جريمة إعلامية وبروباجندا رخيصة.. «فرانس 24» تسقط في فخ الترويج للإرهاب
اكتوى العالم خلال السنوات الأخيرة بنيران الإرهاب، حيث تزايد أعداد التنظيمات والجماعات التكفيرية وانتشر عناصرها في أكثر من دولة حول العالم، ما جعلهم مادة مغرية للتغطية الإعلامية، نظرًا
لاهتمام الجمهور بها، وهو ما يثير عدة تساؤلات حول طبيعة التغطية الإعلامية لتلك العمليات، وكيفية معالجتها وتقديمها للجمهور.
وتتفق غالبية المؤسسات الإعلامية المحلية والعالمية على عدم نشر المضامين الإعلامية التي تقدمها المؤسسات الدعائية التابعة للتنظيمات الإرهابية، وذلك لمنع الترويج لها، وحتى لا تمنح تلك المؤسسات الفرصة لتمرير رسائلها العلنية والضمنية إلى الجمهور، ورغم ذلك، فإن بعض المؤسسات الإعلامية تقع أسيرة للسبق الصحفي، والذي يغري القائمين على تلك المؤسسات ويجعلهم يضربون بكل المواثيق الاعلامية والقواعد المهنية عرض الحائط، وتعمل على نشر تصريحات خاصة أو لقاءات تلفزيونية مع قادة التنظيمات الإرهابية، وذلك تحقيقًا لمكاسب مادية جراء إعلانات بث اللقاء الحصري.
سقطة فرانس 24
وهو ما سقطت به
قناة France 24
الفرنسية، حيث بثت لقاء بين صحفيها المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية وسيم نصر، مع واحد
من أهم قادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وهو المدعو أبو عبيدة يوسف العنابي، الذي
تحدث عن عدة قضايا متعلقة بالتنظيمات الإرهابية في المنطقة.
وذلك يتعارض مع
تجنب المؤسسات الصحفية الفرنسية ذاتها نشر أي صور أو فيديوهات حول الأعمال الإرهابية، عقب هجوم نيس 2016.
وعلى الرغم من وضع
القناة تنويهًا في نهاية الموضوع يشير إلى عدم إذاعة الحوار بصورة كاملة، ولكن تم
نشر ما أشار إليه الإرهابي على لسان الصحفي المحاور له، وهذا لم يمنع الجماعة
الإرهابية من نشر اللقاء كاملًا على منصات أخرى.
وحول أزمة لقاء
قادة الجماعات الإرهابية يقول الدكتور محمد فتحي يونس، مدرس الصحافة في كلية
الآداب جامعة المنصورة، استضافة أعضاء في جماعات إرهابية شيء محفوف بالمخاطر
والمحاذير، وهناك سوابق قبل ذلك مثل لقاء يسري فودة مع القيادي في تنظيم القاعدة يسري
بن شيبه، أو لقاء أحمد منصور في الجزيرة مع قادة من جبهة النصرة واستضافة طيار
سوري موقوف، أو حتى لقاء المخرج المصري عصام دراز مع أسامة بن لادن.
بروباجندا رخيصة
ويضيف مدرس
الصحافة: للأسف هذه اللقاءات تضمنت مجموعة من المشاكل، فيما يخص قناة الجزيرة،
يبدو واضحًا أن هذه اللقاءات كانت ضمن مشروع أكبر يمس تحالفات قطر مع بعض
الجماعات المتطرفة، مثلًا لقاء منصور مع الأسير السوري كان لقاءً غير مهني لأنه
لا يجوز لقاء رجل موقوف ولا يعد لقاءً إعلاميًّا ولكنه بروباجندا رخيصة.
وأشار «يونس» إلى أن
مقابلة إرهابيين واعتبارهم "مقاومين" جريمة إعلامية، لأن إجابات الإرهابيين قد تحمل شفرات
لعمليات ميدانية، لذا بث اللقاء بصورة ممنتجة ضرورة، ولكن هذه النقطة لم تعد مؤثرة
لأنهم أصبحوا يمتلكون مؤسساتهم الإعلامية الخاصة، لذا القيام بعملية مونتاج لا
يمنع بثها بصورة كاملة في مؤسسات أخرى.
وقال الدكتور محمد
فتحي إنه على مستوى الممارسة، فإن العديد من القنوات تمنع بث أي مقابلة مع جماعة
تعتبرها إرهابية، مثلًا قناة الحرة الأمريكية تمنع بث أي رسالة لقادة حزب الله، وحصلت أزمة كبرى عندما قام مراسلها بنقل مؤتمر لحسن نصر الله، لأنهم يعتبرون نقل
المادة الإعلامية للجماعات الإرهابية يضع القناة في فخ الترويج لها، لذا هم يمنعون
هذا الأمر.





