ad a b
ad ad ad

«قوة الساحل».. دوافع الإنشاء وتحديات مواجهة الإرهاب

الإثنين 26/نوفمبر/2018 - 03:22 م
المرجع
محمود رشدي
طباعة

أثار الانهيار الأمني ​​في مالي عام 2012، ردود أفعال المجتمع الدولي، بدءًا من المساندة العسكرية الفرنسية وصولًا إلى تحقيق استقرار أوسع ضمن مبادرة للأمم المتحدة وبرامج التنمية.

«قوة الساحل».. دوافع

وفي خضم هذا، شكلت كل من «بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر» منطقة مجموعة الجي فايف JF-G5SK ، في عام 2014 لتعزيز التعاون الأمني ​​والتنمية عبر الحدود، وأطلق رؤساء دول مجموعة الدول الخمس، بدعم من فرنسا، قوة مشتركة قوامها 5000 جندي، لمكافحة الإرهاب والهجرة والجريمة المنظمة في المناطق المشتركة عبر الحدود.


وبدورها نالت المجموعة دعم صناع القرار في القارة العجوز، من أجل التنسيق والترتيب بعدد من الأزمات التي تتعرض لها المنطقة، من أهمها مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وقد أُنشئت المجموعة لعدة دوافع:

·        تُمثل مبادرة JF-G5S ميلًا أوسع نحو البحث عن «حلول جدية للمشكلات الأفريقية»، وتُعد فرنسا أكثر الدول الأوروبية نشاطًا في منطقة الساحل من حيث المشاركة العسكرية، لكن بعد أربع سنوات من نشر 4 آلاف جندي في عملية مكافحة التمرد المعروفة باسم «برخان» هناك حاجة إلى شركاء جدد لاستكمال مكافحتهم للإرهاب في الصحراء.

·        كانت المهمة المباشرة لمكافحة التمرد في المجموعة بمثابة إضافة مُلحّة لبعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في مالي، وعملية  برخان، ومع تزايد العنف المتطرف بشكل مطرد في مالي عبر الحدود، ازدادت حوافز الدول المجاورة للانخراط في عمليات مكافحة التمرد.

وفي وقت لاتزال فيه الهجرة غير الشرعية والإرهاب، يشكلان أهم أولويات الأمن في أوروبا، قد يبدو استعداد بلدان مجموعة البلدان الخمس لتولي مسؤولية الأمن الإقليمي، وبالتالي الاضطلاع بالمهمة الصعبة المتمثلة في تأمين حدود أوروبا بمثابة فوز واضح للجميع الوضع بالنسبة للحكومات الأوروبية.


ومع ذلك، لاتزال القوة المشتركة لمنطقة الساحل بعيدة عن العمل، ومن المشكوك فيه ما يمكن أن تحققه القوة بالفعل في ضوء الظروف على الأرض.

«قوة الساحل».. دوافع

تحديات المجموعة 

أولت المجموعة اهتمامها باستعادة سلطة الدولة، والتغلب على أزمات المنطقة، ممثلة في مساعدة النازحين للعودة مرة أخرى، والإسهام في العمليات الإنسانية، والمساعدة في تنفيذ مشروعات التنمية، وعلى الرغم من أن دول مجموعة الخمس غالبًا ما تؤكد التنمية باعتبارها ضرورية للأمن، فإن الدول الأوروبية دفعت المجموعة نحو التركيز الصارم على التعاون الأمني لمكافحة الإرهاب، وعلى رأسها جماعة بوكوحرام؛ والتي يعهد إليها السبب الأول في أزمة الأمن بدول الساحل.


تحدي ندرة الأنشطة الاقتصادية

الرقابة المشددة على الحدود غالبًا ما تكون إحدى سياسات المجموعة في تحركها الميداني لمطاردة الإرهاب، إلا أن المجموعة يوجهها عدة تحديات أولها بناء الثقة والتعاون فيما بينها وبين المجتمعات المحلية، إضافة إلى إيجاد بدائل أخرى غير التجارة غير المشروعة للسكان القاطنين عبر الحدود؛ الذي يُمثل مصدرًا لا غنى عنه لإيرادات السكان الفقراء في المناطق النائية عبر الحدود، ومن خلال إيقاف تلك الأنشطة، فإن المجموعة تخاطر بتحويل السكان الذين لا يثقون بهم بالفعل ضدهم.


في هذا السياق، لا يمكن للعمل العسكري وحده مواجهة الإرهاب، وهي بحاجة إلى التنسيق مع أنشطة التنمية التي تعالج مظالم السكان المحليين القديمة، من حيث الفقر والظلم وانعدام الهياكل الأساسية الاجتماعية الأساسية.


تحدي شرعية وصلاحية القوة الشرطية

لايزال الجيش المالي يعاني عجزًا مزمنًا في موارده وقواته، وعلى سبيل المثال، في مايو 2018، فتح جندي من الجيش المالي النار على سوق بإحدى المدن، وقتل ما لا يقل عن 12 مدنيًّا، وأدت هذه الحوادث إلى تدهور شرعية القوة التي يصعب حلها، ما جعل العديد من المراقبين يشيرون إلى إساءة استخدام قوات الأمن، باعتبارها سببًا رئيسيًّا للانضمام للجماعات المتشددة، وتنعكس على مصداقية المجموعة العسكرية التي تعتمد عليها فرنسا ودول أوروبا لمكافحة الإرهاب في المنطقة، والحد من عمليات الهجرة غير المشروعة والإرهاب.


تحدي نقص التمويل 

تتطرق قضية التمويل إلى تحدٍّ أساسي آخر، وهو عجز الموارد المالية والبشرية للجيوش الوطنية في دول الساحل الخمس، فالنيجر ومالي وبوركينا فاسو كلها من أفقر بلدان العالم، ومتطلبات الدفاع لديها أكبر من طاقات كل دولة على حدة، فالنيجر، على سبيل المثال، تضاعف إنفاقها العسكري أربعة أضعاف للتصدي لمنظمة بوكو حرام الإرهابية، في الوقت الذي تدار فيه آثار عدم الاستقرار وتأمين حدودها مع مالي.

«قوة الساحل».. دوافع

وفي يونيو 2017، رفضت الولايات المتحدة وبريطانيا، اقتراح فرنسا المقدم إلى مجلس الأمن بمنح تفويض للمجموعة، والذي كان سيسمح باستخدام القوة والإسهامات المالية المضمونة في قرار مجلس الأمن.


وبالتالي، تعتمد القوة الآن بالكامل على التعهدات والتبرعات الفردية، ورغم أن تعهدات المانحين استوفت تقريبًا الميزانية الأولية البالغة 423 مليون يورو، فقد تأخرت المدفوعات، ولم يتم حل مسألة تمويل التكاليف التشغيلية.


ومع تعدد آليات الدعم والتمويل المقدمة من المانحين، قام الاتحاد الأوروبي بتنسيق عروض المانحين المتوافقة مع قائمة معترف بها من الاحتياجات، ولكن وقت إصدار هذا التقرير لاتزال مسألة الإنفاق تسبب تأخيرات في التدريب وتسليم المعدات.


وبعبارة أخرى، لكي يصبح JF-G5S عاملًا يجب على شركائه الدوليين زيادة الدعم المالي واللوجستي المستدام له مع ضمان تطوير وتنفيذ آليات المساءلة، وأطر حقوق الإنسان بشكل ملائم.


ومع ذلك، فإن المجموعة وحدها لا يمكنها حل الأسباب الجذرية للتحديات الأمنية طويلة الأمد التي تكمن في ديناميكيات الصراع التاريخية، وهذا يتطلب أن تقوم دول مجموعة الخمس وشركاؤها بتحديد أولويات الأمن البشري وأنشطة التنمية المستهدفة في المناطق النائية والمهملة عبر الحدود.

"