«نوستالجيا الإخوان» في الذكرى الـ91.. استدعاء التاريخ الزائف للجماعة
الخميس 28/مارس/2019 - 11:59 م
حسن البنا والإخوان
دعاء إمام
انطلقت النصوص المؤرّخة لجماعة الإخوان، من بداياتها الاجتماعية، أي نشأتها ونشاطها الأول بوصفها حركة اجتماعية قبل أن تكون حركة سياسية؛ فيصر صقور الجماعة على الظهور بين الحين والآخر، عبر بيان صحفي، مؤتمر أو احتفالية؛ لا لشيء سوى إثبات الوجود، وإلقاء خطب طويلة عن العهد البائد والحنين إلى الماضي «نوستالجيا»، دون تقديم رؤى أو مراجعة لانحرافات الجماعة.
وُلدت التجمعات الأولى للإخوان في منطقة قناة السويس، التي كانت موقع القاعدة
العسكرية للجيش البريطاني، وتمكن المؤسس حسن البنّا، من تأسيس جماعته في مارس
1928، وإنشاء مقر للجماعة بمنحة إنجليزية قدرها 500 جنيه.
احتفالية العام 90
على عكس ما كانت تسوقه الجماعة بالأوضاع الصعبة التي تعانيها، أقام الإخوان احتفاليةً، العام الماضي، مطلع أبريل بقاعة تابعة لبلدية إسطنبول بحضور عدد من قيادات التنظيم الدولي (تأسس عام 1986) ومراقبي بعض الدول: تقدمهم إبراهيم منير «نائب المرشد، أمين التنظيم الدولي»، وياسين أقطاي، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وخالد مشعل، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس (1987).
تمحورت فقرات الحفل التي ترجمت إلى اللغة التركية والعربية، حول سيرة المؤسس والمرشد الأول «حسن البنّا»، سواءً في كملة الضيوف أو الإنشاد والهتافات، كما عرض منظموا الفعالية فيلمًا وثائقيًا عن بداية التأسيس للجماعة، وحياة البنّا منذ كان طفلًا، ووصفوه بـ«الإمام الكامل» إضافةً إلى الاسترسال في دور الجماعة بحرب فلسطين عام1948، دون الالتفات إلى إهمال الإخوان للقضية الفلسطينية في العقود الماضية.
في ظل غياب الحديث عن المراجعات الفكرية أو التقييم الذاتي لمسيرة الجماعة على مدار السنوات الماضية، قال خالد مشعل، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس: إن الإخوان يتعين عليهم أن يتحلوا بالشجاعة في التقييم والتصويب والنقد الذاتي، والاعتراف بالخطأ حين يقع منهم، مطالبًا صقور الجماعة بمراعاة التجديد الدائم في الهيكل التنظيمي والعمل السياسي، قائلًا: «لا نريد تجديدًا منفلتًا، بل هو تجديد مع الاحتفاظ بروح المدرسة» .
ونوّه «مشعل» بشكل ضمني عن عدم التزام الجماعة بمنهج المؤسس، مؤكدًا أن البنّا كان له أصدقاء مسيحيون، بينما الإخوان في حاجة إلى مزيد من الانفتاح على الآخر وإتقان فن التعايش ضمن المعادلة الوطنية، راميًا بطرف خفي إلى الصراع الداخلي بين صقور الجماعة وجبهة الشباب، فقال:« تجاربنا تقول: إن التوفيق والنجاح في المبدأية وقيمسها، والمؤسسية وشوراها؛ فعليكم بوحدة الصف، التي تعصمنا وتحفظ بنياننا وهيبتنا».
وتساءل:« لماذا نختصم وكلنا نخسر؟ لماذا لا ننجح جميعًا ونعمل معًا؟ ، بدلًا من الانشغال بمشكلاتنا الداخلية، وننسى التعاون لحل أزمات الأمة»
التقييم الذاتي
في كل عام يتجدد الحديث عن ما تحتاجه الجماعة، خاصةً فيما يتعلق بالنقد الذاتي، ويقول حمزة محسن، أحد شباب الجماعة الذين يقودون مراجعات فكرية بسجن الفيوم: إن الإخوان لا يمارسون النقد الذاتي بالشكل التنظيمي الممنهج، فهي فضيلة غائبة عن الجسم التنظيمي للإخوان، وما يثبت ذلك أن الإخوان تبرؤوا رسميًا من التقييمات التي طرحها بعض الشباب بعنوان «تقييمات ما قبل الرؤية».
وأضاف «محسن» لـ«المرجع» من محبسه، أن «الصف الإخواني بدءًا من قواعده، ومرورًا بمسؤولي الشُعَب والمناطق، ووصولًا إلى القيادات الوسطى ومسؤولي المكاتب الإدارية وأعضائها، لا يرون أنفسهم أهلًا لممارسة هذا النقد وتقييم التجربة أو بحث منجزات الجماعة وإخفاقاتها، فضلًا عن مراجعة الأفكار الكبرى المؤسسة للتنظيم».
وأشار إلى أن الكيان الإخواني يستحيل إصلاحه، ومغادرته هو الحل الأمثل؛ مبيّنًا أن الجماعة تمتلك أدوات ومناهج وممارسات تقف في وجه أي محاولة إصلاحية، ومرد ذلك كله إلى الأفكار التي يحملها أفراد التنظيم، وإلى نظرتهم إلى أنفسهم بالشكل الاستعلائي، الذي لا يقبل نصحًا أو تقويمًا، مرورًا بنظرتهم لغيرهم التي تتضمن معاني التخوين والضعف والخذلان، وعدم فهم حقيقة الدين، وصولًا إلى نظرتهم المشوهة للمجتمع والعالم من حولهم.





