المقاتلون الأجانب.. «صيد ثمين» لمحاربة التنظيمات الإرهابية

في أول ظهور لكواليس قصة «براينت نيل فيناس»، أول أمريكي يتم تجنيده في القاعدة بعد أحداث 11 سبتمبر، بدأت مطالبات بالنظر في تفاصيل رحلته للانضمام إلى صفوف التنظيم، كبداية دراسة لظاهرة «المقاتلين الأجانب».
يقول ميتشل سيلبر، الذي أشرف على التحليل والتحقيق في قضية فيناس، بقسم الاستخبارات في شرطة نيويورك، في مقال نشره مركز مكافحة الإرهاب «ويست بوينت»، إن قصة «فيناس» يمكن أن تكون بداية دراسة قضية انضمام المقاتلين الغربيين للتنظيمات الإرهابية، فيما يعرف بـ«المقاتلين الأجانب».
«يحدونا الأمل في أن توفر دراسة الحالة هذه رؤى وفهمًا للقضية المستمرة للمقاتلين الأجانب الغربيين. خلال الفترة التي قضاها في المنطقة الحدودية الأفغانية الباكستانية بين عامي 2007-2008 ، اتصل فيناس بمجموعة متنوعة من الجماعات الجهادية» بحسب المقال.

ويعتقد أن قادة تنظيم القاعدة، أعادوا تجميع أنفسهم بعد 11 سبتمبر، في المناطق القبلية في باكستان، وهي كانت المحطة الأهم في رحلة «فيناس».
وما بين عام 2001، و2018، يرى كاتب المقال، أن الأهمية والفائدة التي تكمن في تحليل قصة «فيناس»، أنه كان نذيرًا مبكرًا لموجة الغربيين، بمن فيهم الأمريكيون ، الذين سيتم جذبهم لاحقًا إلى مجموعة واسعة من الحركات والجهاديين في الخارج.
دراسة ظاهرة «فيناس» مهمة لأنها تمثل حياة جندي في الجيش الجهادي بتنظيم القاعدة، وكشفت عن مصطلح جديد «المقاتل الأجنبي» الذي لم يكن موجودًا، والتواصل كان شخصيًا بدلاً من الاتصالات المشفرة، وكان تنظيم القاعدة هو المجموعة الجهادية العالمية الوحيدة.
وتوجد اختلافات كثيرة بين طريقة عمل تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، فيما يتعلق بالدعاية والتواصل مع المجندين، أو آلية التجنيد في حد ذاتها.
ويقول كاتب المقال، إن القضية مهمة للتحليل لأن «فيناس» كان قادرًا على الانضمام إلى تنظيم القاعدة، وتلقي التدريب شبه العسكري، والتعرف على أعضاء الحرم الداخلي للمنظمة، والمشاركة في الهجمات على القوات الأمريكية في أفغانستان، وحتى مناقشة مؤامرات إرهابية ضد مدينة نيويورك.
وأكد ميتشل سيلبر، أنه خلال فترة سفر «فيناس» وعودته إلى السجن، قدم رؤى نقدية وذكاء التكتيكي حول عمليات القاعدة، حتى تحول «فيناس» من عضو بالتنظيم إلى أداة مدمرة للقاعدة «تدمير الفكرة الأساسية».

ويقول ميتشل سيلبر، قصة «فيناس» مفيدة للغاية حتى مع انخفاض موجة المتطوعين الغربيين الذين يسعون للقتال في الخارج مع تنظيم القاعدة، ومؤخرًا داعش.
ويشير كاتب المقال إلى أنه مع تراجع أداء تنظيم القاعدة، وفقدانها جاذبية الانضمام لها، هناك أراضٍ أخرى يمكنها استيعاب مقاتلين خاصة إن كانوا متدربين.
لسوء الحظ، أثبت التاريخ الحديث أن ملاذًا إرهابيًا آمنًا في منطقة غير خاضعة لسيطرة الدولة يفقد جاذبيته كوجهة للمقاتلين الأجانب الغربيين، لكنَّ هناك موقعًا آخر ومجالًا جديدًا للجهاد؛ للمحاربين المتمرسين، هذا هو التاريخ الحديث مع أفغانستان وباكستان والصومال واليمن والعراق وسوريا" بحسب سيلبر.
كان فيناس مرتبطًا بتسلسل تنظيم القاعدة على الرغم من عدم امتلاكه مزايا العديد ممن انضموا لاحقًا إلى داعش، وأن هؤلاء المجندين في وقت لاحق «الغربيين»، كانوا على اتصال بالفعل مع المتطرفين في «الخلافة» قبل السفر إلى سوريا والعراق واستفادوا من خط الأنابيب عبر تركيا.
وتابع كاتب المقال، كانت هناك حياة بشكل عام في جماعة إرهابية، وجدها «فيناس» مملة، لكن القدر وضعه في مواقع فريدة مع وصول مفاجئ، وقصته تشبه قصص الغربيين الذين سافروا إلى سوريا ووجدوا أنفسهم في بيت الضيافة أو دار الضيافة أو هذا الجزء أو ذلك الجزء على أساس مجموعة عشوائية من اللقاءات، بحسب ما رواه فيناس نفسه عن رحلته مع القاعدة.
يقول سيلبر، إن هناك تفاهمًا متطورًا بين وكالات الاستخبارات ووكالات تطبيق القانون الغربية التي تقول إن «تسرب» الإرهابيين أو الغربيين الذين تم القبض عليهم مؤخرًا يمكن أن يكونوا كنزًا من المعلومات الاستخبارية العملياتية التي يمكن أن تساعد، إذا استخدمت في الوقت المناسب، على تدمير منظمة إرهابية في الخارج، وإن تقديم حوافز للتعاون يمكن أن يكون ذا قيمة بالنسبة للمقاتلين الأجانب العائدين والوكالات المسؤولة عن إحباط الهجمات الإرهابية في المستقبل" بحسب المقال.