بالبكاء والشكوى.. مواطنو كشمير في أضرحة الصوفيين هربًا من صراع مميت
الجمعة 04/يناير/2019 - 11:06 م
أحمد لملوم
75 عاما تحملها المرأة المسنة بختي بيجام، تلك المكلومة في ابنها، والتي أثقلها العمر المديد، وأحنى كاهلها بفقد العزيز الغالي، فتدخل محنية القامة مثل هلال معقوف إلى عتمة الضريح، في يديها صورة لابنها المفقود منذ عام 2001، تحتفظ بها في حقيبة بلاستيكية ممزقة، وبكل أمل تضعها على السلالم المؤدية للحرم المعزول، وتصلي من أجل لم شملها وابنها، لتخاطب صاحب الضريح وتشكو إليه حالها بدموع حارة ورجاء صادق.
وبختي بيجام منتظمة الزيارات لذلك الضريح المهيب الذي يرقد تحت قبته ابن شهاب الهمداني (صوفي من قبيلة همدان وصل إلى كشمير في القرن الثالث عشر ناشرا تعاليم الإسلام في الإقليم)، والضريح يقع على ضفاف نهر جيلوم الذي ينساب في قلب مدينة سرينجار، في رحلة تستغرق من منزلها ما يقرب من ٨٠ كيلومترًا، أمله أن تستجيب السماء لدعواتها بعودة ابنها الذي كان يبلغ ٢٥ عاما بعد مضي أيام قليلة على زواجه.
وظهرت صورة لبختي بيجام التقطت لها خلال زيارتها للضريح في كتاب بعنوان شاهد للمصور أزان شاه، والذي غطى الصراع القائم في الإقليم المتنازع عليه بين الهند وباكستان لسنوات، اختارت صحيفة نيويورك تايمز الكتاب ليكون واحدًا من أفضل عشرة كتب مصورة للعام ٢٠١٧.
وبحسب تقدير بعض المنظمات الحقوقية، فإن عدد الأشخاص الذين قتلوا بسبب الصراع في الإقليم منذ الثمانينيات يقدر بنحو مائة ألف شخص، ويخشى الكثير من السكان التجول في الشوارع لفترات طويلة؛ خوفا من أن يصابوا في هجوم مفاجئ أو انفجار لقنبلة مزروعة بأحد جانبي الطريق.
وعدد قليل فقط من السكان تخرج بعد حلول الظلام، ويجد هؤلاء خلاصه في المزارات الصوفية كي يُشفى من جروح الحرب ليس فقط في سرينجار، ولكن حتى في أماكن بعيدة من المنطقة، وقام مراسل هيئة الإذاعة البريطانية في الإقليم بإجراء مقابلة مع بعض مَن يرتدون على الأضرحة الصوفية.
معروفة رمضان من بين هؤلاء، وتدهورت حالتها الصحية خلال السنوات الأخيرة بسبب وفاة ابنها، والذي قتل خلال احتجاج عام ٢٠١٠، وتقول إنه عندما يحل الظلام تسمع صوت ابنها عبير محمد يضحك ويتحدث.
وقال شوكت حسين، وهو أستاذ في الدراسات الإسلامية: إن هؤلاء الزائرين يعثرون على الطمأنينة، ويجدون مكانًا يشكون فيه لربهم في هذه الأضرحة.
وتعد جماعة عسكر طيبة، من أكبر الجماعات الإرهابية النشطة في الإقليم، وتشن هجمات دامية باستمرار داخل الهند، وعلى قواتها الأمنية، التي تسيطر على الإقليم، ووقعت أشرس هذه الهجمات في نوفمبر 2008، عندما تسللت مجموعة صغيرة عالية التدريب والتسليح من أعضاء الجماعة عبر الحدود إلى عاصمة الهند الاقتصادية، مومباي، ونفذت سلسلة هجمات في 10 مواقع، أسفرت عن مقتل 174 شخصا، وإصابة 300 آخرين.
وقامت الحكومة الباكستانية بوضع حافظ سعيد، مؤسس الجماعة الإرهابية رهن الإقامة الجبرية يناير 2017، بعد ضغط الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على إسلام أباد.





