الملف النووي.. سنوات الشدِّ والجذب بين واشنطن وطهران(3-3)
الجمعة 14/يونيو/2019 - 04:46 م
أحمد سامي عبدالفتاح
جاء دونالد ترامب بأجندة واضحة في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني؛ حيث أعلن ترامب مرارًا رفضه للبرنامج النووي الإيراني، وهو ما يرجعه مراقبون إلى عدة أسباب، لعل أهمها أن الاتفاق النووي مع إيران لم يتضمن تقييد البرنامج الصاروخي الإيراني الذي تعتقد الولايات المتحدة أنه يمثل خطرًا شديدًا على مصالحها في الشرق الأوسط، علاوةً على ذلك، تضمن الاتفاق النووي الإفراج عن الأصول الإيرانية التي جمدت منذ عام 1979 بعد أن تم اقتحام السفارة الأمريكية.
علي صعيد متصل، اعتقدت إدارة ترامب أن الإفراج عن الأصول المجمدة يعني زيادة الدعم الإيراني للنشاط الإرهابي في المنطقة، ولا يخفى على أحد أن ترامب قد حاول الخروج من الاتفاق النووي؛ من أجل تدمير إنجاز يحسب لباراك أوباما، بصفة عامة يتعامل دونالد ترامب مع إيران من خلال سياسة تعرف باسم «Dollar Unilateralism»، ما يعني أن الولايات المتحدة تستخدم قوة الدولار وتحكمها فيما يعرف باسم «Swift code»؛ من أجل خنق اقتصاديات الدول المناوئة لإيران، عن طريق تقييد التحويلات المالية بين هذه الدولة وبين العالم الخارجي.
بالتأكيد، رفض الاتحاد الأوروبي الإجراءات الأمريكية معتبرًا أن الاتفاق النووي ليس اتفاقية بين طرفين، ولكنه اتفاق متعدد الأطراف تم تمريره من مجلس الأمن، ما يعني أنه أمر إلزامي على الولايات المتحدة أن تحترمه وتفي بالتزاماتها نحو أطرافه.
وتعهد الاتحاد الأوروبي بالإبقاء على الاتفاق لعدة أسباب، أبرزها محاولة الاتحاد الأوروبي تأكيد استقلالية سياساته الخارجية، وقدرته على ممارسة دور فعال في السياسة الدولية.
كما أقر الاتحاد الأوروبي قانونًا جديدًا ينص على معاقبة الشركات الأوروبية التي تنسحب من السوق الإيرانية دون موافقة الاتحاد على هذا القرار، وأيضًا أقرت المفوضية الأوروبية قانونًا يسمح للشركات الأوروبية العاملة في إيران من مقاضاة الولايات المتحدة في أوروبا، كما أقرت أوروبا نظامًا ماليًّا جديدًا كبديل عن «Swift Code»، لكن الواقع جاء مختلفًا عن الطموحات الأوروبية؛ حيث انسحبت الشركات الأوروبية بالفعل من السوق الإيرانية، وبالنسبة للشركات الأوروبية كان الاختيار واضحًا بين السوق الأمريكية التي تعد الأقوى في العالم بإنتاج محلي قرابة 19 تريليون دولار، و بين السوق الإيرانية المعتمدة بشكل رئيسي على النفط ولا يوجد بها دور قوي للتكنولوجيا، مع العلم أن الناتج المحلي الإيراني يقارب 400 مليون دولار.
وفقًا للنظرية الواقعية، يعتقد ترامب أن الاتفاق النووي قد منح إيران فرصة أكبر لتقوية العلاقات مع الميليشيات، ما يعني أن توازن القوى سوف يختل لصالح إيران، وفقا للنظرية الليبرالية، جاء الموقف الأمريكي المتشدد من إيران؛ بسبب التغييرات التي أجراها ترامب على إدارته؛ حيث استدعى مجموعه من الأشخاص الذين يعرفون باسم «الصقور» وهم الفئة الأكثر تشددًا مع صناعه القرار الأمريكية، لعل أبرز هذه الشخصيات هو جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي، ومايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي.
وتعتقد النظرية المحافظة أن أوروبا أصرت على التمسك بموقفها؛ لأن الأمر يتعلق بكرامة الأوروبيين، وبمبادئهم؛ حيث أن «Unilateralism» التي يتبناها ترامب تمثل تهديدًا للتعددية الدولية التي تنادي بها أوروبا، كما يعتقد الأوروبيين أن الأمر يتعلق بالكرامة الأوروبية نفسها وباستقلالية مبادئها، ولذلك تصر أوروبا على المضي قدمًا في الاتفاق النووي، وفي هذا الإطار، زادت أوروبا من تعاونها مع الكبير مع روسيا والصين؛ من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي.





