أرض النفط والياقوت.. موزمبيق في مرمى الإرهاب طمعًا في ثروتها
شبح داعش
وأشار تقرير صدر مؤخرًا عن المجلة الأمريكية «فورين بولسي»، إلى نشوء علاقة وثيقة بين تنظيم داعش الإرهابي وبين ما تُعرف بـ«جماعة أهل السنة والجماعة».
وتقول المجلة في تقريرها: إن موزمبيق بها العديد من الجماعات المتطرفة مجهولة الزعيم والاسم ولا يُعرف انتماؤها قاعدي أم داعشي؛ إذ تستخدم وسائل الإعلام المحلية والدولية، أسماء عدة للإشارة إلى التنظيم ذاته في موزمبيق، فتارةً تعرفهم تلك الوسائل في نشراتها بـ«السنة والجماعة»، وأخرى بـ«أنصار السنة»، وتارةً ثالثة تدعوها بـ«سنة السواحلي».
بقوة السلاح
وأيًّا كان اسم تلك الجماعة الارهابية، فإنها مجرد طائفة دينية تحولت إلى شبكة إرهابية ومنظمة مسلحة تجيد حرب عصابات، وتعود نشأتها إلى عام 2014، عندما خضعت مجموعة من السلفيين الشباب في بلدة «موكيمبوا دا برايا» لتأثير التطرف من قبل الدعاة الأجانب من تنزانيا والصومال والسودان.
دعت هذه الجماعة في البداية إلى التشدد والتَّزمُت الذي بلغ حد التطرف في تطبيق ما أسموه «الشريعة الإسلامية» حسب تصورهم في مقاطعة كابو دلغادور، وفرض ذلك بقوة السلاح.
عناصر الجماعة
في السياق ذاته يشير المجلس الإسلامي في «مونتيبوز»، إلى أن هؤلاء الإرهابيين، من أتباع عقيدة الشيخ عبود روجو محمد، الداعية الكيني المتطرف، صاحب مقاطع الفيديو المتشددة في شرق أفريقيا.
وقد حذر المجلس الإسلامي المحلي السلطات من هذه الجماعة المتطرفة، وألقت الشرطة في مايو 2017 القبض على المشتبه بهم في مقاطعتي كويسانغا وماكوميا.
وبعد مرور عام ألقت السلطات القبض على 470 منهم، وحاكمت 370 آخرين، من بينهم 314 يحملون الجنسية الموزمبيقية.
ويذكر أن الوحدة الأجنبية في الجماعة تتألف من 52 تنزانيًّا، و3 أوغنديين، وصومالي واحد.
وقد انتشرت بعض الصور تظهر عناصر الجماعة الإرهابية يحملون بنادق الكلاشنكوف والكوفية، وكذلك أعلامًا سوداء، ما يؤكد أن بعضهم ليسوا من موزمبيق، إضافةً إلى ذلك ظهر عناصر التنظيم في مقاطع فيديو وهم يتحدثون اللغتين البرتغالية والسواحلية.
ويصل عدد أعضاء هذه الجماعة إلى 1500 عنصر تقريبًا، ويعملون في خلايا صغيرة على طول الساحل الشمالي في موزمبيق.
واتضح أن المجموعة عملت على تجنيد عناصر آخرين في مناطق أخرى في البلاد، 13 يناير 2017، وألقت الشرطة القبض على 24 رجلًا من بلدة ناكالا، كانوا يتوجهون إلى قواعد التنظيم.
ووفقًا لبعض الأئمة من مقاطعتي موكيمبوا ومونتيبس، فإن زعيمي المجموعة هما الغامبي أمادو موسى، والموزمبيقي نورو أدرمان.
إلا أن حاكم مقاطعة كابو دلغادو، أكد أن الموزمبيقي جعفر علوي، أحد قادة التنظيم تدرب في الصومال إلى جانب الشباب المجاهدين الصومالية.
أرض النفط والياقوت.. مطمع التكفيريين
على جانب آخر، فإن مقاطعة كابو دلغادو، تُعدُّ المركز الاقتصادي الأضخم في موزمبيق؛ حيث توجد في هذه المقاطعة حقول النفط والغاز الكبيرة، وتديرها شركتا «أناداركو» الأمريكية و« إيني» الإيطالية، وهو ما يراه الإرهابيون تدخلًا أجنبيًّا في حق بلادهم؛ لذلك يستهدوفون معدات وعمال الشركتين، بعمليات إرهابية من حين إلى آخر.
وقد حظيت المقاطعة باستثمارات كبيرة في البنية التحتية؛ بهدف دعم إنتاج النفط والغاز، إلا أن الموزمبيقيين يشتكون من البطالة، وأغلب العمال الذين يقومون ببناء الطرق والجسور هم من زيمبابوي بالتحديد، وهو ما شجع المتطرفين في موزمبيق على المتاجرة بقضية البطالة والعمالة الأجنبية في البلاد؛ما ساعدهم على تجنيد العديد من الشباب العاطل في صفوفهم.
ويسعى إرهابيو موزمبيق - تحديدًا ما تعرف بـ«جماعة أنصار السنة» الإرهابية- إلى السيطرة على صناعة تعدين الجواهر في المقاطعة الاستثمارية، فمن المعروف أن موزمبيق بها أكبر رواسب للياقوت الأزرق الوردي في العالم، وتمتلك شركة «غيم فيلدز» البريطانية امتيازًا في هذا البلد الذي يحظى بـ40% من الصادرات العالمية من الياقوت.
وكان قد اتهم الموزمبيقيون الشركة البريطانية بمصادرة الأراضي دون دفع التعويضات، كما أن ضباط الأمن الخاص بالشركة مارسوا العنف والسرقات والانتهاكات ضد عمال المناجم؛ ما أجج مشاعر السخط والرغبة في الانتقام لدى السكان المحليين.
وفي تصريحات خاصة لـ«المرجع»، قال محمد عز الدين، الباحث في الشؤون الإفريقية: إن الأوضاع الاقتصادية السيئة في موزمبيق وتردي الأوضاع الأمنية واستغلال الشركات الأجنبية ثروات البلد؛ تسبب في نمو حقد وغيط في قلوب الموزمبيقيين الذين بدأوا ينقمون عليهم، وهذا تسبب في اتجاه الكثير منهم إلى الجماعات المتطرفة؛ للدفاع عن أراضيهم بحسب زعمهم.





