اللعب بنار «النووي».. إيران تعلق تعهداتها للضغط على الاتحاد الأوروبي
في تصعيد جديد من جانبها، أعلنت إيران -عبر وزارة خارجيتها- تعليق بعض تعهداتها في الاتفاق النووي المُبرم عام 2015 مع الدول الكبرى، وذلك بعد مرور عام على القرار الأمريكي الانسحاب من هذا الاتفاق.
وكانت طهران قد أبلغت صباح اليوم الأربعاء 8 مايو 2019، سفراء الدول الخمس التي لاتزال
موقعة على الاتفاق، وهي ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا بقرار تعليق بعض تعهداتها.
وأمهلت طهران بقية الدول الموقعة على الاتفاق النووي 60 يومًا لتنفيذ وعودها فيما يتعلق بقطاعي النفط والبنوك؛ إذ اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني، أن انهيار الاتفاق النووي «خطر على إيران والعالم».
وأوضح روحاني في
رسائل لزعماء الدول الخمس، أنه «بعد 60 يومًا ستخفض إيران مزيدًا من التزاماتها
ضمن الاتفاق النووي وستزيد مستوى تخصيب اليورانيوم».
لا خيار إلا التصعيد
الباحث في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي، قال في تصريح خاص لـ«المرجع»،
أعتقد أن اتخاذ إيران
لهذه الخطوة يعني أنها قررت أن تتماهى مع خيار التصعيد، وأن لا ترضخ للإملاءات الأمريكية
التي حاولت واشنطن فرضها على إيران عبر العديد من الإجراءات التي اتخذتها منذ قرار
الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية في مايو الماضي، ومرورًا باستئناف
العقوبات الأمريكة على إيران، عبر حزمتين شملتا أغلب النشاطات الاقتصادية والتجارية.
وأوضح الهتيمي أن ذلك يأتي، إضافة إلى تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية وإلغاء الإعفاء، الذي
كان مقررًا لـ8 دول ممن يستوردون النفط الإيراني وانتهاء بإرسال حاملة الطائرات
الأمريكية حاملة الطائرات «أبراهام لنكولن» إلى منطقة الشرق الأوسط واعتزام نشر
4 قاذفات من طراز «بي-52».
وأشار الباحث في
الشأن الإيراني إلى أنه على الرغم من أن إيران بهذا القرار ربما تحاول أن تبدو قوية
ومتماسكة في مواجهة التصعيد الأمريكي فإن هذا القرار يعكس -بلا شك- حجم الضغوط التي
تزايدت في الشهور الأخيرة على الرئيس حسن روحاني، ووزارة الخارجية الإيرانية، بعدما فشلت
كل الجهود والتحركات الدبلوماسية في إثبات صلاحية هذا الاتفاق لإيران بعد انسحاب واشنطن
منه، فضلًا عن استمرار الخداع الأوروبي لطهران وإيهامها بين الحين والآخر بأنها ستواصل
التزامها بهذه الاتفاقية.
وأكد الهتيمي أن
إيران ستعمل على استحداث آليات للتحايل على العقوبات الأمريكية، غير أن طهران لم ترَ من أوروبا إلا وعودًا زائفةً كان أبرز ما نتج عنها تأسيس آلية «انستكس» التي
بدا واضحًا أنها لن تكون سوى مجرد لافتة لن تحقق إيران من ورائها أي مكاسب تذكر.
للمزيد: عضو بالكونجرس: سنمنع إيران من تطوير برنامجها النووي
ورقة جديدة
«الهتيمي»
أكّد أيضًا أنه ليس مستبعدًا أن يكون القرار
الإيراني ورقة جديدة للضغط على الاتحاد الأوروبي والدول الموقعة على الاتفاقية النووية
أرادت بها إيران أن تحرك هذه الدول؛ من أجل العمل المكثف لإنقاذ الاتفاق النووي، بعد
أن تعاطت هذه الدول - وفق التصور الإيراني - بإزدواجية مع السياسات الأمريكية؛ إذ في
الوقت الذي أعلنت فيه إدانتها للانسحاب الأمريكي ورفضها لاستئناف العقوبات وتأكيدها
على العمل على استمرار علاقاتها التجارية والاقتصادية مع إيران في الوقت الذي استجابت
فيه بشكل عملي مع هذه العقوبات فانسحبت شركاتها العاملة في إيرانم وخفضت من استيرادها
للنفط الإيراني وهو ما ضيق الخناق الاقتصادي على إيران وفاقم من أزمتها الاقتصادية.
وأوضح الباحث في
الشأن الإيراني أن لعل شكل القرار الإيراني الجديد يؤكد أن إيران تسعى للضغط؛ إذ لم
تعلن الانسحاب نهائيًّا من الاتفاق وإنما أعلنت فقط عدم الالتزام ببعض بنوده، وأنها ستزيد
مستوى تخصيب اليورانيوم بعد مهلة 60 يومًا مدركة
أن ذلك كفيل بأن يثير حفيظة العديد من الدول الموقعة التي تعتبر أن انسحاب إيران من
الاتفاق سيمثل كارثة، بعد أن ثبت أن لدى إيران قدرات نووية كبيرة، وأن بمقدورها إتمام
برنامجها النووي في وقت قياسي.
وشدد «الهتيمي» على أنه من المرجح أن إيران تسعى بهذا القرار إلى استحثاث الاتحاد الأوروبي على تفعيل آلياته الاقتصادية، والتأكيد أن حديثه الدائم حول أن عدم التزام طهران بالاتفاق النووي سيدفعه لاستئناف عقوباته عليها هو حديث لا قيمة له؛ إذ تعاني إيران بالفعل وبشكل عملي من مقاطعة اقتصادية أوروبية حتى لو كان ذلك بشكل غير رسمي وهو ما سيضطر الاتحاد الأوربي للدخول في مباحثات مع إيران لإنقاذ الاتفاق؛ الأمر الذي يمكن أن تحقق إيران من ورائه مكاسب اقتصادية.





