ad a b
ad ad ad

السوادان بعد البشير.. اصطفاف شعبي مع الجيش وقلق من المستقبل

الخميس 11/أبريل/2019 - 09:47 م
المرجع
سارة رشاد
طباعة

ببيان متأخر تضمّن تسعة عشر بندًا، أكد الجيش السوداني، الأنباء التي انتشرت منذ فجر اليوم الخميس، عن تنحي الرئيس السابق، عمر البشير،  بعد حكم دام لثلاثين عامًا، وأمضت الخرطوم ليلة بين الاحتفال والترقب للإعلان الرسمي عن خبر التنحي.

البيان وترقب رد فعل الشارع


السوادان بعد البشير..

ورغم إقرار البيان لانتهاء «الحقبة البشيرية» استجابة للمطالب الشعبية المرفوعة منذ ديسمبر 2018، إذ نص على نقل السلطة إلى مجلس عسكري انتقالي سيتولى إدارة البلاد لمدة عامين، يسلم بعدهما السلطة إلى إدارة منتخبة، فإن حالة الترقب مازالت قائمة في السودان، لعدم تبيّن بعد موقف المتظاهرين والمعارضة السودانية من البيان، وهل سترى إنه لبى مطالبها ومن ثم سيعود المتظاهرون إلى البيوت، أم كان أقل من المستوى المرجو وعليه فستستمر التصعيدات.


وتعود بداية التصعيدات إلى السادس من أبريل الجاري، عندما دعا «تجمع المهنيين» (جهة منظمة للتظاهرات) إلى الخروج في مسيرات بالعاصمة وباقي المدن؛ لتجديد المطالب التي طرحها المحتجون منذ خروجهم أول مرة، منتصف ديسمبر الماضي. وفي  الموعد المقرر احتشد السودانيون في احتجاجات انتهت باعتصامٍ مفتوحٍ أمام مقر قيادة الجيش السوداني، لحين سقوط النظام.


في الفترة من 6 إلى 11 أبريل، وقت سقوط البشير، شهدت السودان أسبوعًا من التوترات بدأت بتخوف المتظاهرين من موقف الأجهزة الأمنية، والجيش على وجه الخصوص من الاعتصام، وهل سيختار صف المحتجين، أم سيقف إلى جانب النظام الحاكم؟


الإجابة كانت في تسريبات نشرتها صحف سودانية عن خطة أُعدت بمعرفة الجيش لفض الاعتصام بالقوة. سريعًا تُرجمت التسريبات في تصريحات للمتحدث باسم الجيش، اللواء أحمد خليفة الشامي في اليوم الثالث للاعتصام (الاثنين)، إذ قال لقناة «العربية الحدث»: إن الجيش لديه تعليمات بالتحرك لفض الاعتصام بالقوة.


السوادان بعد البشير..

الجيش مع المعتصمين

وتسببت هذه التصريحات في انتشار القلق بين المعتصمين، إلا أنهم لم يغادروا، ليأتي تحول جديد، تمثّل في خروج المتحدث للإعلام نفسه، ونفيه لوجود أي خطط أو نية لفض الاعتصام بالقوة، قائلًا إن «كل ما تردد حول وجود خطة لفض الاعتصام كان معلومات خاطئة»، مُبررًا «ما جرى أمس كان لإبعاد المواطنين عن حرم القيادة».

وتسبب هذا التراجع في رفع المعتصمين للافتات ترحب بما اعتبروه انضمام الجيش لهم، ورفضه لرغبات النظام في الاقتحام. وفي خضم ذلك انتشرت مقاطع فيديو توضح طبيعة التعامل بين المعتصمين وأفراد الجيش، وتوفير الأخيرين الحماية للاعتصام.


الهدوء ذلك لم يستمر طويلًا، إذ نشرت الصحف السودانية أخبار عن اشتباك وقع الثلاثاء بين أفراد الجيش وعناصر أمنية حاولت فض الاعتصام، ما أدى لسقوط قتلى ومصابين، ما دفع منظمة العفو الدولية لإصدار بيان تدين فيه الاحداث مطالبة بالهدوء وحماية أرواح المدنيين.


السوادان بعد البشير..

البشير يستغيث بحزبه

التحول في موقف الجيش كانت له أصداء واسعة داخل السلطة السودانية، إذ اجتمع الرئيس السوداني المتنحي، عمر البشير في يوم الاشتباكات نفسه بحزبه «المؤتمر الوطني»، وهو ما اعتبره المتابعون أن البشير يستعين بحزبه بعدما تأكد من تخلي الجيش عنه.

ورغم تأكيد البشير في فبراير الماضي، على حياده ووقوفه على مسافات واحدة من الأحزاب نفسه، فإن اجتماعه بحزبه مثّل تراجع عن هذه التصريحات، وهو ما اعتبر مؤشرًا على صعوبة الموقف الذي يمر به.

 وخلال هذا الاجتماع حدد الحزب اليوم الخميس، للخروج في مسيرات داعمة للنظام، إلا أن الأحداث لم تسمح له.


السوادان بعد البشير..

ردود فعل دولية مع الشعب

وبينما كان المشهد يضيق تدريجيًّا على البشير، جاءت ردود الفعل الدولية مُطالبةً بالاستجابة للشارع، إذ طالبت دول مثل أمريكا والنرويج وبريطانيا بالإنصات للشارع، فيما تعالت أصوات داخلية ممثلة في السياسي السوداني، الصادق المهدي، الذي رسم ثلاثة خيارات أمام البشير.


وحددهم في الصدام مع الشارع، أو الاستجابة له والتنحي، وأخيرًا الجلوس معه على طاولة مفاوضات. ورجح الصادق الخيار الثاني، معتبره الأصلح للمشهد السوداني.

وللرد على هذه الأصوات كان رد الحزب الحاكم، الذي قال في بيان: إن البشير لا ينتوي التنحي، وهو الأمر الذي بدء وكأن المشهد يتجه أكثر نحو التعقيد.

وفي خضم هذه الأثناء، بدأ الجيش السوداني في أخذ خطوات أوسع نحو دعم الشارع، حتى أن الصحف كتبت أن محاولة للإطاحة بالبشير ومنع طائرته من الإقلاع وقعت، أمس الأربعاء، إلا أن الأمور لم تكتمل.

وفجر اليوم، بدأت الأخبار تتوالى عن احتجاز البشير، ومحاصرة مقر إقامة أشقائه، لاسيما تنويه التليفزيون السوداني عن إذاعة بيان وصفه بـ«المهم»، عن الجيش السوداني.

وهنا توالت الاحتفالات الشعبية بتوقعات سقوط النظام، فيما بدأت الإذاعات الرسمية والقنوات الأرضية والفضائية المعبرة عن الدولة السودانية في بث أغاني وطنية، استعدادًا للبيان الذي صدر، ظهر اليوم.

وفي انتظار البيان، انتشرت أخبار عاجلة عن اعتقالات لأعضاء المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، لاسيما 100 شخصية مقربة من الرئيس البشير، من بينهم محمد طاهر إيلا، رئيس الوزراء السوداني، والفريق أول بكري حسن صالح النائب الأول السابق للبشير، وأحمد هارون رئيس المؤتمر الوطني، وعلي عثمان محمد طه المستشار السابق للبشير، ووزير الدفاع الأسبق عبد الرحيم محمد حسين، فضلًا عن حرس البشير الخاص.

لم يتوقف الأمر عند ذلك، إذ نشرت الوكالات أنباء عن الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، فيما طالبت المعارضة المدنية ممثلة في «تجمع المهنيين» الجيش بتسليم السلطة إلى مدنيين، مؤكدة عدم قبولها بخيارات بسيناريوهات إدارة الجيش للبلاد.

 وفي هذه الأثناء يكون السودان مفتوحًا على احتمالات عديدة تتوقف على مدى قبول المعارضة والشارع بما ورد في البيان.

للمزيد... الجيش السوداني: اقتلاع نظام البشير وحل الحكومة.. وإعلان الطوارئ


"