«كينيا» تقطع حبل الودّ مع «الصومال»
الأحد 17/فبراير/2019 - 04:24 م

أحمد عادل
بعد أن شهدت الفترة الماضية، تقاربًا كبيرًا في وجهات النظر بين الحكومتين «الكينية» و«الصومالية»؛ لمواجهة حركة «شباب المجاهدين» الإرهابية، والناشطة في منطقة القرن الأفريقي، لكن تأتي الريح بما لا تشتهي السفن؛ حيث ظهرت أزمة دبلوماسية جديدة هي الأولى من نوعها في الوقت الراهن، على صعيد العلاقات بين الدولتين؛ بسبب النزاع الحدودي البحري بينهما؛ لتظهر الخلافات بين البلدين جلية على الساحة السياسية الدولية.
استدعت «كينيا» سفيرها لدى «الصومال» «لوكاس تومبو»، أمس السبت 16 فبراير، وطالبت سفير «مقديشو» لدى «نيروبي»، «محمد نور ترسن»، بمغادرة البلاد دون تحديد مهلة زمنية لعودته مرة أخرى؛ بسبب الخلافات سابقة الذكر.

الأزمة بين البلدين
وبحسب ما أكدته وكالة «أسوشيتيد برس الأمريكية»، التي نقلت تصريحًا صحفيًّا، عن سكرتيرة الشؤون الخارجية في وزارة الخارجية الكينية، «ماشاريا كامو»، أن الحكومة الصومالية قامت بطرح عطاءات تنقيب عن النفط والغاز في منطقة الحدود البحرية الكينية الصومالية، ( وهي في السابق، منطقة متنازع عليها من قبل البلدين منذ فترة كبيرة ).
ووجهت «كامو»، أصابع الاتهام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية، عقب تجاهلها المعايير التي وضعتها المحكمة الدولية، والتي لاتزال تنظر في ملف النزاع الحدودي البحري القائم بين البلدين؛ لأجل حل سلمي للنزاعات الحدودية، والخلافات السياسية، واصفةً ما قام به الصومال من بيع حقول نفطية في المناطق المتنازع عليها بالمزاد العلني، بالفعل المشين، والمؤسف، والفاضح.
فيما لم يصدر تعقيب من الجانب «الصومالي» على الخطوة الكينية حتى الآن، على الرغم من أن بعض التقارير الإعلامية أفادت بأن الرئيس الصومالي «محمد عبدالله فرماجو»، قد أعلن في مؤتمر بشأن النفط في الصومال عقد في اليوم السابع من فبراير الجاري، في لندن، برعاية شركة «سبكترام» المهتمة بشؤون النفط، وعقد «فرماجو» العزم علي بيع 50 حقلًا نفطيًّا يقع بعضها في المنطقة المتنازع عليها، لشركات عالمية في مزاد علني، في الوقت الذي لاتزال فيه المحكمة الدولية في «لاهاي»، تنظر في ملف النزاع الحدودي البحري القائم بين البلدين، والتي رفعها الصومال ضد كينيا، في الوقت الذي أكدت فيه «نيروبي» مسبقًا أن المحكمة ليس لها اختصاص بالقضية.

آثار الأزمة أمنيًّا
بعد الحادث الإرهابي الذي استهدف المجمع التجاري بـ«نيروبي»، وأسفر عن مقتل 21 مواطنًا، قامت السلطات الكينية بنشر عدد كبير من القوات التابعة لها على الحدود مع «الصومال»؛ لوقف عبور مسلحي حركة «شباب المجاهدين» الإرهابية، إلى الأراضي الكينية، كما قامت بالتعزيزات الأمنية بالبلاد، لتشمل الاستمرار في بناء حائط عازل على الحدود التي تستغلها الحركة الإرهابية لشن عمليات عنيفة الداخلي الصومالي والكيني معًا.

تاريخ الأزمة ودوافعها
تعتبر قضية النزاع البحري، ليست بالجديدة، ففي عام 2009م ظهرت تلك القضية بين البلدين بشكل واضح ومعلن لوسائل الإعلام، ذلك عندما وقّعت الحكومة مذكّرة تفاهم مع الحكومة الصومالية الانتقالية آنذاك، إلاّ أن البرلمان الكيني المؤقت في ذاك الوقت ألغى تلك الإتفاقية في جلسته المنعقدة في عام2011م، وشدّد في الوقت نفسه على عدم أحقية المؤسسات والهيئات الدّستورية بإعادة النظر في ترسيم الحدود البرية والبحرية والجويّة للبلاد، وفي عام 2014م قدّمت «الصومال» شكوى رسميّة ضدّ «كينيا»؛: لحل النزاع البحري بين البلدين، في المحكمة الدّولية، وحتى ذلك الوقت لم يتم الحكم في تلك القضية، على الرغم من اعتراض الجانب «الكيني».
فيما تعد الثروة السمكية والنفطية التي تتمتع بها منطقة القرن الأفريقي ثروةً تغني وتثمن من يملكها؛ لذلك يسعى البلدان إلى الاستفادة القصوى من تلك الثروات؛ للتنمية الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية في كلٍّ من «مقديشو» و«نيروبي».
ويُذكر أنّ «الصومال» يمتلك أوراق ضغط كثيرة على «كينيا»، من شأنها تغيير الموقف وتعديل المسار، ومنها على سبيل المثال وقف استيراد نبتة «القات»، والذي يحقق أرباحًا كبيرة للاقتصاد الكيني، كما يعتبر الوجود العسكري الكيني في الصومال ( الموجود ضمن قوات حفظ السلام الإفريقية ) مخالفًا للأعراف واللوائح الدولية، التي تنص على أن لا توجد أي قوات للدول المتنازعة حدوديًّا في أراضي الدولة الأخرى.
وفي مايو 2018، نفت وزارة الخارجية للحكومة الفيدرالية في «الصومال»، تصريحات وزارة الخارجية «الكينية»، بشأن إجراء محادثات بين البلدين بشأن النزاع في الحدود البحرية، وكانت تلك التصريحات بعد المقابلة التي أجرتها وزيرة الخارجية الكينية «مونيكا جوما»، مع مجلة أفريقيا الجديدة، والتي أكدت فيها إجراء مشاورات بين الجانب الكيني والصومالي، بشأن النزاع في الحدود البحرية، معربةً أنه تم الوصول إلى حل شامل للنزاع.