براعم الإرهاب.. تجنيد أطفال أفريقيا وسيلة التكفيريين لتدمير القارة
انتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة تجنيد الأطفال في دول أفريقيا من قبل التنظيمات المتطرفة؛ إذ أن ظهور البغدادي الأخير –زعيم تنظيم داعش الإرهابي- سلط الضوء على المسارات المحتملة التي قد يستخدمها التنظيم، من خلال الاعتماد بصورة كبيرة على الأشبال؛ لتأسيس عناصر تابعة له في القارة السمراء، وتطوير استراتيجية جديدة، في ظل حالة التراجع الشديد الذي شهده التنظيم في الآونة الأخيرة بعد طرده من العراق وسوريا.
الولاء على المدى البعيد
ويعاني «داعش» من نقص عددي كبير بعناصره، لذلك لجأ إلى تجنيد الأطفال، ونشر أفكاره المتطرفة بينهم، لبناء أجيال تحمل فكره؛ حيث يرى فيهم وسيلة لضمان الولاء على المدى البعيد، وأظهرت تقارير عدة تنامي ملحوظ خلال الأشهر الماضية لتجنيد الأطفال من قبل التنظيمات الإرهابية في أفريقيا، و«داعش» يُخطط لتكوين جيل من الأطفال المغرر بهم.
وفي السياق ذاته تنتهجُ الجماعات المتطرفة كل ما يتوفر لها من الوسائلِ في تجنيد الأطْفالِ بدءًا من إغرائهم ماديًّا، إضافة إلى التأثر العاطفي والترفيه؛ حيث يتم التغرير بهم من خلال ألعاب ومناهج إلكترونية وتطبيقات الإنترنت، ولا سيما وسائل التواصلِ الاجتماعي المتنوعة، ومن بين هذه التطبيقات تطبيق «حروف»، والذي قام التنظيم بتحديثه عدة مرات؛ لتسهيل عملية الوصول للأطفال وتجنيدهم.
ألعاب إرهابية وتجنيد ميداني
كما حرص التنظيم على إدخال الطائرات التجارية بجانب الأسلحة التقليدية في الألعاب التي يطلقها؛ ليلفت نظر الأطفال إليها كأداة للاستخدام في تنفيذ هجمات إرهابية مستقبلًا، ومما لاشك فيه داعش يهدف عن طريق فكرة العرض هذه إلى تجنيد الأطفال وجعلهم إرهابيين متحمسين لفكر التنظيم.
ولقد عمل التنظيم على إدخال العديد من التحديثات لتطبيقات الألعاب الحربية التي يطورها، من خلال وضع صور لأهداف حيّة مثل تمثال الحرية في نيويورك وبرج إيفيل في باريس وعلى الأطفال الهجوم عليها مقابل مكافأة لنجاحهم في الحصول على عدة نقاط أثناء اللعب، كما يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر»؛ من أجل مداعبة حلم الفتيات بالعيش فى الغرب بجانب بطل مقاتل ومشاركته فى وطن جديد يكن فيه زوجات وأمهات أبطال أو عن طريق التخويف من شبح العنوسة أو تحقيق حلم الاستقلالية وإثبات الذات.
ويُجند الأطفال على الصعيد الميداني من خلال توزيع الهدايا في الحفلات والمهرجانات والمسابقات التي يستغلها المتطرفون لتمرير أفكارهم المضللة؛ والسماح للأطفال باستخدام أسلحة المقاتلين واللعب بها ليتعودا عليها، وينطبع في أذهانهم أن حمل السلاح يمثل البطولة والفدائية التي ينبغي عليهم العمل لتحقيقها في أنفسهم مستقبلًا.
وفي بعض الأحيان تلجأ تلك الجماعات المتطرفة إلى خطف الأطفال وتجنيدهم دون علم ذويهم، ومنهم من يتم إجباره على حمل السلاح والالتحاق بالصفوف الأولى للتنظيم لتنفيذ هجمات إرهابية عن طريق التهديد بالقتل، إضافة إلى إجبارهم للفتيات على الزواج بأعضاء الجماعة ومن ثم تكليفهن بتنفيذ عمليات إرهابية؛ إذ تقول إحداهن من جماعة «بوكو حرام»: إنهم جاءوا إلى قريتنا بالبنادق وقالوا لنا إنهم يريدون الزواج منا، فرفضنا وقلنا إننا صغيرات جدًا، لذا أجبرونا على الزواج منهم.
بالتحليل الموضوعي.. الأزهر يرصد الظاهرة
وفي هذا الصدد أشارت دراسة لمرصد الأزهر بعنوان «الإرهاب وتنامي ظاهرة تجنيد الأطفال في أفريقيا»، إلى أن عمليات تجنيد الأطفال دون (16) عامًا للقتال أمرًا محظورًا بموجب القانون الدولي وطبقًا للمعاهدات والأعراف، كما يجري تعريفه بوصفهِ جريمة حرب من جانب المحكمة الجنائية الدولية، كما يعلن قانون حقوق الإنسان سن (18) سنة بوصفه الحد القانونى الأدنى للعمر بالنسبة للتجنيد ولاستخدام الأطفال في الأعمال القتالية.
وقالت الدراسة: إنه بالنظر إلى بلدان أفريقيا جنوب الصحراء فإنها تعد موطنًا لنحو 75% من العددِ الإجمالي للأطفال الذين يعيشون في البلدان التي تعاني من الحرب على الإرهاب، وهذا يعني أن غالبية الأطفال المتضررين من تلك الحرب في العالم هم من الأفارقة، وهذا ما أكدته منظمة «اليونيسيف» في ديسمبر 2016، على مركز «أنباء الأمم المتحدة» تحت عنوان «ربع بلدان العالم يعيشون في البلدان المتضررة من النزاعات أو الكوارث» بأن أغلب الأطفال المجندين في العالم، وعددهم (250) ألفًا، يوجدون في أفريقيا.
وأكدت أنه رغم التقدم الذي أحرزته البعثة الأممية (أميصوم) في مكافحة الإرهاب، فإن تجنيد الأطفال من قبل حركة الشباب الصومالية، يعد أحد أذرع تنظيم القاعدة في أفريقيا- ولايزال أمرًا قائمًا بشدة منذ انهيار الدولة في عام 1991، وقد أحصت منظمة الأمم المتحدة تجنيد أكثر من (6) آلاف طفل في الصراعات المسلحة بالصومال خلال العام 2015 فقط، 40% منهم تم تجنيدهم لصالح ميليشيات حركة الشباب الصومالية، وذلك وفقًا لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الصادر في ديسمبر 2016.
وأضافت أنه تم تجنيد قرابة (1800) طفل في الصومال من قبل الجماعات المسلحة خلال الشهور العشرة الأولى من عام 2017، وتتراوح أعمار أولئك الأطفال بين العاشرة والخامسة عشرة؛ حيث يتلقون تدريبات عسكرية على استخدام الأسلحة النارية والتعامل مع القنابل اليدوية والعبوات الناسفة في معسكرات خاصة؛ حيث تستغل هذه الحركة الأوضاع الاقتصادية السيئة داخل البلاد لتقديم حوافز لانضمام الأطفال إليها، وتحت وطأة هذه الأوضاع يرضخ الأطفال الصوماليون للالتحاق بـ«حركة الشباب» الإرهابية؛ مقابل راتبٍ شهري يترواح بين (30 - 50) دولارًا.





