حقول الموت.. آثار همجية تركها «داعش» في جسد العراق
«غنمها لحمًا وتركها عظمًا»، هكذا يمكن توصيف الحال في العراق بعدما تلاشى غبار المعارك في «الموصل»
و«سنجار» وتحريرهما من براثن تنظيم «داعش»، فالمدينتان عجتا طوال تاريخهما بالحياة
والخير والنماء، فلطالما أفاض «دجلة» بحنينه ورخائه عليهما.
تلك هي الحقيقة الهمجية التي كتبها داعش بدماء الأبرياء في بلاد الرافدين، فأحدث تقرير لمنظمة العفو الدولية أكد أن التنظيم في إطار عمليات تخريبية للحياة في شمال العراق قام بتدمير معظم آبار المياه وتدمير البنى التحتية الزراعية في المناطق التي سيطر عليه، خاصة في مناطق الأقلية الإيزيدية في «فضاء سنجار».
أوضح تقرير منظمة العفو المعنون «الأرض الميتة: تدمير داعش المعتمد للأراضي الزراعية»، بأن داعش قام بعمليات تخريب متعمدة ضد منشآت البنى التحتية الزراعية في شمال العراق؛ حيث قام بحرق البساتين، وسرقة الماشية، وتدمير الجرارات والمحاريث الزراعية، وأخيرًا زرع الألغام في الحقول الزراعية؛ للحيلولة دون عودة المزارعين مرة أخرى إلى حقولهم.
للمزيد: طرق استهداف التنظيمات للدول.. «الإرهاب المائي نموذجًا»
سياسة الأرض المحروقة
لم يكن التخريب الداعشي للزراعة العراقية أمرًا تم في إطار الدوافع الهمجية لإرهابيي التنظيم، إنما جاء في إطار سياسة ممنهجة، هدفها تصدير الضغط للحكومة العراقية في مرحلة ما بعد تحرير الموصل، فغالبية المزراعين ونتيجة لهذا التخريب لن يستطيعوا العودة مرة أخرى لقراهم، فداعش حرم العراقيين من خيرات أراضيهم وعمق الأزمات الإنسانية في العراق والتي لا تستطيع الحكومة العراقية الحالية علاجها على المدى العاجل.
ردم آبار المياه
ردمت عناصر تنظيم «داعش» آبار المياه في الموصل وسنجار عبر إلقاء الأنقاض والمواد البترولية والكتل الحجرية الكبيرة في الآبار، كما تم تخريب مضخات المياه وسرقة المولدات الكهربائية، وفي السياق ذاته أكد مهندسو المياه التابعون لمنظمة العفو الدولية بأن عناصر التنظيم دمروا 400 بئر من أصل 540 بئرًا في تلك المنطقة.
إضافة إلى ردم الآبار عمل «داعش» على السيطرة على المسطحات المائية في شمال العراق كبحيرتي «سد الحديثة» التي بلغت قيمتها نحو 8.28 مليار متر مكعب و«بحيرة الثرثار»، كما نجح التنظيم في السيطرة على سد الموصل؛ الأمر الذي أتاح له التحكم في الموارد المائية العراقية وتعريض الزراعة العراقية للبوار والخطر، فمثلًا مع إغلاق سد الفلوجة تعرضت 200 كم مربع من الحقول الزراعية للبوار.
خراب زراعي
أدى تدمير المنشآت المائية في العراق إلى خراب في الزراعة العراقية؛ حيث انخفض الإنتاج الزراعي العراقي ليصل إلى أقل من 40% مما كانت عليه في فترة ما قبل صعود «داعش» في عام 2014، وأصبح حاليًّا نحو 20% من المزارعين العراقيين هم فقط من لديهم القدرة على الموارد المائية، أما من ناحية الخسائر على مستوى الماشية ففقدت بعض المناطق نحو 75% من ثروتها الحيوانية في حين فقدت بعض المناطق نحو 95% من تلك الثروة المهمة.
للمزيد: الأزمة البيئية بـ«البصرة».. أحدث الجرائم الإيرانية في العراق
حصار زراعي
لم يقتصر التخريب الزراعي في العراق على دور داعش في المحافظات الشمالية فقط، بل كان لإيران دور كبير في تخريب الزراعة في المحافظات العراقية الجنوبية، خاصة مدينة البصرة التي باتت تعاني من أزمات بيئية؛ نتيجة حجب نحو 7 مليارات متر مكعبة عن مناطق الأهوار العراقية، وأدى قطع المياه عن الأهوار العراقية إلى هلاك الماشية وارتفاع الملوحة في البحيرات الصغيرة في الجنوب العراقي؛ ما أدى إلى تدمير البيئة الزراعية في تلك المناطق.





