العبث بالجغرافيا.. دلالات المخطط الإيراني لإنشاء محافظة مذهبية في العراق
الخميس 21/فبراير/2019 - 11:28 م
المخطط الإيراني في العراق
محمد شعت
تواصل إيران مساعيها المستمرة للحفاظ على نفوذها في العراق، وذلك من خلال صناعة كيانات موالية لها لتنفيذ أجندتها، وترسيخ أقدامها في أراضي بغداد، التي تعتبرها إيران امتدادًا لها، وتزداد المخاوف الإيرانية في الآونة الأخيرة بسبب التحركات العربية لإعادة العراق إلى محيطه العربي، وانتزاعه من الهيمنة الفارسية التي وصلت بالشعب إلى أسوأ الأوضاع على كافة المستويات.
المخطط الإيراني الجديد يعتمد في الأساس على التقسيم الطائفي لأراضي العراق، وذلك لأن طهران تريد أن تضمن بقاء سيطرتها ولو على مساحات معينة من العراق، وذلك استنادًا على أسس عقائدية وأيديولوجية مرتبطة بـ«مراقد دينية»، وهو المدخل الذي استطاعت من خلاله تجنيد الكثيرين من أبناء الشعب العراقي، وضمان ولائهم.
للمزيد..المطالبة بخروج القوات الأمريكية من العراق.. ورقة إيران للضغط على واشنطن
السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي
إنشاء محافظة دينية
وفي إطار تنفيذ هذا المخطط، كشفت تقارير أن السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي يُشرف على إنشاء محافظة جديدة تضم سامراء وبلد والدجيل وتحويلها إلى محافظة دينية، ويهدف المخطط إلى تجزئة محافظة صلاح الدين إلى محافظتين على أن تكون حدود المحافظة الجديدة تبدأ من ناحية دجلة «مكيشيفة» جنوب تكريت، وتنتهي عند حدود العاصمة بغداد.
وأشارت التقارير إلى أن السفير الإيراني إيرج مسجدي وصل مدينة سامراء، الثلاثاء الماضي، واجتمع مع محافظها عمار جبر، وعدد من المدراء والمسؤولين بالمحافظة، وتعد هذه الزيارة هي الثانية لمسجدي إلى سامراء، ووزع هدايا لمدراء الدوائر في سامراء قبل أن يغادر المدينة متوجهًا إلى بغداد، وحذر مراقبون من التحركات المريبة التي يقوم بها سفير إيران في العراق، والتي ترمي إلى تقسيم العراق بشكل حقيقي واختلاق محافظات شيعية جديدة، وإجراء تغييرات ديموغرافية على الأرض.
المحلل السياسي العراقي فراس إلياس
العبث بالجغرافيا
المحلل السياسي العراقي، فراس إلياس، قال في تصريح خاص لـ«المرجع»، إن مسلسل النفوذ الإيراني في العراق لم يفصح عن كل ما بجعبته حتى اليوم، لتأتي زيارة السفير الإيراني في بغداد إيراج مسجدي إلى مدينة سامراء يوم الثلاثاء الماضي، لتكشف عن نوايا إيرانية جديدة عنوانها الأبرز إيجاد محافظة جديدة ذات صبغة مذهبية صرفة، تعكس حقيقة الطائفية السياسية التي كرستها إيران في العراق بعد عام 2003.
وأوضح المحلل السياسي العراقي، أنه لا يخفى على أحد أن جهود إيران في تغيير الخارطة الجغرافية السياسية والإدارية للعراق بدأت منذ العام 2014، وذلك عندما أجبرت الحكومة العراقية على تجزئة وحدات إدارية وإبعادها عن سيطرة الأجهزة الأمنية العراقية، ومن ذلك ما حصل عندما تم اقتطاع قضاء النخيب التابع لمحافظة الأنبار وإلحاقه بمحافظة كربلاء، أو من خلال عمليات تغيير ديموغرافي ممنهجة جرت بعد استعادة المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش.
وأشار إلياس إلى أن جهود إيران بالسيطرة على مدينة سامراء وملحقاتها والحديث هنا عن بلد ويثرب والدجيل، لم تخف على أحد، إذ بدأت إيران هذا المسلسل من خلال تحويل عائدية مرقدي الإمام محمد الهادي والحسن العسكري من الوقف السني إلى الوقف الشيعي، كما أنها صادرت أو لنقل وضعت اليد على كل أملاك الوقف السني في محيط المرقدين، وقامت بشراء الكثير من الأراضي من أجل توطينها، أو تحويلها إلى منشآت حيوية تخدم نفوذها السياسي والأمني في العراق.
مدينة سامراء
وأكد المحلل السياسي العراقي أن إيران تدرك جيدًا القيمة الاستراتيجية التي تتمتع بها مدينة سامراء، فهي إلى جانب رمزيتها الدينية، لها تأثير أمني كبير يخدم سياسة إيران في العراق، أهمها جعل هذه المدينة خاصرة رخوة في الجغرافية السنية الممتدة من الموصل حتى الأنبار وصلاح الدين، أضف لذلك أنها سوف تقطع أي تواصل جغرافي بين مدن شمال العراق ذات الغالبية السنية ومناطق شمال بغداد ذات الغالبية السنية أيضًا.
وأضاف إلياس، فضلاً عن كل ما تقدم تسعى إيران إلى تحويل مدينة سامراء قاعدة للانطلاق نحو الأراضي السورية، كونها تمتلك امتدادًا صحراويًّا مباشرًا معها، إضافة إلى أنها ومن خلال هذه المدينة ستكون مؤثرة عسكريًّا على بحيرة الثرثار وقاعدة بلد الجوية، وهو ما يمثل سياسة احتواء مذهبي تمارسه إيران في العراق، وقد لا يكون مشروع تحويل مدينة سامراء في حال نجاحه هو الأخير، بل هناك مشاريع أخرى تسعى إيران إلى تسويقها أيضًا ومنها مشاريع سهل نينوى وتلعفر وديالي، وغيرها من المشاريع التفتيتية التي تمارسها إيران في العراق اليوم.





